المصيبة في الدين
.
ضع تعليقك :///////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////
.
الحمد لله والصلاة والسلام على من لانبي بعده .وبعد موضوعنا \المصيبة في الدين \في هذه الأزمان وفي ظل غياب حاكمية الشرع والوازع الديني اندفع معظم المسلمين نحو المعاصي تجاهروا بها ولم يصبحوا يخفون الكثير منها حتى شب عليها الصغير وهرم عليها الكبير فلم يعد من الحياء :الحشمة والعفاف بل صار من التقدم العناق وارتدياء الأزياء المخلة بالحياء وافتعال الأكاذيب نحو الآخرين وحب الظهور وطلب المال ولو على حساب المخالفة للدين وهروة كثير من المعممين نحو طلب الجاه ولو على حساب الابتلاء في دينهم .والتقاتل على الكراسي وإن كان على ظهر الدبابات أو أزيز الطائرات لايبالون بموت الآخرين إن كان يضمن لهم ذالك البقاء وقضاء المآرب تراهم لتحقيق ذالك يفتعلون الكذب التي يحار منها إبليس وهي لايكاد يصدقها حتى الدهماء فضلا عن العقلاء فأين هم في غمرة هذا السكر من قوله عليه السلام مما رواه مالك في الموطإ : عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ أَنَّهُ قَالَ
قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَكُونُ الْمُؤْمِنُ جَبَانًا فَقَالَ نَعَمْ فَقِيلَ لَهُ أَيَكُونُ الْمُؤْمِنُ بَخِيلًا فَقَالَ نَعَمْ فَقِيلَ لَهُ أَيَكُونُ الْمُؤْمِنُ كَذَّابًا فَقَالَ لَا>
إن المصاب في الدين جلل يفقد في ظله المرء كل خصال الخير وخلق الحياء .
ولقد استعاذ سيد الخلق من المصيبة في الدين فروى الترمذي :عن خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ
قَلَّمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُومُ مِنْ مَجْلِسٍ حَتَّى يَدْعُوَ بِهَؤُلَاءِ الدَّعَوَاتِ لِأَصْحَابِهِ اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ وَمِنْ الْيَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مُصِيبَاتِ الدُّنْيَا وَمَتِّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا وَاجْعَلْهُ الْوَارِثَ مِنَّا وَاجْعَلْ ثَأْرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا وَلَا تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا وَلَا تَجْعَلْ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا وَلَا مَبْلَغَ عِلْمِنَا وَلَا تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لَا يَرْحَمُنَا >قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ->رواه الترمذي والحاكم وحسنه الألباني في صحيح الجامع-
إنّ الله عزوجل خص نبيه-- بجوامع الكلم...وجوامع الكلم كلمات قليلة قصيرة في مبناها جليلة عظيمة في معناها، ومن تأمل جوامع كلمه-- علم أنها آية باهرة من آيات نبوته؛ لما حوته من بلاغة وأسرار وأنوار...ومن الأدعية الجامعة العظيمة دعاء ورد عنه-- الذ سبق ذكره وهو قوله (( ولا تجعل مصيبتنا في ديننا...)) ، هذه الجملة لها دلالات عظيمة، وتشير إشارات جليلة...
فهذه الجملة تشعرك أن أعظم مصيبة تصيب العبد هي مصيبته في دينه، مصيبته في ترك الطاعة، مصيبته في فعل المعصية، مصيبته في قسوة قلبه، مصيبته في انقطاع صلته بربه، هذه المصيبة أعظم من مصيبة الأهل والمال والولد...بل فقدان الدنيا بأجمعها أهون من أن يصاب العبد بشىء في دينه؛ وما ذلك إلا لأن الدين هو أغلى ما يملكه العبد، لأنّ دينه هوسبب صلاحه وسعادته في الدنيا، وسبب نجاته يوم الفقر والفاقة ((يوم لا ينفع مال ولا بنون...))وهذا المعنى قد تظاهرت أدلة كثيرة على
{20159}
ترسيخه في قلب المؤمن وسلوكه...فمن هذه الأدلة: هذا الدعاء الذي معنا، وغيره من الأدعية التي فيها التضرع و اللهج بحفظ الدين...
ومن ذلك: الأمر بالثبات في ساحة الجهاد والتحذير الشديد من الفرار، ومعلوم أن الجهاد قد يؤدي إلى الذهاب بحياة الإنسان، ومع ذلك فالمؤمن يثبت ولا يفرّ؛ لأن في الجهاد رفعة لدينه وإن كان الثمن هو حياته فدينه أغلى من حياته، بل ليس هناك مقارنة بينهما عند الراسخين في مقامات الإيمان...
ومن الدلائل أيضاً والتي تشير إلى أن الدين هو أغلى ما يملكه العبد: مسألة تمني الموت، فالأصل أن العبد ممنوع شرعاً من تمني الموت، إلا أن العلماء استثنوا من هذا الأصل حالة يجوز للعبد فيها أن يتمنى الموت، وهي عندما يخاف العبد على دينه من الفتن؛وما ذلك إلا لأن دين المؤمن أغلى عنده من حياته التي هي أغلى ما يحرص عليه البشر. ...واعلم أن مبدأ تقديم الدين على كل شىء ليس كلمة تقال باللسان، بل هذا المبدأ له علامات ودلالات في حياة العبد تدل على صدقه إن وجدت، فمن هذه العلامات:
1>ـ تقديم الدين على كل شىء، والتضيحة بكل شىء من أجل الإبقاء على الدين.2>ـ حمل هم الدين، واستيلاء هذا الهم على العقل والقلب والسلوك...3>ـ الأخذ بأسباب حفظ الدين، وهذا يقودنا إلى سؤال أخير في موضوعنا...كيف يحفظ العبد دينه؟
1>ـ الاستعانه بالله، والتوكل عليه في حفظ الدين، وكثرة التضرع والدعاء واللهج بذلك.2>ـ لزوم العلم النافع، والعمل الصالح، والدعوة إلى الله.3>ـ الابتعاد عن مواطن الفتن التي تضر بالدين من شبهات أو شهوات...
ـ دوام الحذر، والخوف على الدين، وعدم الأمن من مكر الله.4>ـ ـ لزوم الصحبة الصالحة التي تذكر بالله وتعين على طاعته.اهـ الأكاديمية الإسلامية المفتوحة .ملتقى أهل العلم
\\تهون الحياة وكلٌّ يهـــــــــــون * * * ولكن ديننا لا يهـــــــــــــــــون\\
\\مِن كلِّ شيء إذا ضيعتَه عوضٌ * * * وما مِِن الله إنْ ضيعتَه عوضُ \\
وأيضا :علمنا ربنا دعاء الراسخين في العلم بالثبات على الدين وعدم الزيغ فيه فقال : >وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (7) رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ( الآية .آل عمران..والآن إلى صور المصيبة في الدين :
أولا>\\الصورة الأولى:المصاب بإطلاق الكلمة جزافا دون تثبت ولا ترو قصد التشويش على الآخرين وإثارة النعرات والرواج لسوق الكذب ليغلى سعره ويكثر رواده وهذا مرض خطير يصاب به المفرطون والذين لاخلاق لهم وهو الأمر الذي كثر متعاطيه في هذا الزمان خاصة بعض الإعلام المقروء والمسموع بل جعل بعض الناس رواج الكذب على الآخرين من أسباب الأرتزاق يتأكلون به وهذا من القواصم وخير دليل على ذالك ما بثته القناة المغربية يوم الثلاثاء السابع والعشرون من غشت 2014ذالك أن رجلا اشترى لزوجته سيارة وفيلا فأغار ذالك صدر أخته فأعطت مالا لحد مرضى القلوب ليدلي بشهادة زورا لزوجتها أنه رءا زوجته ترقص
{20160}
في النوادي الليلية فصدق الكذبة فهاجر البيت والأولاد إلى الخارج واضطر الأبناء لمقاطعة الدراسة.لكن بعد حين جاء الشاهد زورا إلى المرأة المفترى عليها بعد أن وبخه ضميره فحكى لها سر القصة معاتبعا نفسه نادما على ما فعل .قلت هذا قل من كثر مما وقع ويقع في ظل انسلاخ الناس من رحمة الشريعة إلى قسوة شريعة الغاب
ولقد عالج سيد الخلق هذه الظاهرة السيئة التي خلطت المفاهم واطاحت بالأخلاق وذهبت بالدين فقال :روى مالك في الموطإ والترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ >قَالَ هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَلَمَةَ. قَوْلُهُ : ( مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ )
أَيْ مِنْ جُمْلَةِ مَحَاسِنِ إِسْلَامِ الْإِنْسَانِ وَكَمَالِ إِيمَانِهِ .قوله تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ )
قَالَ اِبْنُ رَجَبٍ الْحَنْبَلِيُّ فِي كِتَابِ جَامِعِ الْعُلُومِ وَالْحَكَمُ فِي شَرْحِ هَذَا الْحَدِيثِ مَا لَفْظُهُ : مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِهِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ مِنْ قَوْلٍ وَفِعْلٍ ، وَاقْتِصَارُهُ عَلَى مَا يَعْنِيهِ مِنْ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ ، وَمَعْنَى يَعْنِيهِ أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ عِنَايَتُهُ بِهِ وَيَكُونُ مِنْ مَقْصِدِهِ وَمَطْلُوبِهِ ، وَالْعِنَايَةُ شِدَّةُ الِاهْتِمَامِ بِالشَّيْءِ ، يُقَالُ عَنَاهُ يَعْنِيهِ : إِذَا اِهْتَمَّ بِهِ وَطَلَبَهُ ، وَإِذَا حَسُنَ الْإِسْلَامُ اِقْتَضَى تَرْكَ مَا لَا يَعْنِيهِ كُلَّهُ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ وَالْمُشْتَبِهَاتِ وَالْمَكْرُوهَاتِ وَفُضُولِ الْمُبَاحَاتِ الَّتِي لَا يُحْتَاجُ إِلَيْهَا ، فَإِنَّ هَذَا كُلَّهُ لَا يَعْنِيهِ الْمُسْلِمُ إِذَا كَمُلَ إِسْلَامُهُ اِنْتَهَى مُخْتَصَرًا . قَالَ الْقَارِي فِي مَعْنَى تَرْكِهِ مَا لَا يَعْنِيهِ : أَيْ مَا لَا يُهِمُّهُ وَلَا يَلِيقُ بِهِ قَوْلًا وَفِعْلًا ، وَنَظَرًا وَفِكْرًا وَقَالَ : وَحَقِيقَةُ مَا لَا يَعْنِيهِ مَا لَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي ضَرُورَةِ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ ، وَلَا يَنْفَعُهُ فِي مَرْضَاةِ مَوْلَاهُ بِأَنْ يَكُونَ عَيْشُهُ بِدُونِهِ مُمْكِنًا .
