سلسلة المعجزات
.
سلسلـــة المعـــجزات
هارون يحيى
استانبول - فبراير 2003
محتويات الكتاب
المدخـل
الباب الأول
أمثلة على المعجزات الموجودة في خلق الكون
النظام الدقيق الحاصل نتيجة الانفجار الكبير
المقياس المعجز لسرعة تمدد الكون
المسافات الفاصلة بين الأجرام السماوية
التكون المعجز لعنصر الكربون
المقياس الحساس لقوة جاذبية الأرض
التوازن المعجز بين القوى الكونية المختلفة
الانسجام المعجز بين الإلكترون والبروتون
الاحتمال المحير للعقول
الباب الثاني
المجموعة الشمسية والموازين الاعجازية في خلق الأرض
موقع المجموعة الشمسية من المجرة
الموازين الدقيقة للمجموعة الشمسية
التوازن الموجود في كوكب الأرض
الفاصلات المنتظمة لحرارة اليابسة
النسب المثالية للغلاف الجوي
كثافة الهواء
معجزة الضوء المرئي
الانسجام المعجز بين ضوء الشمس وبين عملية التركيب الضوئي
الانسجام المعجز بين العين وبين ضوء الشمس
الخاصية الانتقائية المدهشة للغلاف الجوي
الموازين الدّقيقة لخواص الماء الفيزيائية
خاصية الشد السطحي للماء وجدت لتلائم الحياة
معجزة الماء الكيمياوية
درجة انسيابية الماء موضوعة بمعيار معين
الحدود الحرارية اللازمة لتكوين الروابط الذرية المهمة للحياة هي
نفسها الحدود الحرارية لكوكب الأرض
عامل الذوبان للأوكسجين وقيمته المثلى واللاّزمة للحياة
البــاب الثّــالث
أمثلة على معجزة الخلق في الكائنات الحية
لا يمكن للمصادفة أن تخلق أبسط كائن حي
استحالة ظهور اللبنات الأساسية للحياة مصادفة
لا يمكن تفسير كون كل البروتينات الموجودة
في جسم الكائن الحي عسراء عن طريق المصادفة
الظهور الفجائي والإعجازي للأحياء على وجه البسيطة
التصميم المعجز للحامض النوّوي DNA
سرّ التخصص لدى الخلايا
المنطقية في سلوك البكتيريا
الخاتمة
خديعـة التطور
المدخـــل
توجد قوانين وموازين ومقاييس وتوازنات لا يمكن عدها تحكم كوكبنا الذي نعيش عليه وتحكم المجموعة الشمسية التي ننتمي إليها والمجرة التي نتبعها وحتى الكون برمّته، وكلّ هذه القوانين والموازين والمقاييس والتوازنات وجدت وأعدت بشكل خاص لتأمين إمكانية لحياة الإنسان واستمرارها بشكل معجز.
وعندما نتفحص الكون عن كثب ندرك أن القوانين الكونية الأساسية والمقاييس الفيزيائية الحسّاسة وحتى أصغر الكميات وأدقها الموجودة في الكون قد قيست ووضعت في موضعها المناسب وفق ميزان دقيق للغاية. والمحير في هذه القوانين أنها موضوعة وموزونة في الكون كي تؤدي دورها في وجود الإنسان ككينونة ثابتة في الوجود .
فهذه القوانين الكونية مثل سرعة تمدد الكون وموقع كوكبنا في مجرة درب التبّانة ونوع الضوء القادم من الشمس وحتى درجة انسيابية الماء ومقدارها والمسافة التي تفصل القمر عن كوكبنا وكذلك مكونات الغلاف الجوي ونسبها والعديد العديد من القوانين الأخرى كلها عوامل وجدت ووضعت وفق معايير تناسب حياة الإنسان، و أي خلل في أحد هذه القوانين مهما كان ضئيلا يعني استحالة وجود الحياة.
ومن الاستحالة أن يكون أحد هذه القوانين شكلا ومعيارا قد وجد بمحض المصادفة، وكون هذه الآلاف من القوانين قد وجدت حسب معايير معينة لكل منها على حدة يعني أننا بصدد معجزة لاشك فيها ولا يمكن للعقل الإنساني استيعابها.
ويمكن اعتبار كافة العوامل التي تسهل حياة الإنسان في الكون معجزات الواحدة تلو الأخرى، وهذه العوامل التي تعد بالملايين لو وضعت إلى جانب بعضها لشكلت بمجموعها سلسلة لا تنتهي من المعجزات. والمعجزة هي دليل على وجود شيء من قبل الله سبحانه وتعالى، والكون بكل جزء من أجزائه يعتبر دليلا قاطعا على كونه تحفة فنية رائعة خلقها الله الذي لا حدّ لعلمه ولقدرته .
إن المعطيات والحقائق التي تم التوصل إليها في السنوات الأخيرة أثبتت أن أي خلل في الموازين الثابتة التي تحكم الكون يجعل وجود الحياة ومن ضمنها حياة الإنسان مستحيلة، وكان يمكن لهذه الموازين الثابتة أن تحمل معايير مختلفة لا يمكن عدها، إلا أن هذه الثوابت الفيزيائية { الموازين الثابتة } وإن أظهرت تأثيرها كل على حدة إلا أنّ عملها كمجموع يشكل البناء الملائم لوجود حياة الإنسان، ولا يمكن بأي حال من الأحوال تفسير هذه الحقيقة إلا بكلمة ‘’المعجزة’’ .
وكلمة المعجزة تعني حدوث أمر ما يعتبر حدوثه مستحيلا تحت الظروف العادية ومن تلقاء ذاته، ولو ألقينا نظرة على أي قانون فيزيائي أو معيار كوني أو ثابت كوني لأدركنا استحالة تشكله أو امتلاكه للقيمة الصحيحة المناسبة بمحض مصادفة أو من تلقاء ذاته، تنطق وتشهد بأن الله سبحانه خلقها بقدرته اللامتناهية .
وتركزت الأبحاث العلمية في السنوات الأخيرة على هذه الحقائق من قبل علماء الكون والفيزياء النظرية، وتوصلت هذه الأبحاث إلى حقيقة كون الثوابت والمعايير الكونية سببا لاستمرار الحياة، وهذه النتيجة محيرة للعقول حتى أن العلماء أطلقوا على هذه الحقيقة ‘’ المعيار الدقيق Fine Tuning ‘’ ، واستطاع العلماء استقصاء أثر أمثلة عديدة لهذا المقياس الدقيق حتى أنهم وهذا يعني أن هنالك معجزة ماثلة أمام الأعين، وهنالك معجزة في كل ناحية من نواحي الكون توصلوا إلى قياسها بشكل محكم، وقد عبر العديد من العلماء والباحثين عن هذه الحقيقة الكونية المدهشة والمحيرة للعقول كما يأتي:
يقول البروفيسور جون أوكيف Prof. John Okeefe الباحث الفضائي في وكالة ناسا الأمريكية :
‘’عندما نأخذ المعايير الفلكية القياسية بعين الاعتبار نجد أنفسنا أمام مجموعة كبيرة من البشر تعيش تحت رعاية ورحمة قوة خفية ... ولو لم يكن الكون قد خلق بهذه الصورة الدقيقة المقاييس لما وجدنا أصلا على قيد الحياة، وبنظري إن هذه الحقائق والمعايير الكونية الحالية تثبت أنها وجدت كي تسهل حياة الإنسان ووجوده في الكون’’ 1.
