ﺩﻭﺭ ﺍﺳﺮﺍﺉﻳﻞ ﻓﻲ ﺗﻔﺘﻴﺖ ﺍﻟﻮﻃﻦ العربي
.
الكتاب
الذي بين أيدينا ليس الكتاب الأول للدكتور أحمد سعيد نوفل، الأستاذ في قسم
العلوم السياسية بجامعة اليرموك في الأردن ، فقد نُشرت له دراسات حول
"الوطن العربي والتحديات المعاصرة"، و"مصر والحل السياسي وآثاره"، و"مستقبل
قضية القدس من المنظور الإسرائيلي"، وغيرها.
وهذا
الكتاب يحاول أن يثبت من خلال دراسة أكاديمية موثقة خطورة المشروع
الصهيوني، وأنها تتعدى فلسطين لتمسّ الأمن القومي للبلدان العربية، وأن
المشروع الصهيوني غير معني فقط بإنشاء دولة يهودية في فلسطين، وإنما يُعنى
أيضاً بإضعاف العالم العربي وتمزيقه وتجزئته وإبقائه في دائرة التبعية
والتخلف.
ينقسم
الكتاب إلى أربعة فصول، يتحدث الفصل الأول عن المطامع الصهيونية في تمزيق
العالم العربي، وهو يربطها بالمصالح الاستعمارية الغربية ، إذ إن توحيد
اليهود في دولة واحدة ومضمونة البقاء، لا يتحقق إلا بتمزيق المحيط العربي
والإسلامي في دويلات مجزأة.
المشروع الصهيوني :
ويعود
المؤلف إلى الخلفيات التاريخية للمشروع الصهيوني في فلسطين ويربط ذلك
بالخلفيات الدينية والثقافية والإستراتيجية والسياسية الغربية ، وخصوصاً
الفرنسية والبريطانية.
ويشير
إلى دعوة نابليون بونابرت سنة 1799 لليهود بالعودة إلى فلسطين، وكيف تطور
الاهتمام البريطاني بفلسطين من مواجهة محمد علي ومشاريعه للوحدة في الفترة
1831-1840، إلى وثيقة كامبل بنرمان سنة 1907 التي تحدثت عن إنشاء حاجز بشري
قوي وغريب في المنطقة التي تربط آسيا بأفريقيا، بحيث يكون معادياً لأهل
المنطقة، ومعتمداً على الغرب ، وصولاً إلى وعد بلفور سنة 1917 بإنشاء وطن
قومي لليهود في فلسطين.
ثم يتحدث عن خلفيات الدعم الأميركي للكيان الإسرائيلي إلى حد التطابق الإستراتيجي في المخططات والمشاريع بينهما.
ويعرض
المشروع الخطير الذي اقترحه المؤرخ الصهيوني الأميركي الشهير برنارد لويس
ونشرته مجلة "إكسكيوتف إنتلجنت ريسرش بروجكت" (التي تصدرها وزارة الدفاع
الأميركية) في يونيو/حزيران سنة 2003، والتي اقترح فيها تقسيم الشرق
الأوسط إلى أكثر من ثلاثين دويلة إثنية ومذهبية لحماية المصالح الأميركية
وإسرائيل.
ويتضمن
المخطط تجزئة العراق إلى ثلاث دويلات، وإيران إلى أربع، وسوريا إلى ثلاث،
والأردن إلى دويلتين، ولبنان إلى خمس دويلات، وتجزئة السعودية إلى دويلات
عدة... إلخ.
ويرى
برنارد لويس أن كل الكيانات ستشلّها الخلافات الطائفية والمذهبية، والصراع
على النفط والمياه والحدود والحكم، وهذا ما سيضمن تفوّق إسرائيل في
الخمسين سنة القادمة على الأقل.
وتوقف
المؤلف عند الرؤية الصهيونية الإسرائيلية للعرب التي تأثرت بفلسفات التفوق
العرقي، حيث تم تصوير الإنسان اليهودي الأوروبي بأنه "متفوق" على العربي
"المتخلف"، وأنه متحضر قياساً بالعربي "المتوحش"، حتى إن هرتزل ذكر أن
"قيام دولة صهيونية في فلسطين، يشكل عنصراً أساسياً ومهماً من عناصر مواجهة
الروح الوحشية بأشكالها المختلفة السائدة في آسيا ومقاومتها".