وَهُوَ فِي اِسْتِقَامَةِ حَالِهِ بِغَيْرِهِ مُتَمَكِّنًا ، وَذَلِكَ يَشْمَلُ الْأَفْعَالَ الزَّائِدَةَ وَالْأَقْوَالَ الْفَاضِلَةَ . قَالَ الْغَزَالِيُّ : وَحَدُّ مَا يَعْنِيك أَنْ تَتَكَلَّمَ بِكُلِّ مَا لَوْ سَكَتّ عَنْهُ لَمْ تَأْثَمْ وَلَمْ تَتَضَرَّرْ فِي حَالٍ وَلَا مَالٍ .
وَمِثَالُهُ أَنْ تَجْلِسَ مَعَ قَوْمٍ فَتَحْكِيَ مَعَهُمْ أَسْفَارَك وَمَا رَأَيْت فِيهَا مِنْ جِبَالٍ وَأَنْهَارٍ ، وَمَا وَقَعَ لَك مِنْ الْوَقَائِعِ ، وَمَا اِسْتَحْسَنْته مِنْ الْأَطْعِمَةِ وَالثِّيَابِ ، وَمَا تَعَجَّبْت مِنْهُ مِنْ مَشَايِخِ الْبِلَادِ وَوَقَائِعِهِمْ ، فَهَذِهِ أُمُورٌ لَوْ سَكَتّ عَنْهَا لَمْ تَأْثَمْ وَلَمْ تَتَضَرَّرْ ، وَإِذَا بَالَغْت فِي الِاجْتِهَادِ حَتَّى لَمْ يَمْتَزِجْ بِحِكَايَتِك زِيَادَةٌ وَلَا نُقْصَانٌ وَلَا تَزْكِيَةُ نَفْسٍ مِنْ حَيْثُ التَّفَاخُرُ بِمُشَاهَدَةِ الْأَحْوَالِ الْعَظِيمَةِ ، وَلَا اِغْتِيَابٍ لِشَخْصٍ ، وَلَا مَذَمَّةٍ لِشَيْءٍ مِمَّا خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، فَأَنْتَ مَعَ ذَلِكَ كُلِّهِ مُضَيِّعٌ زَمَانَك ، وَمُحَاسَبٌ عَلَى عَمَلِ لِسَانِك ، إِذْ تَسْتَبْدِلُ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِاَلَّذِي هُوَ خَيْرٌ ؛ لِأَنَّك لَوْ صَرَفْت زَمَانَ الْكَلَامِ فِي الذِّكْرِ وَالْفِكْرِ ، رُبَّمَا يَنْفَتِحُ لَك مِنْ نَفَحَاتِ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى مَا يَعْظُمُ جَدْوَاهُ ، وَلَوْ سَبَّحْت اللَّهَ بَنَى لَك بِهَا قَصْرًا فِي الْجَنَّةِ . وَهَذَا عَلَى فَرْضِ السَّلَامَةِ مِنْ الْوُقُوعِ فِي كَلَامِ الْمَعْصِيَةِ ، وَأَنْ لَا تَسْلَمَ مِنْ الْآفَاتِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا اِنْتَهَى .تحفة الأحوذي
*ثانيا>>ـ التحريض على الكراهية وتصنيف الناس إلى أعداء ومقربين وإثارة زوبعة النعرة القبلية التي قتلها الإسلام في مهدها .ففي صحيح البخاري : جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ
كُنَّا فِي غَزَاةٍ قَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً فِي جَيْشٍ فَكَسَعَ رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ يَا لَلْأَنْصَارِ وَقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ يَا لَلْمُهَاجِرِينَ فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
{20161}
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا بَالُ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَسَعَ رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ فَسَمِعَ بِذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ فَقَالَ فَعَلُوهَا أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَامَ عُمَرُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعْهُ لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ وَكَانَتْ الْأَنْصَارُ أَكْثَرَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ ثُمَّ إِنَّ الْمُهَاجِرِينَ كَثُرُوا بَعْدُ>
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَة )أَيْ قَبِيحَة كَرِيهَة مُؤْذِيَة .ففي الفتح : قَوْله : ( دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَة )أَيْ دَعْوَة الْجَاهِلِيَّة . وَأَبْعَدَ مَنْ قَالَ الْمُرَاد الْكَسْعَة . وَمُنْتِنَة بِضَمِّ الْمِيم وَسُكُون النُّون وَكَسْر الْمُثَنَّاة مِنْ النَّتِن أَيْ أَنَّهَا كَلِمَة قَبِيحَة خَبِيثَة ،
قوله( مَا بَالُ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ )أَيْ مَا شَأْنُهَا وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ إِنْكَارٌ وَمَنْعٌ عَنْ قَوْلِ يَا لَفُلَانٍ وَنَحْوِهِ
إن البشرية لن تر الاستقرار المنشود في ظل الشعارات العجفاء إلا إذا طبقت المنهج الرباني الذي لايايته الباطل من بين يديه ولا من خلفه فامتثال أمره واجتناب نهيه يجنب البشرية النكد والشقاء والتطاحن والاختلاف وإلا فمنذ ظهور ءاراء البشر على السطح وحكمت نزواتهم إلا والسوء يزداد والشر يتنامى فإن لم يعد صناع القرار إلى رشدهم لاشك أننا سنواجه الأسوأ كما نراه ما ثلا على أرض الواقع من أوضح الواضحات لا يجادل فيه إلا مهوس : فمند انسلاخ الناس من أحكام الله ونادوا إلى التحرر والتقيد إلا ونرى من الجرائم مالا يعده حصرولايحده عد بل ما حصل في ظل همينة تلك الآراء إلا ازدواجية المعاير واللعب على وطر التمذهب والطائفية . رفع شعارها يوما بعض الأصحاب فقال {ص) (( أبدعى الجاهلية اتركوها إنها منتنة )) فما رفع السلم السلاح في وجه أخيه المسلم إلا تحت شعار الطائفية والوطنية والجنسية والقومية والحزبية من هنا نقول إن خلاصنا
بين الدفتين من ثم قال عمر مؤنبا خليفته أبا عبيدة على القدس : (( إن الله أعزنا بالإسلام فمهما ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله ))
ومن من بين الشعارات الحزبية التي فرقت الصف الإسلامي في القرن العشرين
: القومية العربية وهي فكرة تقدس الأمة وتتعصب للجنس جاءت الفكرة من ألمانيا ثم بثت في بلاد المسلمين لإسقاط الخلافة العثمانية يومئذومن ثم أثيرت القومية الطارونية داخل تركيا والقومية العربية داخل الولايات التابعة لها فتزعم الأولى حزب الترقي والثانية الشريف حسين أمير مكة واعده الغرب بأن يولوه رئاسة العرب لأن الخلافة العثمانية ستسقط فحارب المسلمين الأتراك تحت هذه الراية العمية ثم بعد إسقاط الخلافة نفوه إلى قبرص فبقي فيها إلى أن مات كئيبا ..............وللدعوة القومية نتائج:
منها إقصاء الإسلام وتقريغ القضية السياسية والاجتماعية من المحتوى الإسلامي وإحلال فلسفة أخرى وعقيدة أخرى محل عقيدته واستبدال رابطة أخرى برابطته لعزل الشعوب الإسلامية بعضها عن بعض وبذلك تتقطع الصلاة وقد شجعت الدول الأوربية على ظهور القومية العربية في صورتها العلمانية لتحقيق مطامعها في
{20162}