ويقول البروفيسور جورج.ف.أليس Prof. George F.Ellis البريطاني الأخصائي بالفيزياء الفلكية :
‘’يمكننا أن نكتشف المقياس والمعيار الدقيق الذي يحكم هذا الكون المعقد التركيب والشاسع الذي يثير الدهشة في أذهاننا، وإن هذا المعيار الدقيق الموجود في الكون يجعل من تجنب كلمة ‘’المعجزة’’ أمرا صعبا للغاية’’ 2.
أما البروفيسور بول ديفيس prof. Paul Davies البريطاني والأخصائي بالفيزياء الفلكية أيضا فيقول :
‘’تبدو القوانين الفيزيائية كنتاج لتخطيط على مستوى عظيم من الذكاء ... و لابد من غاية لوجود الكون’’ 3.
أما الباحث الرياضي البروفيسور روجر ينزو prof. Roger Penrose فقد عبر عن رأيه قائلا :
‘’أود أن أقول صراحة أن للكون هدفا من الوجود، ولا مكان أبدا للخطأ في هذا التكوين’’ 4.
وكل النتائج التي تم التوصل إليها حتى يومنا هذا تشير إلى استحالة حدوث المصادفة في أي مكان أو زمان في الكون، وأن هذا الكون منذ اللحظة الأولى لتكونه وحتى لحظة قراءتنا لهذه السطور يعكس قدرة الله اللامتناهية على الخلق و إنه مخلوق مسخر لخدمة الإنسان ويحمل الآيات العظيمة التي تسوق الإنسان للتأمل والتفكر في عظمة الخالق عز وجل .
إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُون البقرة/164
تناولنا في هذا الكتاب أمثلة عديدة منذ بداية خلق الكون حتى الآن وتحدثنا عن كل ما جرى ويجري في وقتنا الحاضر في أرجاء الكون من معجزات لا عدّ ولا حصر لها، وجمعنا هذه الأمثلة من المعجزات في ثلاثة أبواب هي:
1 المعجزات الموجودة في الكون .
2 المعجزات الموجودة في مجموعتنا الشمسية ومن ضمنها الأرض،
3المعجزات الموجودة في الكائنات الحية .
والهدف من تأليف هذا الكتاب إيراد أمثلة عديدة أمام القارئ للمعجزات المختلفة والتي تدل على عظمة الخالق سبحانه وتعالى وقدرته اللامتناهية، والهدف الأسمى هو جعل الإنسان يفكر ويتأمل في جميع الأشياء حوله و التي تنطق بقدرة الله فاطر السماوات والأرض .
أمثلة على المعجزات الموجودة في خلق الكون
الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا
الفرقان /2
النظام الدقيق الحاصل نتيجة الانفجار الكبير
إنّ الحقيقة المسلّم بها من قبل العلم الحديث هي ظهور الكون نتيجة انفجار عظيم في نقطة معينة وبعده أخذ في التوسع حتى أخذ شكله الحالي، وهذا الانفجار حدث قبل 15 مليار سنة تقريبا، و الفضاء الكوني و المجرات والكواكب والشمس وأرضنا، أو بمعنى آخر كل شيء يتألف منه الكون ظهر إلى الوجود بعد هذا الانفجار الكبير والذي يطلق عليه اسم BIG BANG واللغز المحير في هذا الموضوع يتلخص فـي:
كان من المفروض انتشار الذرات أو الدقائق التي تتألف منها في الفضاء الكوني بصورة اعتباطية بعد حصول الانفجار الكبير، ولكن الذي حدث هو العكس تماما، فقد تشكل كون ذو ترتيب وتنظيم على درجة عالية من الدقة، ويشبّه العلماء انتشار المادة في الكون عشوائيا لتتشكل المجرات والشموس النجوم والمجموعات التابعة لكل منها بكومة من القمح في صومعة ألقيت عليها قنبلة يدوية واستطاعت هذه القنبلة أن تضع القمح في بالات منتظمة الشكل مرصوفة وموضوعة فوق الرفوف وفق ترتيب محدد بل إنّ ترتيب أجزاء الكون أكثر دقة من ترتيب بالات القمح وبصورة غير اعتيادية، ويعبر البروفيسور فريد هوبل prof. Fred Hoyleعن حيرته أمام هذه الظاهرة بالرغم من كونه معارضا لنظرية الانفجار الكبير قائلا :
تؤمن هذه النظرية بأن الكون وجد بعد حدوث انفجار كبير جدا، ومن البديهي أن أي انفجار يؤدي إلى تشتيت المادة إلى أجزاء بصورة غير منتظمة إلا أن الانفجار الكبير أدى إلى حدوث عكس ذلك بصورة غامضة فقد أدى إلى تجمع المواد بعضها مع بعض لتتشكل منها المجرات 5 .
ولا يمكن تفسير حدوث انفجار كبير جدا لمادة الكون ونشوء نظام دقيق ذي ترتيب وتنسيق تام بين أجزائه وعلى درجة كبيرة من الدقة إلا بكلمة المعجزة. ويعبر آلان سانديج Alan Sandge الأخصائي في الفيزياء الفلكية عن هذه الحقيقة قائلا :
‘’أجد من الاستحالة أن ينشأ هذا النظام الدقيق اعتباطا، فكما أن وجود رب هو لغز محير بالنسبة إلي إلاّ أن التفسير الوحيد لمعجزاته هو أنه موجود بالفعل 6 .
والمعجزة الكبرى، كما يعبر عنها العلماء تتمثل في اتحاد الذرات مع بعضها نتيجة الانفجار الكبير لتأخذ أنسب صورة ممكنة مشكلة مع بعضها الكون المتميّز بالدّقة والانتظام والذي يتألف بدوره من ملايين المجرات و هذه المجرات تتشكل من ملايين النّجوم بالإضافة إلى التريليونات من الأجرام السّماوية، فالذي أبدع هذه المعجزات هو الله القادر على كل شيء .
الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا الفرقان / 2 المقياس المعجز لسرعة تمدد الكون
إن سرعة تمدد الكون لها مقدار ثابت لا تحيد عنه ومناسب للشكل الحالي الذي بلغه الكون، فلو كانت هذه السرعة أقل قليلا من هذا المقدار لما استطاعت المجموعات الشمسية أن تتشكل بل لرجعت كسابق عهدها أي مادة منكمشة، ولو كانت هذه السّرعة أكبر قليلا لما استطاعت المادة أن تتوحد لتشكل المجرات والنجوم ولاندثرت وتلاشت في الفضاء الكوني، وفي كلا الحالتين تصبح استحالة وجود الحياة ومن ضمنها حياة الإنسان أمرا واردا، إلا أن الحالتين لم تحدثا طبعا وتمدد الكون بسرعة معينة اعتمادا على المقياس الدقيق آخذا شكله الحالي، ولكن ما مدى دقة هذا المقياس ؟
لقد قام البروفيسور بول ديفيس أستاذ الفيزياء الرياضية في جامعة اديلياد الأسترالية بإجراء أبحاث عديدة للتوصل إلى إجابة عن هذا السؤال وانتهى إلى نتيجة مدهشة وهي أنّ أي تغير في سرعة تمدد الكون مهما كان ضئيلا حتى لو كان بنسبة 1 إلى مليار مليار أو 10/1 قوة 18 لما استطاع الكون أن يظهر إلى الوجود، ويمكننا أن نكتب النسبة المئوية السابقة كما يلي0.000000000000000001 أي أن مجرد حدوث تغيير ولو بهذا المقدار الضئيل جدا جدا يعني عدم إمكانية ظهور الكون. ويعلق البروفيسور على هذه النتيجة قائلا:
‘’إن الحسابات تدل على أنّ الكون يتمدد بسرعة دقيقة للغاية، ولو أبطأ الكون في التمدد قليلا لحدث الانكماش نتيجة قوة الجذب، ولو أسرع قليلا لتشتّتت المادة واندثرت في الفضاء الكوني، وإن التوازن الحاصل بين هذين الاحتمالين الخطيرين يعكس لنا مدى الدقة والحساسية في هذه السرعة، فلو تغيّرت سرعة تمدد الكون بعد الانفجار و لو بمقدار 10/1 قوة 18 لكان ذلك كافيا لإحداث خلل في التوازن، لذلك فإن سرعة تمدد الكون محددة بشكل دقيق إلى درجة مذهلة، ونتيجة لهذه الحقيقة لا يمكن اعتبار الـBIG BANG انفجارا عاديا بل انفجارا منظما ومحسوبا بدقة من كافة النواحي 7.
وتناولت مجلة ‘’العلم’’ SCIENCE المشهورة في مقال لها هذا التوازن الدقيق الذي صاحب بداية نشأة الكون كما يلي:
لو كانت كثافة الكون أكثر قليلا لأصبحت الجسيمات الذرية 1 تجذب بعضها بعضا وبالتالي لا يستطيع الكون أن يتمدد ويرجع منكمشا إلى نقطته الأصلية وفق مبادئ نظرية ‘’النسبيّة العامة’’ لانشتاين. ولو كانت هذه الكثافة أقل قليلا في بداية تشكل الكون لتمدد بسرعة رهيبة ولما استطاعت الدقائق الذرية أن تجذب بعضها بعضا و لانعدمت امكانية نشوء النجوم و المجرات، ومن الطبيعي لما وجدنا نحن على وجه الحياة ! ووفقا للحسابات التي أجريت في هذا المجال فإن الفرق بين كثافة الكون في البداية وكثافته الحرجة أقل من 01^0 مقسوم على كوادريليون ٭٭ ، أي أن هذا الفرق يشبه إيقاف قلم على رأسه المدبب كي يظل واقفا لمدة مليار سنة أو أكثر، إضافة إلى ذلك كلما تمدد الكون ازداد التوازن دقة 8.
أما ستيفين هاوكينج Stephen Hawking الذي اعتبر مدافعا عن نظرية المصادفة في نشوء الكون إلا أنه تحدث في كتابه
‘’ التاريخ القصير للزمن ‘’ عن التوازن الدقيق في سرعة تمدد الكون قائلا: إنّ سرعة تمدد الكون تتسم بالحساسية الفائقة والدقة المتناهية حتى أن هذه السّرعة لو كانت أقل قليلا عند الثانية الأولى من الانفجار الكبير بمقدار 1 إلى مليون مليار لتعرض الكون إلى انكماش واستحال وصوله إلى صورته الحالية 9.
أما آلان جوث Alan Guth الذي يتبنى نظرية ‘’الكون المنتفخ Inflationary universe model’’ فقد تناول مسألة الانفجار الكبير في السنوات السابقة وأجرى حسابات عن التوازن الدقيق في سرعة تمدده وقد توصل إلى نتائج مذهلة للغاية.إذ توصل إلى أن الدقة في سرعة تمدد الكون تصل إلى نسبة 1 إلى 10قوة 55 10.
ولكن ما الذي يظهره لنا هذا التوازن الدقيق المذهل؟ بالطبع لا يمكن تفسير هذه الدقة الفائقة بكلمة المصادفة ويثبت لنا وجود تصميم خارق ومدهش، وبالرّغم من كون بـول ديفيس متبنيا للمادية إلاّ أنه يعترف بهذه الحقيقة قائلا:
‘’من الصعوبة أن نعارض فكرة وجود الكون بشكله الحالي بواسطة قوة عقلية دقيقة خصوصا بهذه الخاصية التي يتميز بها من ناحية الدقة الفائقة تحت أي تغيير عددي مهما بدا ضئيلا وطفيفا ... وإنّ الموازين العددية الحساسة التي تتصف بها الطبيعة في كافة أركانها تعتبر دليلا قويا على أن ثمة تصميم خارق لهذا الوجود 11.
وهكذا يتضح لنا مدى تأثير هذه الأدلة العلمية القاطعة في إقناع بول ديفيس المادي الفكر على أن هذا الكون لابد أن يكون مستندا إلى تخطيط وتصميم خارقين أو بالأحرى أن هناك خالقا له.