وتناول الأدبيات اليهودية الموجودة في التوراة المحرفة والتلمود التي تتحدث عن التفوق والتميز اليهودي، وعن احتقار الآخرين.
وكيف
أن الصهيونية تعدُّ العربي ممثلاً للأغيار (الغوييم أو غير اليهود) الذين
وُصفوا في الأدبيات الصهيونية بأنهم "ذئاب، قتلة، متربصون باليهود، معادون
أزليون للسامية".
ويتتبع
المؤلف الطروحات الصهيونية حول العرب بعد إنشاء الكيان الإسرائيلي وكيف
يعكسها الإعلام الإسرائيلي ومناهج التعليم في المدارس.
ويذكر
مثلاً دراسة أجراها دانيال بارتال الأستاذ في جامعة تل أبيب وشملت 124
كتاباً مدرسياً، حيث وجد وصف العربي بأنه "قاسٍ، ظالم، مخادع، جبان، كاذب،
متلوّن، خائن، طماع، لص، مخرّب، قاتل..".
ولاحظ المؤلف أن هذه النظرة لم تتغير حتى بعد أن دخلت إسرائيل في عملية التسوية مع مصر والأردن ومنظمة التحرير الفلسطينية.
الموقف الصهيوني من الأقليات في الوطن العربي :
يناقش المؤلف في الفصل الثاني موقف "إسرائيل" والحركة الصهيونية من الأقليات في الوطن العربي.
حيث سعت "إسرائيل" إلى تضخيم مشكلة الأقليات العرقية والدينية واستغلالها ضد أي مشروع وحدوي، وحضّها على التمرد والانفصال.
وحسب
المؤلف فإن العرب يشكلون 88% من سكان العالم العربي، أما الأقليات الأخرى
فتتوزع على الأكراد والبربر والزنوج والتركمان، وهناك أقليات دينية مسيحية
ويهودية.
ويذكر
المؤلف أن 91% من سكان العالم العربي من المسلمين (84% منهم من السُنّة)،
و5% من مجمل السكان من العرب المسيحيين ، ويلاحظ أن الجميع يتحدث العربية
ويشعر بانتمائه الحضاري والثقافي للمنطقة.
وتُظهر
الكثير من الأقوال والكتابات والدراسات الإسرائيلية أن الموقف الصهيوني من
الأقليات في الوطن العربي مبني على أساس "شد الأطراف ثم بترها"، بمعنى مد
جسور العلاقة مع الأقليات، ثم جذبها خارج النطاق الوطني، ثم تشجيعها على
الانفصال.
كما أشار إلى دراسة إستراتيجية مهمة وضعها عوديد ينون، وقدّمها لوزارتي الخارجية والدفاع الإسرائيليتين، ونشرت في فبراير 1982.
ويرى
ينون أن اتفاق كامب ديفد مع مصر كان "خطيئة ارتكبتها إسرائيل"، وقال : إن
إصلاح ما تسبب فيه الاتفاق من ضرر لإسرائيل يأتي من خلال السعي الحثيث
لتجزئة مصر إلى أربع دويلات: قبطية في الشمال وعاصمتها الإسكندرية، ونوبية
عاصمتها أسوان في الجنوب، ومسلمة عاصمتها القاهرة، ورابعة تحت النفوذ
الإسرائيلي.
وتحدث
ينون عن تقسيم لبنان إلى سبعة كانتونات، والسودان إلى ثلاثة، وسوريا إلى
أربعة ، ودعا إلى تفتيت العراق لأن قوته تشكل على المدى القصير خطراً أكبر
من أي خطر على إسرائيل ، كما تحدث ينون عن تفتيت الخليج، وإذابة الأردن.
وفي عام 1985 صدر كتاب عن رئاسة أركان الجيش الإسرائيلي، يتضمن المخططات نفسها التي جاءت في دراسة ينون.
وتحدث
المؤلف عن المساعي الإسرائيلية في ضرب العراق وتفتيته، ودورها في تشجيع
ومساندة أميركا في التخطيط وفي الهجوم على العراق وإسقاط نظام الحاكم في
ربيع 2003.
ثم يعود ليستعرض بشكل أكثر تفصيلاً المشاريع الإسرائيلية لتفتيت سوريا ولبنان والجزائر والسودان والخليج العربي.