احتلال الشرق الأوسط ففي عهد النبوة آخى النبيبين المهاجرين والأنصار ولما أراد أحد المسلمين أن يثير هذه النعرة فقال أحدهم ياللأنصار وقال الآخر يا للمهاجرين فقالغاضبا مَا بَالُ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ قَالُوا رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ كَسَعَ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ > سنن الترمذي وفي حديثه أكد هذاالمعنى فقال(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ يَدْعُو إِلَى عَصَبِيَّةٍ أَوْ يَغْضَبُ لِعَصَبِيَّةٍ فَقِتْلَتُهُ جَاهِلِيَّةٌ}سنن ابن ماجه وقال لأصحابه أيضا :كما في سنن أبي داود : عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَيْسَ مِنَّا مَنْ دَعَا إِلَى عَصَبِيَّةٍ وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ قَاتَلَ عَلَى عَصَبِيَّةٍ وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ مَاتَ عَلَى عَصَبِيَّةٍ" .. فانتهى أمر هذا النتن .. نتن عصبية النسب . وماتت هذه النعرة .. نعرة الجنس ، واختفت تلك اللوثة .. لوثة القوم ، واستروح البشر أرج الآفاق العليا ، بعيداً عن نتن اللحم والدم ، ولوثة الطين والأرض .. منذ ذلك اليوم لم يعد وطن المسلم هو الأرض ، إنما عاد وطنه هو " دار الإسلام " الدار التي تسيطر عليها عقيدته وتحكم فيها شريعة الله وحدها ، الدار التي يأوي إليها ويدافع عنها ، ويستشهد لحمايتها ومد رقعتها .. وهي " دار الإسلام " لكل من يدين بالإسلام عقيدة ويرتضي شريعته شريعة ، وكذلك لكل من يرتضي شريعة الإسلام نظاماً - ولو لم يكن مسلماً - كأصحاب الديانات الكتابية الذين يعيشون في " دار الإسلام " .. والأرض التي لا يهيمن فيها الإسلام ولا تحكم فيها شريعته هي " دار الحرب " بالقياس إلى المسلم ، وإلى الذمي المعاهد كذلك .. يحاربها المسلم ولو كان فيها مولده ، وفيها قرابته من النسب وصهره ، وفيها أمواله ومنافعه .
إن الشعارات التي ترفع الآن في بلاد المسلمين وبموجبها يقتل المسلم المسلم شعارات دخيلة على الإسلام كما حدث هذه الأيام في مصر ارض الكنانة 8\2014\حيث قاتل العسكر بمباركة الأحزاب الوطينة وعلى رأسهم جبهة الإنقاذ : جماعة الإخوان المسلمين حيث قتل منهم ما يقرب من ستة آلاف شخص واعتقل المئات كل ذالك تم تحت شعار الحزبية الممقوته فأين هم من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ , قَالَ: قُتِلَ قَتِيلٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يُعْلَمُ قَاتِلُهُ , فَصَعِدَ مِنْبَرَهُ , فَقَالَ:يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَيُقْتَلُ قَتِيلٌ وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ لا يُعْلَمُ مَنْ قَتَلَهُ؟ لَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ اجْتَمَعُوا عَلَى قَتْلِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَعَذَّبَهُمُ اللَّهُ بِلا عَدَدٍ وَلا حِسَابٍ.
وأين هم من قوله تعالى : مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا> سبب جناية القتل هذه شَرَعْنا لبني اسرائيل أنه من قتل نفسا بغير سبب من قصاص، أو فساد في الأرض بأي نوع من أنواع الفساد، الموجب للقتل كالشرك والمحاربة فكأنما قتل الناس جميعًا فيما استوجب من عظيم العقوبة من الله، وأنه من امتنع عن قَتْل نفس حرَّمها الله فكأنما أحيا الناس جميعًا; فالحفاظ على حرمة إنسان واحد حفاظ على حرمات الناس كلهم. ولقد أتت بني إسرائيل رسلُنا بالحجج والدلائل على صحة ما دعَوهم إليه من الإيمان بربهم، وأداء ما فُرِضَ عليهم، ثم إن كثيرًا منهم بعد مجيء الرسل إليهم لمتجاوزون حدود الله بارتكاب محارم الله وترك أوامره.
{20163}
*ثالثا>>ـ مباشرة قتل الأبرياء أو المساعدة على ذالك انتقاما وتشفيا وتطلعا للكرسي وذالك لايصدر إلا عن شخص ابتلي في دينه وباع آخرته بدنياه قصد تحقيق نزواته المغرضة كما يرى من تصارع على الكراسي . قتل حاكم سوريا<<بشار>> من 20013إلى الآن 2014 ما ينهاز مائة ألف قتيل ليبقى على الكرسي إذ خرج عليه شعبه وأرادوا عزله وفي اليوم الواحد والعشرين من غشت 2014 رماهم بالسلاح الكيماوي المدمر المحرم دوليا ومن غريب المفارقة أن هذا الحاكم يدعي الإسلام فأقدم وتجرأ وضرب بهذا السلاح شعبه في الوقت الذي لم يجرؤ مبتكره وصانعه وهو <<هتلر >>الإلحادي أن يضرب به أعداءه من غير شعبه .فأين السلام الذي يتبجح به المدعون للديمقراطية .... ولكن السلام الحقيقي هو ما في الإسلام . السلام في الحرب فروى رباح بن ربيع أخا حنظلة الكاتب أخبره : أنه خرج مع رسول الله في غزوة غزاها كان على مقدمته فيها خالد بن الوليد فمر رباح وأصحاب رسول الله على امرأة مقتولة مما أصابت المقدمة فوقفوا عليها ينظرون إليها ويعجبون من خلقها حتى لحقهم رسول الله على ناقة له فتفرجوا عن المرأة فقال رسول الله : ما كانت هذه تقاتل ثم نظر في وجوه القوم فقال لأحدهم : الحق خالد بن الوليد فلا يقتلن ذرية ولا عسيفا> المعجم الكبير
فأين هذا من السلام العالمي اليوم اليهود خاصة والصليبيين عامة
عن معمر عن الزهري قال كان أبو بكر إذا بعث جيوشه إلى الشام قال إنكم ستجدون قوما قد فحصوا عن رؤوسهم بالسيوف وستجدون قوما قد حبسوا أنفسهم في الصوامع فذرهم بخطاياهم > مصنف عبد الرزاق
عن يحيى بن سعيد أن أبا بكر الصديق بعث الجيوش إلى الشام وبعث أمراء ثم بعث يزيد بن ابي سفيان فقال له وهو يمشي إما أن تركب وإما أن أنزل قال أبو بكرومن هنا شهد الغربيون للمسلمين بالرحمة في حروبهم ضد الكفار....فمن ذلك شهادة الدكتور((جوستاف لوبون)) في كتابه حضارة العرب قال.....((والحق أن الأمم لم تعرف فاتحين راحمين متسامحين مثل العرب))...وقال((روبرتسون))((إن المسلمين وحدهم هم الذين جمعوا بين الجهاد والتسامح نحو أتباع الأديان الأخرى الذين غلبوهم وتركوهم أحرارا في إقامة شعائرهم الدينية))...وقال(ميشود))((إن الإسلام الذي
{20164}
أمر بالجهاد متسامح نحو أتباع الأديان الأخرى ولم يمس عمر النصارى بسوء حين فتح المقدس بينما ذبح الصليبيون المسلمين وحرقوا اليهود عندما دخلوها))
وقد تجلى هذا أيضا في الظهير الذي نشره سلطان المغرب محمد ن عبد الله في 5 أبريل 1864 ونصه:
((بسم الله الرحمن الرحيم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم نأمر من يقف على كتابنا هذا من سائر خدامنا وعمالنا والقائمين بوظائف أعمالنا أن يعاملوا اليهود الذين بسائرإ يالتنا بما أوجبه الله تعالى من نصب ميزان الحق والتسوية بينهم وبين غيرهم في الأحكام حتى لا يلحق أحد منهم مثقال ذرة من الظلم ولا يضام ولا ينالهم مكروه ولا اهتضام الخ اهـ الأقليات للقرضاوي
إن مقصود الشرع من الخلق خمسة : وهو أن يحفظ عليهم دينهم ونفسهم وعقلهم ونسبهم ومالهم، فكل ما يتضمن حفظ هذه الأصول الخمسة فهو مصلحة، وكل ما يفوت هذه الأصول فهو مفسدة ودفعها مصلحة..."