المسافات الفاصلة بين الأجرام السماوية
كما هو معلوم فإنّ كوكب الأرض هو جزء من المجموعة الشمسية، وهذه المجموعة تتألف من تسعة كواكب سيارة تدور في فلك حول الشمس، و تعتبر الشمس نجما متوسط الحجم مقارنة بالنجوم الموجودة في الكون، وهذه الكواكب تتبعها أقمار يبلغ عددها أربعة وخمسون قمرا، ويعتبر كوكبنا الأرض الثالث من ناحية بعده عن الشمس. ولنتأمل أولا حجم المجموعة الشّمسية التي ننتمي إليها، فقطر الشمس يبلغ 102 مرة بقدر قطر الأرض، وبتعبير آخر لو قمنا بتصغير الأرض التي يبلغ قطرها12200 كم حتى تبلغ حجم الكرة الزجاجية التي يلعب بها الأطفال عندئذ تكون الشمس بحجم ضعفي كرة القدم، ولكن النقطة الغريبة التي تلفت الانتباه هي المسافة الفاصلة بينهما فلو صغرناها كما صغرنا الحجم لكل منهما عندئذ تصبح المسافة الفاصلة 280 مترا أما الكواكب البعيدة فتصبح على بعد كيلومترات عديدة، ولكن المجموعة الشّمسية و بالرغم من حجمها الهائل فإنها تتواضع أمام حجم مجرة درب التبانة التي تعتبر جزءا منها، لأن هذه المجرة تحتوي على نجوم { شموس} كثيرة ومعظمها أكبر حجما من شمسنا ويربو عددها على 250بليون نجم، وأقرب هذه النجوم إلينا نجم يدعى ‘’ألفا سنتوري’’، ولتوضيح مدى قربه من مجموعتنا نرجع إلى المثال السابق الذي صغرنا فيه الأرض إلى حجم كرة زجاجية صغيرة والشمس تبعد عنها 280مترا عندئذ يكون النجم ‘’ الفاسنتوري’’ على بعد يقدّر بـ 78 ألف كيلومتر من الشمس !
ودعونا نصغر المثال السابق بنسبة أكبر،كأن تصبح الأرض بقدر ذرة غبار تكاد لا ترى بالعين المجردة، عندئذ تصبح الشمس بحجم ثمرة الجوز وتبعد عن الأرض بمسافة 3 أمتار، و نجم الفاسنتوري سيكون في هذه الحالة على بعد 640كم من الشمس، إذن فمجرة درب التبانة تحتوي على 250 بليون نجم تفصل بينهما هذه المسافات الشاسعة جدا، وتقع شمسنا على أحد أطراف هذه المجرة ذات الشكل الحلزوني. والأغرب من ذلك أن حجم هذه المجرة يعتبر صغيرا جدا بالمقارنة مع حجم الكون، فالكون يحتوي على مجرات أخرى يقدر عددها بـ200 بليون مجرة !... أما المسافات الفاصلة بين هذه المجرات فأكبر من المسافة بين الشمس والفاسنتوري بملايين المرات.
والمسافات الفاصلة بين الأجرام السماوية وطريقة انتشارها في الكون تعتبر ملائمة ولازمة لاستمرار الحياة على الأرض فهذه المسافات الفاصلة مرتبة وموجودة بطريقة تتلاءم مع القوى المؤثرة وبالتالي تشكل عاملا ضروريا للحياة على كوكب الأرض، وكذلك تعتبر هذه المسافات الفاصلة عاملا مؤثرا على باقي الكواكب وأفلاكها تأثيرا مباشرا، ولو كانت هذه المسافات أصغر قليلا لأثرت قوى الجذب الهائلة الموجودة بين كتل النجوم المختلفة وبالتالي أدى ذلك إلى إحداث خلخلة في أفلاك الكواكب، وهذه الخلخلة كانت ستؤدي حتما إلى تفاوت كبير في الحرارة، ولو كانت هذه المسافات أكبر قليلا لتشتتت المعادن المنطلقة من النجوم العملاقة ولما نشأت كواكب مثل الأرض. وتعتبر المسافات الكونية الحالية مثالية وملائمة لنشوء مجموعات شمسية كالتي ننتمي إليها .
ويقول البروفيسور مايكل دينتون Michael Denton الأخصائي في الكيمياء الحيوية في كتابه ‘’مصير الطبيعة Nature’s Destiny:
إن المسافات الفاصلة بين النجوم العملاقة بل كافة النجوم تعتبر قضية حساسة جدا، فهذه المسافات تقدر كمتوسط لها بـ 30 مليون ميل بين نجوم مجرتنا، ولو تغيرت هذه المسافات بأن تكون أقل قليلا لأصبحت مدارات الكواكب غير مستقرة، ولو كانت أكبر قليلا لكانت المادة المنطلقة من قبل النجوم المنفجرة سوبر نوفا متشتتة تشتتا كبيرا للغاية لدرجة ينعدم معه تشكل مجموعات شمسية مثل التي ننتمي إليها. فإن كنا نريد كونا صالحا وملائما للحياة لكان من الضروري استمرار النجوم المنفجرة في الانفجارعلى وتيرة معينة. علما أنّ هذه الانفجارات تعتبر محددة للمسافات المعينة الفاصلة بين النجوم، وإن هذه المسافات البعيدة والمحددة موجودة فعليا وتمارس تأثيرها المباشر 12.
أما البروفيسور جورج كرنشتاين prof. George Greenstein فيتحدث عن هذه المسافات الشاسعة في كتابه ‘’الكون التكافلي The Symbiotic Universe’’ قائلا:
إذا أصبحت النجوم أقرب مما هي عليه الآن فلا يحدث إلا فرق طفيف في المفاهيم الفيزيائية الفلكية، فقد لا يحدث أي تغيير في العمليات الفيزيائية الجارية في النجوم وفي الأجرام السماوية الأخرى، ولو نُظر إلى مجرتنا من نقطة بعيدة عنها فلا يمكن تمييز أي تغيير فيها عدا أن عدد النجوم التي نراها ونحن مستلقين على الأعشاب يصبح أكثر. عفوا أود أن أضيف أن هناك فرقا آخر يحدث وهو استحالة وجود إنسان {مثلي}يلقي نظرة على هذه النجوم فهذه المسافات الشاسعة والهائلة الموجودة في الفضاء شرط أساسي لوجودنا 13.
ويوضح كرينشتاين سبب هذا بأن الفراغات والمسافات البينية الموجودة في الفضاء تعتبر عاملا رئيسيا في تأمين المتغيرات الفيزيائية بشكل ملائم لحياة الإنسان. ومن ناحية أخرى فإن هذه الفراغات البينية الواسعة تحول دون ارتطام أرضنا بالأجرام السماوية العملاقة السابحة في الفضاء. وملخص القول أن طريقة انتشار وتوزيع الأجرام السماوية في الكون تتلاءم في أبعادها ومواضعها مع حياة الإنسان و استمراره وأن هذه الفراغات لم تأت اعتباطا أو بصورة عشوائية بل تعتبر نتيجة لعملية خلق من أجل غاية معينة، ويقول الله عز وجل في آيات عديدة بأن السماوات والأرض خلقتا من أجل حكمة معينة:
وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحْ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ الحجر/85
وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الدخان /38- 39
ضع تعليقك :///////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////
.