الحركة الصهيونية والوحدة العربية:
يناقش
المؤلف في الفصل الثالث موقف الحركة الصهيونية وإسرائيل من الوحدة العربية
، ويذكر أن الفكر الصهيوني القائم على إنشاء دولة إسرائيل الكبرى ذات
الهوية اليهودية النقية يستلزم بقاءها الأقوى والمتفوق حضارياً في المنطقة،
ويستلزم إعادة تعريف المنطقة العربية، وتقديم مشروع الوحدة العربية
باعتباره مشروعاً يستهدف إبادة غير العرب على الأراضي التي تسكنها الشعوب
العربية.
ونبّه
المؤلف إلى أن الموقف الصهيوني الإسرائيلي من الوحدة العربية يتلاقى
عضوياً مع الاستعمار الغربي، ويتسم بخلفية دينية تؤمن بالتفوق اليهودي على
الجانب العربي، كما ينبع من اعتقاد إسرائيل بخطورة مشروع الوحدة العربية
على وجودها واستمرارها.
ويستعرض المؤلف موقف إسرائيل من الوحدة بين مصر وسوريا 1958-1961، وشعورها بالخطر عليها بسبب ذلك.
ويلاحظ المؤلف أن موقف إسرائيل من العرب في مرحلة التسوية لم يتغير، وأنها غير مؤهلة ولا مستعدة لتغيير موقفها.
وأن
مفهوم إسرائيل للتسوية يستند أساساً إلى ضمان أمنها، وبناء علاقات طبيعية
مع الدول العربية، مع حرمان الفلسطينيين من معظم أرضهم وحقوقهم، بما في ذلك
حقهم في العودة إلى الأرض التي طردوا منها سنة 1948.
كما
ينبه المؤلف إلى أن إسرائيل لم تغير إستراتيجيتها في ضمان التفوق العسكري
وهزيمة الدول العربية مجتمعة في أي حرب محتملة، وامتلاكها للسلاح النووي،
ويشير إلى أنه في سنة 2003 كان معدل الإنفاق العسكري الإسرائيلي بالنسبة
لعدد السكان هو 1499 دولاراً للشخص الواحد، بينما كان 34 دولاراً للشخص
الواحد في مصر، و150 دولاراً في الأردن، و89 دولاراً في سوريا.
ويتحدث المؤلف حول مشروع الشرق الأوسط الكبير، ومحاولات إسرائيل من خلاله اختراق المنطقة، وتذويب هويتها، والهيمنة الاقتصادية عليها.
القدرات العربية في مواجهة المشروع الصهيوني :
يشرح
المؤلف في الفصل الرابع الإمكانات والقدرات العربية التي تؤهلها لمواجهة
المشروع الصهيوني الإسرائيلي، ويستعرض القدرات الاقتصادية العربية
والإمكانات البشرية والعسكرية.
ويُفرد
مبحثاً خاصاً حول أهمية فلسطين في الصراع مع الكيان الإسرائيلي، كما يُفرد
مبحثاً آخر حول الرفض العربي للتطبيع مع إسرائيل، ويشير إلى اتساع حملات
مقاطعة البضائع الإسرائيلية والأميركية، وإلى فشل إسرائيل في اختراق
المجتمعات والشعوب العربية.
وأن
القطاعات الشعبية لا تزال تعدُّ إسرائيل عدوها الأكبر والأخطر، ويتوقع
المؤلف أن تستمر حالة العداء هذه ضد إسرائيل لأنها كيان قائم على الظلم
واغتصاب حقوق الآخرين.
ويتميز
كتاب د. نوفل بأنه يجمع بين دفتيه المئات من المعلومات والأدلة الموثقة
حول المواقف والبرامج والأنشطة الصهيونية لتفتيت الوطن العربي.
وربما
يجد المؤلف من يعترض على دراسته بأن المشروع الصهيوني لا يستهدف العرب
وحدهم، وإنما يستهدف المسلمين أيضاً، ومشروع النهضة الإسلامية في المنطقة.
وعلى
أي حال، فيجب ألا يكون في الأمر تعارض لأن العرب بشكل عام هم مسلمون، وهم
المحيط الطبيعي الملاصق لفلسطين والمستهدف أولاً بالتجزئة والإضعاف.
والمؤلف
بشكل عام لا ينكر الخلفيات الدينية لدى الصهاينة، كما لا ينكر مخاطر
المشروع الصهيوني على العالم الإسلامي، لكنه حاول تخصيص بحثه وتركيزه على
المنطقة العربية.