وقد عرف الفقهاء الكليات الخمس بما يلي: هي التي لابد منها للإنسان أو هي الكليات التي يتوفر على وجودها صلاح الإنسان في الدنيا والآخرة.
أما أقسامها في الاسلام...... فهي: - 1) حفظ الدين . .2) -حفظ النفس أو الحياة. ..3)- حفظ العقل . .4)- حفظ النسل أو العرض . .5) - حفظ المال.وجعلها بعضهم ستة فزاد على الخمسة المذكورة، العرض، والكليات أو الضروريات الخمس هي أعلى مراتب مقاصد الشريعة الإسلامية ،و وسائل حفظ النفس بإذن الله تعالى في النقاط التالية:أولاً: تحريم الاعتداء على النفس.
وردت نصوص كثيرة من الكتاب والسنة تدل على تحريم الاعتداء عليها، من ذلك قوله تعالى:{ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جنهم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيماً}. (النساء آية 93).ومنها قوله : في أكبر اجتماع للناس عند موقف عرفة حيث قال: "إن دمائكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا ... الحديث". ([2])
ويترتب على الاعتداء عليها الأمور التالية:
أ- أنه من كبائر الذنوب.عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي : " اجتنبوا السبع الموبقات قالوا: يا رسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا، وأكل مال اليتيم ... الحديث.([3])
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "الفسادُ إما في الدينِ وإمّا في الدنيا، فأعظم فسادِ الدنيا قتلُ النفوس بغير الحقّ؛ ولهذا كان أكبرَ الكبائر بعدَ أعظمِ فسادِ الدِّين الذي هو الكفر". ([4])
ب- أنه سبب في الإحالة بينه وبين الجنة وإن كان ملء كف.
عن طريف أبي تميمة رضي الله عنه قال: قال رسول الله " ... ومن استطاع أن لا يحال بينه وبين الجنة بملء كف من دم أهرقه فليفعل".([5])
ج- استبعاد العفو عن القاتل لاستمراره في ضيق منكر القتل.
{20165}
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله " لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراماً". ([6]) والفسحة في الدين: سعة الأعمال الصالحة حتى إذا جاء القتل ضاقت؛ لأنها لا تفي بوزره". ([7])
وفي رواية أخرى: " لا يزال المؤمن مُعْنِقاً صالحاً ما لم يصب دما حراماً، فإذا أصاب دماً حراماً بلَّح".([8])
مُعْنِقاً: أي مسرعا في طاعته منبسطا في عمله. والتبليح: الإعياء، والمعنى: أن المؤمن لا يزال موفقا للخيرات مسارعا إليها ما لم يصب دماً حراما، فإذا أصاب ذلك أعيا وانقطع عنه ذلك لشؤم ما ارتكبه من الإثم.([9])
د- قاتل غير قاتله أعتى الناس ( من العتو وهو التكبر والتجبر).
عن أبي شريح الخزاعي رضي الله عنه أن رسول الله قال: " إن من أعتى الناس على الله من قتل غير قاتله، أو طلب بدم الجاهلية في الإسلام، أو بصر عينيه في النوم ما لم يبصر".([10])
ومعنى من قتل غير قاتله: أي من كان له دم عند شخص فيقتل رجلاً آخر غير من عنده له الدم سواء كان له مشاركة في القتل أولا.([11])
هـ- إراقة الدماء من الإفلاس.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال: أتدرون ما المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع. فقال: " إن المفلس من أمتي، يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته، قبل أن يقضى ما عليه، أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار".([12])
ثانيا: سد الذرائع المؤدية إلى قتل النفس.
فقد حرصت الشريعة على سد الذرائع المفضية إلى جلب المفاسد وتفويت المصالح فحرمت حمل السلاح عليهم، وذلك بقوله : "من حمل علينا السلاح فليس منا".([13]) ولما يلزم من فتن وقتل للمسلمين، وكل سبب أدى إلى قتل معصوم بغير حق فهو محرم؛ لما تقرر من أن الوسائل لها أحكام المقاصد.
- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : "من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتى وإن كان أخاه لأبيه وأمه".([14])
قال النووي رحمه الله: "فيه تأكيد حرمة المسلم والنهي الشديد عن ترويعه وتخويفه والتعرض له بما قد يؤذيه، وقوله صلى الله عليه و سلم: "وإن كان أخاه لأبيه وأمه" مبالغة في إيضاح عموم النهي في كل أحد سواء من يتهم فيه ومن لا يتهم وسواء كان هذا هزلاً ولعباً أم لا؛ لأن ترويع المسلم حرام بكل حال".([15])
- عن أبي موسى رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: "إذا مر أحدكم في مسجدنا أو في سوقنا ومعه نبل فليمسك على نصالها بكفه؛ أن يصيب أحدا من المسلمين منها بشيء".([16]).
{20166}
قال ابن بطال: "هذا من تأكيد حرمة المسلم لئلا يروع بها أو يؤذي؛ لأن المساجد مورودة بالخلق، ولا سيما في أوقات الصلوات، فخشي عليه السلام أن يؤذي بها أحد، وهذا من كريم خلقه، ورأفته بالمؤمنين. والمراد بهذا الحديث: التعظيم لقليل الدم وكثيره".([17])، ومثلها الأسلحة الصغيرة المنتشرة في بلادنا والقابلة للانفجار في أية لحظة، والتي يحملها الناس اليوم في المساجد، والأسواق العامة.
ثالثا: القصاص.
فالقصاص سبب من أسباب حفظ الأرواح، والنفوس من التلف، وذلك أن الله أخبر في كتابه أن في القصاص حياة {ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون}. البقرة أية 179. وبيان ذلك من وجوه:
الأول: أن القاتل إذا علم أنه إذا قَتَل قُتِل كف عن القتل وازدجر، فيَسْلم من أُريد قتله من القتل، والقاتلُ بعدم تعريض نفسه للقصاص، فيكون القصاص حياة لهما جميعا.
الثاني: أنه بالقصاص لا يقتل إلا القاتل فكأن في قتل القاتل بقاء لغيره، وكانوا في الجاهلية يقتلون القاتل وغيره، وربما قتلوا من هو خير من القاتل.([18])
وفي المعجم الكبير للطبراني : عَنْ حَبِيبِ بن أَبِي ثَابِتٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , قَالَ: قُتِلَ قَتِيلٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يُعْلَمُ قَاتِلُهُ , فَصَعِدَ مِنْبَرَهُ , فَقَالَ:يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَيُقْتَلُ قَتِيلٌ وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ لا يُعْلَمُ مَنْ قَتَلَهُ؟ لَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ اجْتَمَعُوا عَلَى قَتْلِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَعَذَّبَهُمُ اللَّهُ بِلا عَدَدٍ وَلا حِسَابٍ.> المعجم الكبير للطبراني .
من أجل الورع تعفف الكثيرمن سلفنا عن تولي الإمارة ففي تاريخ بغداد وحدثني عمي مصعب قال: أخبرني الفضل بن الربيع قال: دعاه أمير المؤمنين المهدي إلى قضاء المدينة فلم أرى رجلاً قط كان أصح استعفاء منه قال: لأمير المؤمنين إني كنت وليت ولاية فخشيت أن لا أكون سلمت منها وأعطيت الله عهداً أن لا ألي ولاية أبداً وأنا أعيذ أمير المؤمنين بالله ونفسي أن لا يحملني على أن أخيس بعهد الله قال: له المهدي فوالله لقد أعطيت هذا من نفسك قبل أن أدعوك؟ والله لقد أعطيت هذا من نفسي قبل أن تدعوني قال: فقد أعفيتك.
ومن كلام عمر بن عبد العزيز رحمه الله كما في حلية الأولياء لأبي نعيم الأصبهاني ومنهاج السنة لشيخ الإسلام ابن تيمية وغيرهما: قال عمر بن عبد العزيز: تلك دماء طهر الله منها يدي فلا أحب أن أخضب بها لساني، وقال آخر: تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ. وفي غيرهما: تلك دماء طهر الله منها أيدينا فلا نلوث بها ألسنتنا. وقد رويت عنه رحمه الله تعالى بألفاظ مختلفة غير هذه الألفاظ.
**رابعا>>ـ ومن المصائب في الدين : الانغماس في الشركيات والبدع .
قال الله تعالى واصفاً عباد الله الصالحين المتقين: { حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ } [ الحج:31]. فمن أشرك بالله فقد أهلك نفسه إهلاكا ليس بعده نهاية , ومن ابتدع في دينه بتعليق التمائم , وقراءة الطالع والنجوم وإتيان السحرة والكهنة والعرافين،
{20167}
والتعلق بالأولياء والصالحين من دون رب العالمين، وغير ذلك من أنواع المعاصي فقد أوجب على نفسه الخسران والبوار , وغضب الجبار ودخول النار .