هارون يحيى
استانبول - فبراير 2003
محتويات الكتاب
المدخـل
الباب الأول
أمثلة على المعجزات الموجودة في خلق الكون
النظام الدقيق الحاصل نتيجة الانفجار الكبير
المقياس المعجز لسرعة تمدد الكون
المسافات الفاصلة بين الأجرام السماوية
التكون المعجز لعنصر الكربون
المقياس الحساس لقوة جاذبية الأرض
التوازن المعجز بين القوى الكونية المختلفة
الانسجام المعجز بين الإلكترون والبروتون
الاحتمال المحير للعقول
الباب الثاني
المجموعة الشمسية والموازين الاعجازية في خلق الأرض
موقع المجموعة الشمسية من المجرة
الموازين الدقيقة للمجموعة الشمسية
التوازن الموجود في كوكب الأرض
الفاصلات المنتظمة لحرارة اليابسة
النسب المثالية للغلاف الجوي
كثافة الهواء
معجزة الضوء المرئي
الانسجام المعجز بين ضوء الشمس وبين عملية التركيب الضوئي
الانسجام المعجز بين العين وبين ضوء الشمس
الخاصية الانتقائية المدهشة للغلاف الجوي
الموازين الدّقيقة لخواص الماء الفيزيائية
خاصية الشد السطحي للماء وجدت لتلائم الحياة
معجزة الماء الكيمياوية
درجة انسيابية الماء موضوعة بمعيار معين
الحدود الحرارية اللازمة لتكوين الروابط الذرية المهمة للحياة هي
نفسها الحدود الحرارية لكوكب الأرض
عامل الذوبان للأوكسجين وقيمته المثلى واللاّزمة للحياة
البــاب الثّــالث
أمثلة على معجزة الخلق في الكائنات الحية
لا يمكن للمصادفة أن تخلق أبسط كائن حي
استحالة ظهور اللبنات الأساسية للحياة مصادفة
لا يمكن تفسير كون كل البروتينات الموجودة
في جسم الكائن الحي عسراء عن طريق المصادفة
الظهور الفجائي والإعجازي للأحياء على وجه البسيطة
التصميم المعجز للحامض النوّوي DNA
سرّ التخصص لدى الخلايا
المنطقية في سلوك البكتيريا
الخاتمة
خديعـة التطور
المدخـــل
توجد قوانين وموازين ومقاييس وتوازنات لا يمكن عدها تحكم كوكبنا الذي نعيش عليه وتحكم المجموعة الشمسية التي ننتمي إليها والمجرة التي نتبعها وحتى الكون برمّته، وكلّ هذه القوانين والموازين والمقاييس والتوازنات وجدت وأعدت بشكل خاص لتأمين إمكانية لحياة الإنسان واستمرارها بشكل معجز.
وعندما نتفحص الكون عن كثب ندرك أن القوانين الكونية الأساسية والمقاييس الفيزيائية الحسّاسة وحتى أصغر الكميات وأدقها الموجودة في الكون قد قيست ووضعت في موضعها المناسب وفق ميزان دقيق للغاية. والمحير في هذه القوانين أنها موضوعة وموزونة في الكون كي تؤدي دورها في وجود الإنسان ككينونة ثابتة في الوجود .
فهذه القوانين الكونية مثل سرعة تمدد الكون وموقع كوكبنا في مجرة درب التبّانة ونوع الضوء القادم من الشمس وحتى درجة انسيابية الماء ومقدارها والمسافة التي تفصل القمر عن كوكبنا وكذلك مكونات الغلاف الجوي ونسبها والعديد العديد من القوانين الأخرى كلها عوامل وجدت ووضعت وفق معايير تناسب حياة الإنسان، و أي خلل في أحد هذه القوانين مهما كان ضئيلا يعني استحالة وجود الحياة.
ومن الاستحالة أن يكون أحد هذه القوانين شكلا ومعيارا قد وجد بمحض المصادفة، وكون هذه الآلاف من القوانين قد وجدت حسب معايير معينة لكل منها على حدة يعني أننا بصدد معجزة لاشك فيها ولا يمكن للعقل الإنساني استيعابها.
ويمكن اعتبار كافة العوامل التي تسهل حياة الإنسان في الكون معجزات الواحدة تلو الأخرى، وهذه العوامل التي تعد بالملايين لو وضعت إلى جانب بعضها لشكلت بمجموعها سلسلة لا تنتهي من المعجزات. والمعجزة هي دليل على وجود شيء من قبل الله سبحانه وتعالى، والكون بكل جزء من أجزائه يعتبر دليلا قاطعا على كونه تحفة فنية رائعة خلقها الله الذي لا حدّ لعلمه ولقدرته .
إن المعطيات والحقائق التي تم التوصل إليها في السنوات الأخيرة أثبتت أن أي خلل في الموازين الثابتة التي تحكم الكون يجعل وجود الحياة ومن ضمنها حياة الإنسان مستحيلة، وكان يمكن لهذه الموازين الثابتة أن تحمل معايير مختلفة لا يمكن عدها، إلا أن هذه الثوابت الفيزيائية { الموازين الثابتة } وإن أظهرت تأثيرها كل على حدة إلا أنّ عملها كمجموع يشكل البناء الملائم لوجود حياة الإنسان، ولا يمكن بأي حال من الأحوال تفسير هذه الحقيقة إلا بكلمة ‘’المعجزة’’ .
وكلمة المعجزة تعني حدوث أمر ما يعتبر حدوثه مستحيلا تحت الظروف العادية ومن تلقاء ذاته، ولو ألقينا نظرة على أي قانون فيزيائي أو معيار كوني أو ثابت كوني لأدركنا استحالة تشكله أو امتلاكه للقيمة الصحيحة المناسبة بمحض مصادفة أو من تلقاء ذاته، تنطق وتشهد بأن الله سبحانه خلقها بقدرته اللامتناهية .
وتركزت الأبحاث العلمية في السنوات الأخيرة على هذه الحقائق من قبل علماء الكون والفيزياء النظرية، وتوصلت هذه الأبحاث إلى حقيقة كون الثوابت والمعايير الكونية سببا لاستمرار الحياة، وهذه النتيجة محيرة للعقول حتى أن العلماء أطلقوا على هذه الحقيقة ‘’ المعيار الدقيق Fine Tuning ‘’ ، واستطاع العلماء استقصاء أثر أمثلة عديدة لهذا المقياس الدقيق حتى أنهم وهذا يعني أن هنالك معجزة ماثلة أمام الأعين، وهنالك معجزة في كل ناحية من نواحي الكون توصلوا إلى قياسها بشكل محكم، وقد عبر العديد من العلماء والباحثين عن هذه الحقيقة الكونية المدهشة والمحيرة للعقول كما يأتي:
يقول البروفيسور جون أوكيف Prof. John Okeefe الباحث الفضائي في وكالة ناسا الأمريكية :
‘’عندما نأخذ المعايير الفلكية القياسية بعين الاعتبار نجد أنفسنا أمام مجموعة كبيرة من البشر تعيش تحت رعاية ورحمة قوة خفية ... ولو لم يكن الكون قد خلق بهذه الصورة الدقيقة المقاييس لما وجدنا أصلا على قيد الحياة، وبنظري إن هذه الحقائق والمعايير الكونية الحالية تثبت أنها وجدت كي تسهل حياة الإنسان ووجوده في الكون’’ 1.