ضع تعليقك :///////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////
.
الذي بين أيدينا ليس الكتاب الأول للدكتور أحمد سعيد نوفل، الأستاذ في قسم
العلوم السياسية بجامعة اليرموك في الأردن ، فقد نُشرت له دراسات حول
"الوطن العربي والتحديات المعاصرة"، و"مصر والحل السياسي وآثاره"، و"مستقبل
قضية القدس من المنظور الإسرائيلي"، وغيرها.
وهذا
الكتاب يحاول أن يثبت من خلال دراسة أكاديمية موثقة خطورة المشروع
الصهيوني، وأنها تتعدى فلسطين لتمسّ الأمن القومي للبلدان العربية، وأن
المشروع الصهيوني غير معني فقط بإنشاء دولة يهودية في فلسطين، وإنما يُعنى
أيضاً بإضعاف العالم العربي وتمزيقه وتجزئته وإبقائه في دائرة التبعية
والتخلف.
ينقسم
الكتاب إلى أربعة فصول، يتحدث الفصل الأول عن المطامع الصهيونية في تمزيق
العالم العربي، وهو يربطها بالمصالح الاستعمارية الغربية ، إذ إن توحيد
اليهود في دولة واحدة ومضمونة البقاء، لا يتحقق إلا بتمزيق المحيط العربي
والإسلامي في دويلات مجزأة.
المشروع الصهيوني :
ويعود
المؤلف إلى الخلفيات التاريخية للمشروع الصهيوني في فلسطين ويربط ذلك
بالخلفيات الدينية والثقافية والإستراتيجية والسياسية الغربية ، وخصوصاً
الفرنسية والبريطانية.
ويشير
إلى دعوة نابليون بونابرت سنة 1799 لليهود بالعودة إلى فلسطين، وكيف تطور
الاهتمام البريطاني بفلسطين من مواجهة محمد علي ومشاريعه للوحدة في الفترة
1831-1840، إلى وثيقة كامبل بنرمان سنة 1907 التي تحدثت عن إنشاء حاجز بشري
قوي وغريب في المنطقة التي تربط آسيا بأفريقيا، بحيث يكون معادياً لأهل
المنطقة، ومعتمداً على الغرب ، وصولاً إلى وعد بلفور سنة 1917 بإنشاء وطن
قومي لليهود في فلسطين.
ثم يتحدث عن خلفيات الدعم الأميركي للكيان الإسرائيلي إلى حد التطابق الإستراتيجي في المخططات والمشاريع بينهما.
ويعرض
المشروع الخطير الذي اقترحه المؤرخ الصهيوني الأميركي الشهير برنارد لويس
ونشرته مجلة "إكسكيوتف إنتلجنت ريسرش بروجكت" (التي تصدرها وزارة الدفاع
الأميركية) في يونيو/حزيران سنة 2003، والتي اقترح فيها تقسيم الشرق
الأوسط إلى أكثر من ثلاثين دويلة إثنية ومذهبية لحماية المصالح الأميركية
وإسرائيل.
ويتضمن
المخطط تجزئة العراق إلى ثلاث دويلات، وإيران إلى أربع، وسوريا إلى ثلاث،
والأردن إلى دويلتين، ولبنان إلى خمس دويلات، وتجزئة السعودية إلى دويلات
عدة... إلخ.
ويرى
برنارد لويس أن كل الكيانات ستشلّها الخلافات الطائفية والمذهبية، والصراع
على النفط والمياه والحدود والحكم، وهذا ما سيضمن تفوّق إسرائيل في
الخمسين سنة القادمة على الأقل.
وتوقف
المؤلف عند الرؤية الصهيونية الإسرائيلية للعرب التي تأثرت بفلسفات التفوق
العرقي، حيث تم تصوير الإنسان اليهودي الأوروبي بأنه "متفوق" على العربي
"المتخلف"، وأنه متحضر قياساً بالعربي "المتوحش"، حتى إن هرتزل ذكر أن
"قيام دولة صهيونية في فلسطين، يشكل عنصراً أساسياً ومهماً من عناصر مواجهة
الروح الوحشية بأشكالها المختلفة السائدة في آسيا ومقاومتها".
وتناول الأدبيات اليهودية الموجودة في التوراة المحرفة والتلمود التي تتحدث عن التفوق والتميز اليهودي، وعن احتقار الآخرين.