عن الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ رضي الله عنه أنه قال:قَامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ ذَاتَ يَوْمٍ ، فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ، وَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ ، وَذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ ، فَقِيلَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، وَعَظْتَنَا مَوْعِظَةَ مُوَدِّعٍ ، فَاعْهَدْ إِلَيْنَا بِعَهْدٍ ، فَقَالَ : عَلَيْكُمْ بِتَقْوَى اللهِ ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ ، وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا ، وَسَتَرَوْنَ مِنْ بَعْدِي اخْتِلاَفًا شَدِيدًا ، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي ، وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ ، وَإِيَّاكُمْ وَالأُمُورَ الْمُحْدَثَاتِ ، فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ.أخرجه ابن ماجة (42).
فمن أصيب في دينه بشرك أو بدعة أو كبيرة فقد ضاع من دينه ودنياه بقدر ما أصيب. وأما من أصيب في دنياه بخوف أو جوع أو فقر أو غير ذلك فقد نقص من دنياه ما كتب له، ثم إن هو صبر ورضي عوّضه الله خيرا منه .
**خامسا >>/ ومن المصائب في الدين : ترك العبادات والإقبال على المعاصي والشهوات .
من مصائب الدين أن يترك المسلم العبادات التي شرعها رب البريات , ويقبل على الملذات والمعاصي والشهوات . فترك الصلاة عموماً من أكبر المصائب , وترك صلاة الجماعة خصوصاً كذا من أعظم المصائب .
روى مسلم في صحيحه أن رجلاً أعمى قال : يا رسول الله ، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد ، فسأل رسول الله أن يرخص له ، فلماّ ولىّ دعاه فقال : " هل تسمع النداء ؟ قال : نعم ، قال : فأجب " وفي رواية قال : " لا أجد لك رخصة " . كان سلفنا الصالح رحمهم الله تعالى محافظين على الصلاة جماعة في وقتها دون تأخير . وكان إذا فاتت أحدهم تكبيرة الإحرام يعزونه ثلاثة أيام أما إذا فاتته الصلاة مع الجماعة فيعزونه سبعة أيام بقولهم: ليس المصاب من فقد الأحباب إنما المصاب من حرم الثواب. وكان أحدهم إذا أراد أن يدق مسماراً في جدار وسمع صوت المؤذن ترك ذلك إلى ما بعد الصلاة. وكانوا رضوان الله عليهم يعدون ترك صلاة الجماعة مصيبة تستحق التعزية . وقال حاتم الأصم: مصيبة الدين أعظم من مصيبة الدنيا، ولقد ماتت لي بنت فعزاني أكثر من عشرة آلاف وفاتتني صلاة الجماعة فلم يعزني أحد. كان الصحابيان الجليلان: عمار بن ياسر وعباد بن بشر رضي الله عنهما يتناوبان على حراسة ثغر من ثغور المسلمين وبينما كان عمار نائماً وعباد يحرس المسلمين أراد عباد أن يناجي ربه فدخل في الصلاة حيث الخشوع والإخلاص بعيداً عن أعين الناس وبينما هو كذلك في ليلة مقمرة إذ خرج عليهم رجل مشرك فرآه يصلي فسدد سهماً فأصابه في ذراعه وعباد مستمر في صلاته لا يقطعها فسدد ذاك المشرك سهماً ثانياً في ذراعه الأخرى ثم في ظهره فسال دمه وهو يصلي يقول عباد: والله لولا خوفي أن يؤتى المسلمون من قبلي لما قطعت الصلاة فأيقظ عماراً لذلك لأنه كان في لذة عجيبة لذة العبادة وحلاوة العبادة التي لو علمها الملوك لقاتلونا عليها بالسيوف .
{20168}
والتابعي الجليل عروة بن الزبير أحد فقهاء المدينة المنورة رحمه الله تعالى عندما أرادوا أن يقطعوا رجله ... طلبوا منه أن يتعاطى مخدراً حتى لا يشعر بالألم ومعلوم أن ذلك يجوز للضرورة ولكنه أبى ذلك ورعاً منه وتقوى وقال لهم: أعوذ بالله أن أستعين بمعصية الله على ما أرجوه من العافية إنه لا يريد أن يغفل عن الله تعالى قال لهم: دعوني أصلي ثم افعلوا ما بدا لكم وحقاً فإنه كبر ودخل في الصلاة وبتروا ساقه بمنشار ثم وضعوا رجله في زيت مغلي حتى ينقطع الدم وهو يصلي ثم أغمي عليه فلما أفاق قال لهم: قربوا لي ساقي فأخذ يقلبها ويقول: الله يعلم أني ما مشيت بك إلى معصيته ما مشيت بك إلا إلى المساجد في الظلم وزيارة الإخوان والأرحام ثم قال: الحمد لله على كل حال لئن أخذ الله فكثيراً ما أعطى ولئن ابتلى فكثيراً ما عافى.
**سادسا>>ـ من المصائب في الدين: الإقبال على المعاصي وإلفها , بل والتفاخر والمجاهرة بها .كما هو ديدن الناس الآن في الشواطئ والأعراس والملاهي الليلية إن من يرى العناق والعري بشواطئ بلاد المسلمين ليجزم أنه يعيش في أروبا أو غيرها من بلاد الإباحية والكفر نعوذ بالله .
قال النبي : " كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل العبد بالليل عملا، ثم يصبح قد ستره ربه، فيقول: يا فلان! قد عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه "متفق عليه .
قال أبو الدرداء : (من هوان الدنيا على الله أنه لا يُعصى إلا فيها، ولا ينال ما عنده إلا بتركها) القرطبي في تفسيره (6/415).
فللذنوب والمعاصي من الآثار القبيحة المذمومة المضرة بالقلب والبدن في الدنيا والآخرة ما لا يعلمه إلا الله فمن ذلك :
1- حرمان العلم : فإن العلم نور يقذفه الله في القلب والمعصية تطفئ ذلك النور قال الشافعي لرجل أني أرى الله قد ألقى على قلبك نوراً فلا تطفئه بظلمة المعصية .
2- حرمان الرزق : وفي المسند إن العبد يحرم الرزق بالذنب يصيبه . فكما أن تقوى الله مجلبة للرزق بالمثل ترك المعاصي .
3- وحشة وظلمة في القلب : وحشة يجدها العاصي في قلبه بينه وبين الله وهذا أمر لا يحس به إلا من كان في قلبه حياة وما لجرح بميت إيلام .
4- تعسير أموره عليه فلا يتوجه لأمر إلا ويجده مغلقاً دونه أو متعسراً عليه .
5- حرمان الطاعة : فلو لم يكن للذنب عقوبة فكفاه انه صد عن طاعة الله فالعاصي يقطع عليه طاعات كثيرة كل واحدة منها خير من الدنيا وما فيها .
6- إن المعصية سبب لهوان العبد على ربه : قال الحسن البصري هانوا عليه فعصوه ولو عزوا عليه لعصمهم وإذا هان العبد على ربه لم يكرمه أحد .
7- أن الذنوب إذا تكاثرت طُبعِ على قلب صاحبها كما قال بعض السلف في قول الله تعالى { كّلاَّ بّلً رّانّ عّلّى" قٍلٍوبٌهٌم مَّا كّانٍوا يّكًسٌبٍونّ } سورة المطففين 14، الران : هو الذنب بعد الذنب .
8- تقصر العمر وتمحق البركة : فإن البر كما يزيد في العمر فالفجور ينقصه فإذا أعرض العبد عن الله واشتغل بالمعاصي ضاعت عليه أيام حياته.
{20169}
قال عبد الله بن المبارك:
رأيت الذنوب تميت القلوب * * * وقد يورث الذل إدمانها
وترك الذنوب حياة القلوب * * * وخير لنفسك عصيانها
وقال أبو العتاهية :
فيا عجبا! كيف يعصى الإله؟! * * * أم كيـف يجحده الجاحـــد؟!
ولله فـي كـلّ تحريـكــــــــــــة * * * عليـنا وتسكينة شاهـــــــــد
وفـي كلّ شـيء له آيــــــــــــة * * * تـدل علـى أنّه واحـــــــــــد
سابعا>>ـ من المصائب في الدين: عدم استغلال مواسم الطاعات .
روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله : " افعلوا الخير دهركم وتعرضوا لنفحات رحمة الله فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده وسلوا الله أن يستر عوراتكم وأن يؤمن روعاتكم" (البيهقي في شعب الإيمان ( 2/42 ) والطبراني في الدعاء ( 1/ 30 ) .
فمن أعظم مصائب الدين أن تدخل على المسلم مواسم الطاعات فلا يستغلها في طاعة الله , فيدخل عليه شهر رمضان فلا يصوم ولا يقوم , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ أَدْرَكَ عِنْدَهُ أَبَوَاهُ الْكِبَرَ فَلَمْ يُدْخِلَاهُ الْجَنَّةَ ( رواه الترمذي ) .