ويقول البروفيسور جورج.ف.أليس Prof. George F.Ellis البريطاني الأخصائي بالفيزياء الفلكية :
‘’يمكننا أن نكتشف المقياس والمعيار الدقيق الذي يحكم هذا الكون المعقد التركيب والشاسع الذي يثير الدهشة في أذهاننا، وإن هذا المعيار الدقيق الموجود في الكون يجعل من تجنب كلمة ‘’المعجزة’’ أمرا صعبا للغاية’’ 2.
أما البروفيسور بول ديفيس prof. Paul Davies البريطاني والأخصائي بالفيزياء الفلكية أيضا فيقول :
‘’تبدو القوانين الفيزيائية كنتاج لتخطيط على مستوى عظيم من الذكاء ... و لابد من غاية لوجود الكون’’ 3.
أما الباحث الرياضي البروفيسور روجر ينزو prof. Roger Penrose فقد عبر عن رأيه قائلا :
‘’أود أن أقول صراحة أن للكون هدفا من الوجود، ولا مكان أبدا للخطأ في هذا التكوين’’ 4.
وكل النتائج التي تم التوصل إليها حتى يومنا هذا تشير إلى استحالة حدوث المصادفة في أي مكان أو زمان في الكون، وأن هذا الكون منذ اللحظة الأولى لتكونه وحتى لحظة قراءتنا لهذه السطور يعكس قدرة الله اللامتناهية على الخلق و إنه مخلوق مسخر لخدمة الإنسان ويحمل الآيات العظيمة التي تسوق الإنسان للتأمل والتفكر في عظمة الخالق عز وجل .
إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُون البقرة/164
تناولنا في هذا الكتاب أمثلة عديدة منذ بداية خلق الكون حتى الآن وتحدثنا عن كل ما جرى ويجري في وقتنا الحاضر في أرجاء الكون من معجزات لا عدّ ولا حصر لها، وجمعنا هذه الأمثلة من المعجزات في ثلاثة أبواب هي:
1 المعجزات الموجودة في الكون .
2 المعجزات الموجودة في مجموعتنا الشمسية ومن ضمنها الأرض،
3المعجزات الموجودة في الكائنات الحية .
والهدف من تأليف هذا الكتاب إيراد أمثلة عديدة أمام القارئ للمعجزات المختلفة والتي تدل على عظمة الخالق سبحانه وتعالى وقدرته اللامتناهية، والهدف الأسمى هو جعل الإنسان يفكر ويتأمل في جميع الأشياء حوله و التي تنطق بقدرة الله فاطر السماوات والأرض .
أمثلة على المعجزات الموجودة في خلق الكون
الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا
الفرقان /2
النظام الدقيق الحاصل نتيجة الانفجار الكبير
إنّ الحقيقة المسلّم بها من قبل العلم الحديث هي ظهور الكون نتيجة انفجار عظيم في نقطة معينة وبعده أخذ في التوسع حتى أخذ شكله الحالي، وهذا الانفجار حدث قبل 15 مليار سنة تقريبا، و الفضاء الكوني و المجرات والكواكب والشمس وأرضنا، أو بمعنى آخر كل شيء يتألف منه الكون ظهر إلى الوجود بعد هذا الانفجار الكبير والذي يطلق عليه اسم BIG BANG واللغز المحير في هذا الموضوع يتلخص فـي:
كان من المفروض انتشار الذرات أو الدقائق التي تتألف منها في الفضاء الكوني بصورة اعتباطية بعد حصول الانفجار الكبير، ولكن الذي حدث هو العكس تماما، فقد تشكل كون ذو ترتيب وتنظيم على درجة عالية من الدقة، ويشبّه العلماء انتشار المادة في الكون عشوائيا لتتشكل المجرات والشموس النجوم والمجموعات التابعة لكل منها بكومة من القمح في صومعة ألقيت عليها قنبلة يدوية واستطاعت هذه القنبلة أن تضع القمح في بالات منتظمة الشكل مرصوفة وموضوعة فوق الرفوف وفق ترتيب محدد بل إنّ ترتيب أجزاء الكون أكثر دقة من ترتيب بالات القمح وبصورة غير اعتيادية، ويعبر البروفيسور فريد هوبل prof. Fred Hoyleعن حيرته أمام هذه الظاهرة بالرغم من كونه معارضا لنظرية الانفجار الكبير قائلا :
تؤمن هذه النظرية بأن الكون وجد بعد حدوث انفجار كبير جدا، ومن البديهي أن أي انفجار يؤدي إلى تشتيت المادة إلى أجزاء بصورة غير منتظمة إلا أن الانفجار الكبير أدى إلى حدوث عكس ذلك بصورة غامضة فقد أدى إلى تجمع المواد بعضها مع بعض لتتشكل منها المجرات 5 .
ولا يمكن تفسير حدوث انفجار كبير جدا لمادة الكون ونشوء نظام دقيق ذي ترتيب وتنسيق تام بين أجزائه وعلى درجة كبيرة من الدقة إلا بكلمة المعجزة. ويعبر آلان سانديج Alan Sandge الأخصائي في الفيزياء الفلكية عن هذه الحقيقة قائلا :
‘’أجد من الاستحالة أن ينشأ هذا النظام الدقيق اعتباطا، فكما أن وجود رب هو لغز محير بالنسبة إلي إلاّ أن التفسير الوحيد لمعجزاته هو أنه موجود بالفعل 6 .
والمعجزة الكبرى، كما يعبر عنها العلماء تتمثل في اتحاد الذرات مع بعضها نتيجة الانفجار الكبير لتأخذ أنسب صورة ممكنة مشكلة مع بعضها الكون المتميّز بالدّقة والانتظام والذي يتألف بدوره من ملايين المجرات و هذه المجرات تتشكل من ملايين النّجوم بالإضافة إلى التريليونات من الأجرام السّماوية، فالذي أبدع هذه المعجزات هو الله القادر على كل شيء .
الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا الفرقان / 2 المقياس المعجز لسرعة تمدد الكون
إن سرعة تمدد الكون لها مقدار ثابت لا تحيد عنه ومناسب للشكل الحالي الذي بلغه الكون، فلو كانت هذه السرعة أقل قليلا من هذا المقدار لما استطاعت المجموعات الشمسية أن تتشكل بل لرجعت كسابق عهدها أي مادة منكمشة، ولو كانت هذه السّرعة أكبر قليلا لما استطاعت المادة أن تتوحد لتشكل المجرات والنجوم ولاندثرت وتلاشت في الفضاء الكوني، وفي كلا الحالتين تصبح استحالة وجود الحياة ومن ضمنها حياة الإنسان أمرا واردا، إلا أن الحالتين لم تحدثا طبعا وتمدد الكون بسرعة معينة اعتمادا على المقياس الدقيق آخذا شكله الحالي، ولكن ما مدى دقة هذا المقياس ؟
لقد قام البروفيسور بول ديفيس أستاذ الفيزياء الرياضية في جامعة اديلياد الأسترالية بإجراء أبحاث عديدة للتوصل إلى إجابة عن هذا السؤال وانتهى إلى نتيجة مدهشة وهي أنّ أي تغير في سرعة تمدد الكون مهما كان ضئيلا حتى لو كان بنسبة 1 إلى مليار مليار أو 10/1 قوة 18 لما استطاع الكون أن يظهر إلى الوجود، ويمكننا أن نكتب النسبة المئوية السابقة كما يلي0.000000000000000001 أي أن مجرد حدوث تغيير ولو بهذا المقدار الضئيل جدا جدا يعني عدم إمكانية ظهور الكون. ويعلق البروفيسور على هذه النتيجة قائلا:
‘’إن الحسابات تدل على أنّ الكون يتمدد بسرعة دقيقة للغاية، ولو أبطأ الكون في التمدد قليلا لحدث الانكماش نتيجة قوة الجذب، ولو أسرع قليلا لتشتّتت المادة واندثرت في الفضاء الكوني، وإن التوازن الحاصل بين هذين الاحتمالين الخطيرين يعكس لنا مدى الدقة والحساسية في هذه السرعة، فلو تغيّرت سرعة تمدد الكون بعد الانفجار و لو بمقدار 10/1 قوة 18 لكان ذلك كافيا لإحداث خلل في التوازن، لذلك فإن سرعة تمدد الكون محددة بشكل دقيق إلى درجة مذهلة، ونتيجة لهذه الحقيقة لا يمكن اعتبار الـBIG BANG انفجارا عاديا بل انفجارا منظما ومحسوبا بدقة من كافة النواحي 7.
وتناولت مجلة ‘’العلم’’ SCIENCE المشهورة في مقال لها هذا التوازن الدقيق الذي صاحب بداية نشأة الكون كما يلي:
لو كانت كثافة الكون أكثر قليلا لأصبحت الجسيمات الذرية 1 تجذب بعضها بعضا وبالتالي لا يستطيع الكون أن يتمدد ويرجع منكمشا إلى نقطته الأصلية وفق مبادئ نظرية ‘’النسبيّة العامة’’ لانشتاين. ولو كانت هذه الكثافة أقل قليلا في بداية تشكل الكون لتمدد بسرعة رهيبة ولما استطاعت الدقائق الذرية أن تجذب بعضها بعضا و لانعدمت امكانية نشوء النجوم و المجرات، ومن الطبيعي لما وجدنا نحن على وجه الحياة ! ووفقا للحسابات التي أجريت في هذا المجال فإن الفرق بين كثافة الكون في البداية وكثافته الحرجة أقل من 01^0 مقسوم على كوادريليون ٭٭ ، أي أن هذا الفرق يشبه إيقاف قلم على رأسه المدبب كي يظل واقفا لمدة مليار سنة أو أكثر، إضافة إلى ذلك كلما تمدد الكون ازداد التوازن دقة 8.
أما ستيفين هاوكينج Stephen Hawking الذي اعتبر مدافعا عن نظرية المصادفة في نشوء الكون إلا أنه تحدث في كتابه
‘’ التاريخ القصير للزمن ‘’ عن التوازن الدقيق في سرعة تمدد الكون قائلا: إنّ سرعة تمدد الكون تتسم بالحساسية الفائقة والدقة المتناهية حتى أن هذه السّرعة لو كانت أقل قليلا عند الثانية الأولى من الانفجار الكبير بمقدار 1 إلى مليون مليار لتعرض الكون إلى انكماش واستحال وصوله إلى صورته الحالية 9.
أما آلان جوث Alan Guth الذي يتبنى نظرية ‘’الكون المنتفخ Inflationary universe model’’ فقد تناول مسألة الانفجار الكبير في السنوات السابقة وأجرى حسابات عن التوازن الدقيق في سرعة تمدده وقد توصل إلى نتائج مذهلة للغاية.إذ توصل إلى أن الدقة في سرعة تمدد الكون تصل إلى نسبة 1 إلى 10قوة 55 10.
ولكن ما الذي يظهره لنا هذا التوازن الدقيق المذهل؟ بالطبع لا يمكن تفسير هذه الدقة الفائقة بكلمة المصادفة ويثبت لنا وجود تصميم خارق ومدهش، وبالرّغم من كون بـول ديفيس متبنيا للمادية إلاّ أنه يعترف بهذه الحقيقة قائلا:
‘’من الصعوبة أن نعارض فكرة وجود الكون بشكله الحالي بواسطة قوة عقلية دقيقة خصوصا بهذه الخاصية التي يتميز بها من ناحية الدقة الفائقة تحت أي تغيير عددي مهما بدا ضئيلا وطفيفا ... وإنّ الموازين العددية الحساسة التي تتصف بها الطبيعة في كافة أركانها تعتبر دليلا قويا على أن ثمة تصميم خارق لهذا الوجود 11.
وهكذا يتضح لنا مدى تأثير هذه الأدلة العلمية القاطعة في إقناع بول ديفيس المادي الفكر على أن هذا الكون لابد أن يكون مستندا إلى تخطيط وتصميم خارقين أو بالأحرى أن هناك خالقا له.