وكيف
أن الصهيونية تعدُّ العربي ممثلاً للأغيار (الغوييم أو غير اليهود) الذين
وُصفوا في الأدبيات الصهيونية بأنهم "ذئاب، قتلة، متربصون باليهود، معادون
أزليون للسامية".
ويتتبع
المؤلف الطروحات الصهيونية حول العرب بعد إنشاء الكيان الإسرائيلي وكيف
يعكسها الإعلام الإسرائيلي ومناهج التعليم في المدارس.
ويذكر
مثلاً دراسة أجراها دانيال بارتال الأستاذ في جامعة تل أبيب وشملت 124
كتاباً مدرسياً، حيث وجد وصف العربي بأنه "قاسٍ، ظالم، مخادع، جبان، كاذب،
متلوّن، خائن، طماع، لص، مخرّب، قاتل..".
ولاحظ المؤلف أن هذه النظرة لم تتغير حتى بعد أن دخلت إسرائيل في عملية التسوية مع مصر والأردن ومنظمة التحرير الفلسطينية.
الموقف الصهيوني من الأقليات في الوطن العربي :
يناقش المؤلف في الفصل الثاني موقف "إسرائيل" والحركة الصهيونية من الأقليات في الوطن العربي.
حيث سعت "إسرائيل" إلى تضخيم مشكلة الأقليات العرقية والدينية واستغلالها ضد أي مشروع وحدوي، وحضّها على التمرد والانفصال.
وحسب
المؤلف فإن العرب يشكلون 88% من سكان العالم العربي، أما الأقليات الأخرى
فتتوزع على الأكراد والبربر والزنوج والتركمان، وهناك أقليات دينية مسيحية
ويهودية.
ويذكر
المؤلف أن 91% من سكان العالم العربي من المسلمين (84% منهم من السُنّة)،
و5% من مجمل السكان من العرب المسيحيين ، ويلاحظ أن الجميع يتحدث العربية
ويشعر بانتمائه الحضاري والثقافي للمنطقة.
وتُظهر
الكثير من الأقوال والكتابات والدراسات الإسرائيلية أن الموقف الصهيوني من
الأقليات في الوطن العربي مبني على أساس "شد الأطراف ثم بترها"، بمعنى مد
جسور العلاقة مع الأقليات، ثم جذبها خارج النطاق الوطني، ثم تشجيعها على
الانفصال.
كما أشار إلى دراسة إستراتيجية مهمة وضعها عوديد ينون، وقدّمها لوزارتي الخارجية والدفاع الإسرائيليتين، ونشرت في فبراير 1982.
ويرى
ينون أن اتفاق كامب ديفد مع مصر كان "خطيئة ارتكبتها إسرائيل"، وقال : إن
إصلاح ما تسبب فيه الاتفاق من ضرر لإسرائيل يأتي من خلال السعي الحثيث
لتجزئة مصر إلى أربع دويلات: قبطية في الشمال وعاصمتها الإسكندرية، ونوبية
عاصمتها أسوان في الجنوب، ومسلمة عاصمتها القاهرة، ورابعة تحت النفوذ
الإسرائيلي.
وتحدث
ينون عن تقسيم لبنان إلى سبعة كانتونات، والسودان إلى ثلاثة، وسوريا إلى
أربعة ، ودعا إلى تفتيت العراق لأن قوته تشكل على المدى القصير خطراً أكبر
من أي خطر على إسرائيل ، كما تحدث ينون عن تفتيت الخليج، وإذابة الأردن.
وفي عام 1985 صدر كتاب عن رئاسة أركان الجيش الإسرائيلي، يتضمن المخططات نفسها التي جاءت في دراسة ينون.
وتحدث
المؤلف عن المساعي الإسرائيلية في ضرب العراق وتفتيته، ودورها في تشجيع
ومساندة أميركا في التخطيط وفي الهجوم على العراق وإسقاط نظام الحاكم في
ربيع 2003.
ثم يعود ليستعرض بشكل أكثر تفصيلاً المشاريع الإسرائيلية لتفتيت سوريا ولبنان والجزائر والسودان والخليج العربي.