ويأتي عليه موسم الحج وهو المستطيع القادر فيتعلل ولا يحج , عن النبي قال : ( ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله منه في هذه الأيام العشر . قالوا ولا الجهاد في سبيل الله !! قال : ولا الجهاد في سبيل الله ، إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء) أخرجه البخاري 2/457 .
وعنه أيضا ،ً رضي الله عنهما ، عن النبي قال : ( ما من عمل أزكى عند الله عز وجل ، ولا أعظم أجراً من خير يعمله في عشر الأضحى . قيل : ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال : ولا الجهاد في سبيل الله عز وجل ، إلا رجل خرج بنفسه وماله ، فلم يرجع من ذلك بشيء ) رواه الدرامي 1/357 وإسناده حسن كما في الإرواء 3/398 . ويحين موعد الزكاة فيسوف ويتهرب , وهكذا دأبه , وذلك دربه .
قال صلى الله عليه و سلم : " ينزل الله تعالى في كل ليلة إلى السماء الدنيا، فيقول : أنا الملك أنا الملك ثلاثا. من يسألني فأعطيه؟ من يدعوني فأستجيب له؟ من يستغفرني فاغفر له؟ فلا يزال كذلك حتى يطلع الفجر " أخرجه أحمد 4/81(16866).
وقال صلى الله عليه و سلم : "إن في الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله فيها خيراً إلا أعطاه إياه" ( رواه أحمد ).
قال ابن الوردي :
أطـلبُ الـعِلمَ ولا تـكسَلْ فما * * * أبـعدَ الـخيرَ عـلى أهلِ الكَسَلْ
واحـتفلْ لـلفقهِ فـي الدِّين ولا * * * تـشـتغلْ عـنهُ بـمالٍ وخَـوَلْ
واهـجرِ الـنَّومَ وحـصِّلهُ فـمنْ * * * يـعرفِ الـمطلوبَ يحقرْ ما بَذَلْ
{20170}
لا تـقـلْ قـد ذهـبتْ أربـابُهُ * * * كـلُّ من سارَ على الدَّربِ وصلْ
فـي ازديـادِ الـعلمِ إرغامُ العِدى * * * وجـمالُ الـعلمِ إصـلاحُ العملْ
**ثامنا>>من المصائب في الدين : الجزع من مصائب الدنيا .
الصبر هو : خلق فاضل من أخلاق النفس يمنع به من فعل مالا يحسن و لا يجمل و هو قوة من قوى النفس التي بها صلاح شأنها و قوام أمرها . قال سعيد بن جبير : الصبر اعتراف العبد لله بما أصابه منه و احتسابه عند الله و رجاء ثوابه و قد يجزع الرجل و هو متجلد لا يرى منه إلا الصبر. وأكمل المؤمنين من جمع بين الصبر على المصيبة والرضا عن الله جل وعلا وطمأنينة النفس بذلك، يرجو ما عند الله من الثواب الذي وعد به الصابرين الصادقين، إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ [الزمر:10]. عن صهيب رضي الله عنه عن النبي قال : عجبا لأمر المؤمن ! أن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وان أصابته ضراء صبر فكان خيرا له . رواه مسلم.
فمن صبر على طاعة الله وصبر عن محارم الله وصبر على قضاء الله واطمأنت نفسه وسلم لله في قضائه وقدره ورضي فله الرضا وذلك من المؤمنين حقا , ومن تسخط وجزع فعليه السخط وخاب وخسر . عَنْ أَنَسٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ ، أَنَّهُ قَالَ:عِظَمُ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلاَءِ ، وَإِنَّ اللهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاَهُمْ ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا ، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ.أخرجه ابن ماجة 4031 والتِّرْمِذِيّ" 2396. قال منصورٌ بن عمار : " من جزع من مصائب الدُّنيا، تحوّلت مصيبتُه في دينه "طبقات الأولياء 1/ 48 . فالجزع من مصائب الدنيا فيه اعتراض وتسخط على قضاء الله وقدره وذلك من أعظم المصائب في الدين ؛ لأنه يشكو الرحيم إلى من لا يرحم .
أوحى الله تعالى إلى عزير : إذا نزلت بك بليةٌ لا تشكني إلى خلقي كما لم أشكك إلى ملائكتي عند صعود مساوئك إلي ، وإذا أذنبت ذنباً فلا تنظر إلى صغره ، ولكن انظر من أهديته إليه . يقول أحد العلماء الكرام : الجاهل يشكو الله إلى الناس وهذا غاية الجهل بالمَشكُو والمَشكُو إليه ، المَشكُو كامل كمالاً مطلقاً ، والمشكو إليه ناقص وضعيف ، شكوت الذي يرحم إلى الذي لا يرحم ، شكوت الكامل إلى الناقص ، شكوت الغني إلى الفقير ، شكوت القوي إلى الضعيف . قال الشاعر :
إذا كان شكر نعمة الله نعمة * * علي له في مثلها يجب الشكر
فكيف بلوغ الشكر إلا بفضله * * وان طالت الأيام واتسع العمر
إذا مس بالنعماء عم سرورها * * وإن مس بالضراء أعقبه الأجر
فراجع نفسك – وتأمل قلبك وفكر في أعمالك , وإياك أن تكون مصيبتك من أعظم المصائب , إياك أن تكون مصيبتك في دينك . اهـ منتدى مجالس القراء.
**تاسعا من المصائب في الدين : التعصب للمذهب ونصرته ولو خالف الصحيح مثل ما يصدر من بعض المعممين الذين افتتنوا بقوة السلطة ففرضوا على الناس أن يعملوا بالمذهب تحقيقا لنزواتهم المادية فقط .من ذالك :\
{20171}
1>ـ قولهم بكراهية ستة أيام من شوال لأن مالكا رحمه قال بذالك .روى مسلم وغيره : عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ حَدَّثَهُ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ> قال النووي : فِيهِ دَلَالَة صَرِيحَة لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وَدَاوُد وَمُوَافِقَيْهِمْ فِي اِسْتِحْبَاب صَوْم هَذِهِ السِّتَّة ، وَقَالَ مَالِك وَأَبُو حَنِيفَة : يُكْرَه ذَلِكَ ، قَالَ مَالِك فِي الْمُوَطَّإِ : مَا رَأَيْت أَحَدًا مِنْ أَهْل الْعِلْم يَصُومهَا ، قَالُوا : فَيُكْرَهُ ؛ لِئَلَّا يُظَنَّ وُجُوبُهُ . وَدَلِيل الشَّافِعِيّ وَمُوَافِقِيهِ هَذَا الْحَدِيث الصَّحِيح الصَّرِيح ، وَإِذَا ثَبَتَتْ السُّنَّة لَا تُتْرَكُ لِتَرْكِ بَعْضِ النَّاسِ أَوْ أَكْثَرِهِمْ أَوْ كُلِّهِمْ لَهَا ، وَقَوْلهمْ : قَدْ يُظَنّ وُجُوبهَا ، يُنْتَقَض بِصَوْمِ عَرَفَة وَعَاشُورَاء وَغَيْرهمَا مِنْ الصَّوْم الْمَنْدُوب
2>ـ قولهم بمنع دعاء القنوت في رمضان مع أنه اختلف عن مالك في هذا .قلت>>\\\\ حكم القنوت في الوتر وموقف مالك منه >>\\\\
في نيل الأوطار \\:وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ الْحَاكِمِ فِي كِتَابِ الْقُنُوتِ قَالَ : { إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَ أَحَدَ ابْنَيْهِ فِي الْقُنُوتِ : اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ } الْحَدِيثُ
وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى عِنْدَ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ ، وَفِيهِ ذِكْرُ الْقُنُوتِ فِي الْوِتْرِ .
وَعَنْ أُمِّ عَبْدٍ أُمِّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عِنْد ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيِّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " قَنَتَ قَبْل الرُّكُوعِ " وَالْأَحَادِيث الْمَذْكُورَةُ تَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْقُنُوتِ بِهَذَا الدُّعَاءِ الْمَذْكُورِ فِي حَدِيثِ الْحَسَنِ وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَتْ الْعِتْرَةُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ ، وَرَوَى ذَلِكَ التِّرْمِذِيُّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ .وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ ، قَالَ الْعِرَاقِيُّ : بِأَسَانِيدَ جَيِّدَةٍ .
وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ أَيْضًا عَنْ عَلِيٍّ وَعُمَرَ .
وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ
قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَكُونُ الْمُؤْمِنُ جَبَانًا فَقَالَ نَعَمْ فَقِيلَ لَهُ أَيَكُونُ الْمُؤْمِنُ بَخِيلًا فَقَالَ نَعَمْ فَقِيلَ لَهُ أَيَكُونُ الْمُؤْمِنُ كَذَّابًا فَقَالَ لَا>
إن المصاب في الدين جلل يفقد في ظله المرء كل خصال الخير وخلق الحياء .