المسافات الفاصلة بين الأجرام السماوية
كما هو معلوم فإنّ كوكب الأرض هو جزء من المجموعة الشمسية، وهذه المجموعة تتألف من تسعة كواكب سيارة تدور في فلك حول الشمس، و تعتبر الشمس نجما متوسط الحجم مقارنة بالنجوم الموجودة في الكون، وهذه الكواكب تتبعها أقمار يبلغ عددها أربعة وخمسون قمرا، ويعتبر كوكبنا الأرض الثالث من ناحية بعده عن الشمس. ولنتأمل أولا حجم المجموعة الشّمسية التي ننتمي إليها، فقطر الشمس يبلغ 102 مرة بقدر قطر الأرض، وبتعبير آخر لو قمنا بتصغير الأرض التي يبلغ قطرها12200 كم حتى تبلغ حجم الكرة الزجاجية التي يلعب بها الأطفال عندئذ تكون الشمس بحجم ضعفي كرة القدم، ولكن النقطة الغريبة التي تلفت الانتباه هي المسافة الفاصلة بينهما فلو صغرناها كما صغرنا الحجم لكل منهما عندئذ تصبح المسافة الفاصلة 280 مترا أما الكواكب البعيدة فتصبح على بعد كيلومترات عديدة، ولكن المجموعة الشّمسية و بالرغم من حجمها الهائل فإنها تتواضع أمام حجم مجرة درب التبانة التي تعتبر جزءا منها، لأن هذه المجرة تحتوي على نجوم { شموس} كثيرة ومعظمها أكبر حجما من شمسنا ويربو عددها على 250بليون نجم، وأقرب هذه النجوم إلينا نجم يدعى ‘’ألفا سنتوري’’، ولتوضيح مدى قربه من مجموعتنا نرجع إلى المثال السابق الذي صغرنا فيه الأرض إلى حجم كرة زجاجية صغيرة والشمس تبعد عنها 280مترا عندئذ يكون النجم ‘’ الفاسنتوري’’ على بعد يقدّر بـ 78 ألف كيلومتر من الشمس !
ودعونا نصغر المثال السابق بنسبة أكبر،كأن تصبح الأرض بقدر ذرة غبار تكاد لا ترى بالعين المجردة، عندئذ تصبح الشمس بحجم ثمرة الجوز وتبعد عن الأرض بمسافة 3 أمتار، و نجم الفاسنتوري سيكون في هذه الحالة على بعد 640كم من الشمس، إذن فمجرة درب التبانة تحتوي على 250 بليون نجم تفصل بينهما هذه المسافات الشاسعة جدا، وتقع شمسنا على أحد أطراف هذه المجرة ذات الشكل الحلزوني. والأغرب من ذلك أن حجم هذه المجرة يعتبر صغيرا جدا بالمقارنة مع حجم الكون، فالكون يحتوي على مجرات أخرى يقدر عددها بـ200 بليون مجرة !... أما المسافات الفاصلة بين هذه المجرات فأكبر من المسافة بين الشمس والفاسنتوري بملايين المرات.
والمسافات الفاصلة بين الأجرام السماوية وطريقة انتشارها في الكون تعتبر ملائمة ولازمة لاستمرار الحياة على الأرض فهذه المسافات الفاصلة مرتبة وموجودة بطريقة تتلاءم مع القوى المؤثرة وبالتالي تشكل عاملا ضروريا للحياة على كوكب الأرض، وكذلك تعتبر هذه المسافات الفاصلة عاملا مؤثرا على باقي الكواكب وأفلاكها تأثيرا مباشرا، ولو كانت هذه المسافات أصغر قليلا لأثرت قوى الجذب الهائلة الموجودة بين كتل النجوم المختلفة وبالتالي أدى ذلك إلى إحداث خلخلة في أفلاك الكواكب، وهذه الخلخلة كانت ستؤدي حتما إلى تفاوت كبير في الحرارة، ولو كانت هذه المسافات أكبر قليلا لتشتتت المعادن المنطلقة من النجوم العملاقة ولما نشأت كواكب مثل الأرض. وتعتبر المسافات الكونية الحالية مثالية وملائمة لنشوء مجموعات شمسية كالتي ننتمي إليها .
ويقول البروفيسور مايكل دينتون Michael Denton الأخصائي في الكيمياء الحيوية في كتابه ‘’مصير الطبيعة Nature’s Destiny:
إن المسافات الفاصلة بين النجوم العملاقة بل كافة النجوم تعتبر قضية حساسة جدا، فهذه المسافات تقدر كمتوسط لها بـ 30 مليون ميل بين نجوم مجرتنا، ولو تغيرت هذه المسافات بأن تكون أقل قليلا لأصبحت مدارات الكواكب غير مستقرة، ولو كانت أكبر قليلا لكانت المادة المنطلقة من قبل النجوم المنفجرة سوبر نوفا متشتتة تشتتا كبيرا للغاية لدرجة ينعدم معه تشكل مجموعات شمسية مثل التي ننتمي إليها. فإن كنا نريد كونا صالحا وملائما للحياة لكان من الضروري استمرار النجوم المنفجرة في الانفجارعلى وتيرة معينة. علما أنّ هذه الانفجارات تعتبر محددة للمسافات المعينة الفاصلة بين النجوم، وإن هذه المسافات البعيدة والمحددة موجودة فعليا وتمارس تأثيرها المباشر 12.
أما البروفيسور جورج كرنشتاين prof. George Greenstein فيتحدث عن هذه المسافات الشاسعة في كتابه ‘’الكون التكافلي The Symbiotic Universe’’ قائلا:
إذا أصبحت النجوم أقرب مما هي عليه الآن فلا يحدث إلا فرق طفيف في المفاهيم الفيزيائية الفلكية، فقد لا يحدث أي تغيير في العمليات الفيزيائية الجارية في النجوم وفي الأجرام السماوية الأخرى، ولو نُظر إلى مجرتنا من نقطة بعيدة عنها فلا يمكن تمييز أي تغيير فيها عدا أن عدد النجوم التي نراها ونحن مستلقين على الأعشاب يصبح أكثر. عفوا أود أن أضيف أن هناك فرقا آخر يحدث وهو استحالة وجود إنسان {مثلي}يلقي نظرة على هذه النجوم فهذه المسافات الشاسعة والهائلة الموجودة في الفضاء شرط أساسي لوجودنا 13.
ويوضح كرينشتاين سبب هذا بأن الفراغات والمسافات البينية الموجودة في الفضاء تعتبر عاملا رئيسيا في تأمين المتغيرات الفيزيائية بشكل ملائم لحياة الإنسان. ومن ناحية أخرى فإن هذه الفراغات البينية الواسعة تحول دون ارتطام أرضنا بالأجرام السماوية العملاقة السابحة في الفضاء. وملخص القول أن طريقة انتشار وتوزيع الأجرام السماوية في الكون تتلاءم في أبعادها ومواضعها مع حياة الإنسان و استمراره وأن هذه الفراغات لم تأت اعتباطا أو بصورة عشوائية بل تعتبر نتيجة لعملية خلق من أجل غاية معينة، ويقول الله عز وجل في آيات عديدة بأن السماوات والأرض خلقتا من أجل حكمة معينة:
وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحْ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ الحجر/85
وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الدخان /38- 39
ضع تعليقك :///////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////