الحركة الصهيونية والوحدة العربية:
يناقش
المؤلف في الفصل الثالث موقف الحركة الصهيونية وإسرائيل من الوحدة العربية
، ويذكر أن الفكر الصهيوني القائم على إنشاء دولة إسرائيل الكبرى ذات
الهوية اليهودية النقية يستلزم بقاءها الأقوى والمتفوق حضارياً في المنطقة،
ويستلزم إعادة تعريف المنطقة العربية، وتقديم مشروع الوحدة العربية
باعتباره مشروعاً يستهدف إبادة غير العرب على الأراضي التي تسكنها الشعوب
العربية.
ونبّه
المؤلف إلى أن الموقف الصهيوني الإسرائيلي من الوحدة العربية يتلاقى
عضوياً مع الاستعمار الغربي، ويتسم بخلفية دينية تؤمن بالتفوق اليهودي على
الجانب العربي، كما ينبع من اعتقاد إسرائيل بخطورة مشروع الوحدة العربية
على وجودها واستمرارها.
ويستعرض المؤلف موقف إسرائيل من الوحدة بين مصر وسوريا 1958-1961، وشعورها بالخطر عليها بسبب ذلك.
ويلاحظ المؤلف أن موقف إسرائيل من العرب في مرحلة التسوية لم يتغير، وأنها غير مؤهلة ولا مستعدة لتغيير موقفها.
وأن
مفهوم إسرائيل للتسوية يستند أساساً إلى ضمان أمنها، وبناء علاقات طبيعية
مع الدول العربية، مع حرمان الفلسطينيين من معظم أرضهم وحقوقهم، بما في ذلك
حقهم في العودة إلى الأرض التي طردوا منها سنة 1948.
كما
ينبه المؤلف إلى أن إسرائيل لم تغير إستراتيجيتها في ضمان التفوق العسكري
وهزيمة الدول العربية مجتمعة في أي حرب محتملة، وامتلاكها للسلاح النووي،
ويشير إلى أنه في سنة 2003 كان معدل الإنفاق العسكري الإسرائيلي بالنسبة
لعدد السكان هو 1499 دولاراً للشخص الواحد، بينما كان 34 دولاراً للشخص
الواحد في مصر، و150 دولاراً في الأردن، و89 دولاراً في سوريا.
ويتحدث المؤلف حول مشروع الشرق الأوسط الكبير، ومحاولات إسرائيل من خلاله اختراق المنطقة، وتذويب هويتها، والهيمنة الاقتصادية عليها.
القدرات العربية في مواجهة المشروع الصهيوني :
يشرح
المؤلف في الفصل الرابع الإمكانات والقدرات العربية التي تؤهلها لمواجهة
المشروع الصهيوني الإسرائيلي، ويستعرض القدرات الاقتصادية العربية
والإمكانات البشرية والعسكرية.
ويُفرد
مبحثاً خاصاً حول أهمية فلسطين في الصراع مع الكيان الإسرائيلي، كما يُفرد
مبحثاً آخر حول الرفض العربي للتطبيع مع إسرائيل، ويشير إلى اتساع حملات
مقاطعة البضائع الإسرائيلية والأميركية، وإلى فشل إسرائيل في اختراق
المجتمعات والشعوب العربية.
وأن
القطاعات الشعبية لا تزال تعدُّ إسرائيل عدوها الأكبر والأخطر، ويتوقع
المؤلف أن تستمر حالة العداء هذه ضد إسرائيل لأنها كيان قائم على الظلم
واغتصاب حقوق الآخرين.
ويتميز
كتاب د. نوفل بأنه يجمع بين دفتيه المئات من المعلومات والأدلة الموثقة
حول المواقف والبرامج والأنشطة الصهيونية لتفتيت الوطن العربي.
وربما
يجد المؤلف من يعترض على دراسته بأن المشروع الصهيوني لا يستهدف العرب
وحدهم، وإنما يستهدف المسلمين أيضاً، ومشروع النهضة الإسلامية في المنطقة.
وعلى
أي حال، فيجب ألا يكون في الأمر تعارض لأن العرب بشكل عام هم مسلمون، وهم
المحيط الطبيعي الملاصق لفلسطين والمستهدف أولاً بالتجزئة والإضعاف.
والمؤلف
بشكل عام لا ينكر الخلفيات الدينية لدى الصهاينة، كما لا ينكر مخاطر
المشروع الصهيوني على العالم الإسلامي، لكنه حاول تخصيص بحثه وتركيزه على
المنطقة العربية.
ضع تعليقك :///////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////