ولقد استعاذ سيد الخلق من المصيبة في الدين فروى الترمذي :عن خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ
قَلَّمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُومُ مِنْ مَجْلِسٍ حَتَّى يَدْعُوَ بِهَؤُلَاءِ الدَّعَوَاتِ لِأَصْحَابِهِ اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ وَمِنْ الْيَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مُصِيبَاتِ الدُّنْيَا وَمَتِّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا وَاجْعَلْهُ الْوَارِثَ مِنَّا وَاجْعَلْ ثَأْرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا وَلَا تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا وَلَا تَجْعَلْ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا وَلَا مَبْلَغَ عِلْمِنَا وَلَا تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لَا يَرْحَمُنَا >قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ->رواه الترمذي والحاكم وحسنه الألباني في صحيح الجامع-
إنّ الله عزوجل خص نبيه-- بجوامع الكلم...وجوامع الكلم كلمات قليلة قصيرة في مبناها جليلة عظيمة في معناها، ومن تأمل جوامع كلمه-- علم أنها آية باهرة من آيات نبوته؛ لما حوته من بلاغة وأسرار وأنوار...ومن الأدعية الجامعة العظيمة دعاء ورد عنه-- الذ سبق ذكره وهو قوله (( ولا تجعل مصيبتنا في ديننا...)) ، هذه الجملة لها دلالات عظيمة، وتشير إشارات جليلة...
فهذه الجملة تشعرك أن أعظم مصيبة تصيب العبد هي مصيبته في دينه، مصيبته في ترك الطاعة، مصيبته في فعل المعصية، مصيبته في قسوة قلبه، مصيبته في انقطاع صلته بربه، هذه المصيبة أعظم من مصيبة الأهل والمال والولد...بل فقدان الدنيا بأجمعها أهون من أن يصاب العبد بشىء في دينه؛ وما ذلك إلا لأن الدين هو أغلى ما يملكه العبد، لأنّ دينه هوسبب صلاحه وسعادته في الدنيا، وسبب نجاته يوم الفقر والفاقة ((يوم لا ينفع مال ولا بنون...))وهذا المعنى قد تظاهرت أدلة كثيرة على
{20159}
ترسيخه في قلب المؤمن وسلوكه...فمن هذه الأدلة: هذا الدعاء الذي معنا، وغيره من الأدعية التي فيها التضرع و اللهج بحفظ الدين...
ومن ذلك: الأمر بالثبات في ساحة الجهاد والتحذير الشديد من الفرار، ومعلوم أن الجهاد قد يؤدي إلى الذهاب بحياة الإنسان، ومع ذلك فالمؤمن يثبت ولا يفرّ؛ لأن في الجهاد رفعة لدينه وإن كان الثمن هو حياته فدينه أغلى من حياته، بل ليس هناك مقارنة بينهما عند الراسخين في مقامات الإيمان...
ومن الدلائل أيضاً والتي تشير إلى أن الدين هو أغلى ما يملكه العبد: مسألة تمني الموت، فالأصل أن العبد ممنوع شرعاً من تمني الموت، إلا أن العلماء استثنوا من هذا الأصل حالة يجوز للعبد فيها أن يتمنى الموت، وهي عندما يخاف العبد على دينه من الفتن؛وما ذلك إلا لأن دين المؤمن أغلى عنده من حياته التي هي أغلى ما يحرص عليه البشر. ...واعلم أن مبدأ تقديم الدين على كل شىء ليس كلمة تقال باللسان، بل هذا المبدأ له علامات ودلالات في حياة العبد تدل على صدقه إن وجدت، فمن هذه العلامات:
1>ـ تقديم الدين على كل شىء، والتضيحة بكل شىء من أجل الإبقاء على الدين.2>ـ حمل هم الدين، واستيلاء هذا الهم على العقل والقلب والسلوك...3>ـ الأخذ بأسباب حفظ الدين، وهذا يقودنا إلى سؤال أخير في موضوعنا...كيف يحفظ العبد دينه؟
1>ـ الاستعانه بالله، والتوكل عليه في حفظ الدين، وكثرة التضرع والدعاء واللهج بذلك.2>ـ لزوم العلم النافع، والعمل الصالح، والدعوة إلى الله.3>ـ الابتعاد عن مواطن الفتن التي تضر بالدين من شبهات أو شهوات...
ـ دوام الحذر، والخوف على الدين، وعدم الأمن من مكر الله.4>ـ ـ لزوم الصحبة الصالحة التي تذكر بالله وتعين على طاعته.اهـ الأكاديمية الإسلامية المفتوحة .ملتقى أهل العلم
\\تهون الحياة وكلٌّ يهـــــــــــون * * * ولكن ديننا لا يهـــــــــــــــــون\\
\\مِن كلِّ شيء إذا ضيعتَه عوضٌ * * * وما مِِن الله إنْ ضيعتَه عوضُ \\
وأيضا :علمنا ربنا دعاء الراسخين في العلم بالثبات على الدين وعدم الزيغ فيه فقال : >وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (7) رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ( الآية .آل عمران..والآن إلى صور المصيبة في الدين :
أولا>\\الصورة الأولى:المصاب بإطلاق الكلمة جزافا دون تثبت ولا ترو قصد التشويش على الآخرين وإثارة النعرات والرواج لسوق الكذب ليغلى سعره ويكثر رواده وهذا مرض خطير يصاب به المفرطون والذين لاخلاق لهم وهو الأمر الذي كثر متعاطيه في هذا الزمان خاصة بعض الإعلام المقروء والمسموع بل جعل بعض الناس رواج الكذب على الآخرين من أسباب الأرتزاق يتأكلون به وهذا من القواصم وخير دليل على ذالك ما بثته القناة المغربية يوم الثلاثاء السابع والعشرون من غشت 2014ذالك أن رجلا اشترى لزوجته سيارة وفيلا فأغار ذالك صدر أخته فأعطت مالا لحد مرضى القلوب ليدلي بشهادة زورا لزوجتها أنه رءا زوجته ترقص
{20160}
في النوادي الليلية فصدق الكذبة فهاجر البيت والأولاد إلى الخارج واضطر الأبناء لمقاطعة الدراسة.لكن بعد حين جاء الشاهد زورا إلى المرأة المفترى عليها بعد أن وبخه ضميره فحكى لها سر القصة معاتبعا نفسه نادما على ما فعل .قلت هذا قل من كثر مما وقع ويقع في ظل انسلاخ الناس من رحمة الشريعة إلى قسوة شريعة الغاب
ولقد عالج سيد الخلق هذه الظاهرة السيئة التي خلطت المفاهم واطاحت بالأخلاق وذهبت بالدين فقال :روى مالك في الموطإ والترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ >قَالَ هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَلَمَةَ. قَوْلُهُ : ( مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ )
أَيْ مِنْ جُمْلَةِ مَحَاسِنِ إِسْلَامِ الْإِنْسَانِ وَكَمَالِ إِيمَانِهِ .قوله تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ )
قَالَ اِبْنُ رَجَبٍ الْحَنْبَلِيُّ فِي كِتَابِ جَامِعِ الْعُلُومِ وَالْحَكَمُ فِي شَرْحِ هَذَا الْحَدِيثِ مَا لَفْظُهُ : مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِهِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ مِنْ قَوْلٍ وَفِعْلٍ ، وَاقْتِصَارُهُ عَلَى مَا يَعْنِيهِ مِنْ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ ، وَمَعْنَى يَعْنِيهِ أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ عِنَايَتُهُ بِهِ وَيَكُونُ مِنْ مَقْصِدِهِ وَمَطْلُوبِهِ ، وَالْعِنَايَةُ شِدَّةُ الِاهْتِمَامِ بِالشَّيْءِ ، يُقَالُ عَنَاهُ يَعْنِيهِ : إِذَا اِهْتَمَّ بِهِ وَطَلَبَهُ ، وَإِذَا حَسُنَ الْإِسْلَامُ اِقْتَضَى تَرْكَ مَا لَا يَعْنِيهِ كُلَّهُ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ وَالْمُشْتَبِهَاتِ وَالْمَكْرُوهَاتِ وَفُضُولِ الْمُبَاحَاتِ الَّتِي لَا يُحْتَاجُ إِلَيْهَا ، فَإِنَّ هَذَا كُلَّهُ لَا يَعْنِيهِ الْمُسْلِمُ إِذَا كَمُلَ إِسْلَامُهُ اِنْتَهَى مُخْتَصَرًا . قَالَ الْقَارِي فِي مَعْنَى تَرْكِهِ مَا لَا يَعْنِيهِ : أَيْ مَا لَا يُهِمُّهُ وَلَا يَلِيقُ بِهِ قَوْلًا وَفِعْلًا ، وَنَظَرًا وَفِكْرًا وَقَالَ : وَحَقِيقَةُ مَا لَا يَعْنِيهِ مَا لَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي ضَرُورَةِ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ ، وَلَا يَنْفَعُهُ فِي مَرْضَاةِ مَوْلَاهُ بِأَنْ يَكُونَ عَيْشُهُ بِدُونِهِ مُمْكِنًا .
وَهُوَ فِي اِسْتِقَامَةِ حَالِهِ بِغَيْرِهِ مُتَمَكِّنًا ، وَذَلِكَ يَشْمَلُ الْأَفْعَالَ الزَّائِدَةَ وَالْأَقْوَالَ الْفَاضِلَةَ . قَالَ الْغَزَالِيُّ : وَحَدُّ مَا يَعْنِيك أَنْ تَتَكَلَّمَ بِكُلِّ مَا لَوْ سَكَتّ عَنْهُ لَمْ تَأْثَمْ وَلَمْ تَتَضَرَّرْ فِي حَالٍ وَلَا مَالٍ .
وَمِثَالُهُ أَنْ تَجْلِسَ مَعَ قَوْمٍ فَتَحْكِيَ مَعَهُمْ أَسْفَارَك وَمَا رَأَيْت فِيهَا مِنْ جِبَالٍ وَأَنْهَارٍ ، وَمَا وَقَعَ لَك مِنْ الْوَقَائِعِ ، وَمَا اِسْتَحْسَنْته مِنْ الْأَطْعِمَةِ وَالثِّيَابِ ، وَمَا تَعَجَّبْت مِنْهُ مِنْ مَشَايِخِ الْبِلَادِ وَوَقَائِعِهِمْ ، فَهَذِهِ أُمُورٌ لَوْ سَكَتّ عَنْهَا لَمْ تَأْثَمْ وَلَمْ تَتَضَرَّرْ ، وَإِذَا بَالَغْت فِي الِاجْتِهَادِ حَتَّى لَمْ يَمْتَزِجْ بِحِكَايَتِك زِيَادَةٌ وَلَا نُقْصَانٌ وَلَا تَزْكِيَةُ نَفْسٍ مِنْ حَيْثُ التَّفَاخُرُ بِمُشَاهَدَةِ الْأَحْوَالِ الْعَظِيمَةِ ، وَلَا اِغْتِيَابٍ لِشَخْصٍ ، وَلَا مَذَمَّةٍ لِشَيْءٍ مِمَّا خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، فَأَنْتَ مَعَ ذَلِكَ كُلِّهِ مُضَيِّعٌ زَمَانَك ، وَمُحَاسَبٌ عَلَى عَمَلِ لِسَانِك ، إِذْ تَسْتَبْدِلُ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِاَلَّذِي هُوَ خَيْرٌ ؛ لِأَنَّك لَوْ صَرَفْت زَمَانَ الْكَلَامِ فِي الذِّكْرِ وَالْفِكْرِ ، رُبَّمَا يَنْفَتِحُ لَك مِنْ نَفَحَاتِ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى مَا يَعْظُمُ جَدْوَاهُ ، وَلَوْ سَبَّحْت اللَّهَ بَنَى لَك بِهَا قَصْرًا فِي الْجَنَّةِ . وَهَذَا عَلَى فَرْضِ السَّلَامَةِ مِنْ الْوُقُوعِ فِي كَلَامِ الْمَعْصِيَةِ ، وَأَنْ لَا تَسْلَمَ مِنْ الْآفَاتِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا اِنْتَهَى .تحفة الأحوذي
*ثانيا>>ـ التحريض على الكراهية وتصنيف الناس إلى أعداء ومقربين وإثارة زوبعة النعرة القبلية التي قتلها الإسلام في مهدها .ففي صحيح البخاري : جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ
كُنَّا فِي غَزَاةٍ قَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً فِي جَيْشٍ فَكَسَعَ رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ يَا لَلْأَنْصَارِ وَقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ يَا لَلْمُهَاجِرِينَ فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
{20161}
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا بَالُ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَسَعَ رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ فَسَمِعَ بِذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ فَقَالَ فَعَلُوهَا أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَامَ عُمَرُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعْهُ لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ وَكَانَتْ الْأَنْصَارُ أَكْثَرَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ ثُمَّ إِنَّ الْمُهَاجِرِينَ كَثُرُوا بَعْدُ>
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَة )أَيْ قَبِيحَة كَرِيهَة مُؤْذِيَة .ففي الفتح : قَوْله : ( دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَة )أَيْ دَعْوَة الْجَاهِلِيَّة . وَأَبْعَدَ مَنْ قَالَ الْمُرَاد الْكَسْعَة . وَمُنْتِنَة بِضَمِّ الْمِيم وَسُكُون النُّون وَكَسْر الْمُثَنَّاة مِنْ النَّتِن أَيْ أَنَّهَا كَلِمَة قَبِيحَة خَبِيثَة ،
قوله( مَا بَالُ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ )أَيْ مَا شَأْنُهَا وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ إِنْكَارٌ وَمَنْعٌ عَنْ قَوْلِ يَا لَفُلَانٍ وَنَحْوِهِ
إن البشرية لن تر الاستقرار المنشود في ظل الشعارات العجفاء إلا إذا طبقت المنهج الرباني الذي لايايته الباطل من بين يديه ولا من خلفه فامتثال أمره واجتناب نهيه يجنب البشرية النكد والشقاء والتطاحن والاختلاف وإلا فمنذ ظهور ءاراء البشر على السطح وحكمت نزواتهم إلا والسوء يزداد والشر يتنامى فإن لم يعد صناع القرار إلى رشدهم لاشك أننا سنواجه الأسوأ كما نراه ما ثلا على أرض الواقع من أوضح الواضحات لا يجادل فيه إلا مهوس : فمند انسلاخ الناس من أحكام الله ونادوا إلى التحرر والتقيد إلا ونرى من الجرائم مالا يعده حصرولايحده عد بل ما حصل في ظل همينة تلك الآراء إلا ازدواجية المعاير واللعب على وطر التمذهب والطائفية . رفع شعارها يوما بعض الأصحاب فقال {ص) (( أبدعى الجاهلية اتركوها إنها منتنة )) فما رفع السلم السلاح في وجه أخيه المسلم إلا تحت شعار الطائفية والوطنية والجنسية والقومية والحزبية من هنا نقول إن خلاصنا
بين الدفتين من ثم قال عمر مؤنبا خليفته أبا عبيدة على القدس : (( إن الله أعزنا بالإسلام فمهما ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله ))
ومن من بين الشعارات الحزبية التي فرقت الصف الإسلامي في القرن العشرين
: القومية العربية وهي فكرة تقدس الأمة وتتعصب للجنس جاءت الفكرة من ألمانيا ثم بثت في بلاد المسلمين لإسقاط الخلافة العثمانية يومئذومن ثم أثيرت القومية الطارونية داخل تركيا والقومية العربية داخل الولايات التابعة لها فتزعم الأولى حزب الترقي والثانية الشريف حسين أمير مكة واعده الغرب بأن يولوه رئاسة العرب لأن الخلافة العثمانية ستسقط فحارب المسلمين الأتراك تحت هذه الراية العمية ثم بعد إسقاط الخلافة نفوه إلى قبرص فبقي فيها إلى أن مات كئيبا ..............وللدعوة القومية نتائج:
منها إقصاء الإسلام وتقريغ القضية السياسية والاجتماعية من المحتوى الإسلامي وإحلال فلسفة أخرى وعقيدة أخرى محل عقيدته واستبدال رابطة أخرى برابطته لعزل الشعوب الإسلامية بعضها عن بعض وبذلك تتقطع الصلاة وقد شجعت الدول الأوربية على ظهور القومية العربية في صورتها العلمانية لتحقيق مطامعها في
{20162}
احتلال الشرق الأوسط ففي عهد النبوة آخى النبيبين المهاجرين والأنصار ولما أراد أحد المسلمين أن يثير هذه النعرة فقال أحدهم ياللأنصار وقال الآخر يا للمهاجرين فقالغاضبا مَا بَالُ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ قَالُوا رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ كَسَعَ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ > سنن الترمذي وفي حديثه أكد هذاالمعنى فقال(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ يَدْعُو إِلَى عَصَبِيَّةٍ أَوْ يَغْضَبُ لِعَصَبِيَّةٍ فَقِتْلَتُهُ جَاهِلِيَّةٌ}سنن ابن ماجه وقال لأصحابه أيضا :كما في سنن أبي داود : عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَيْسَ مِنَّا مَنْ دَعَا إِلَى عَصَبِيَّةٍ وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ قَاتَلَ عَلَى عَصَبِيَّةٍ وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ مَاتَ عَلَى عَصَبِيَّةٍ" .. فانتهى أمر هذا النتن .. نتن عصبية النسب . وماتت هذه النعرة .. نعرة الجنس ، واختفت تلك اللوثة .. لوثة القوم ، واستروح البشر أرج الآفاق العليا ، بعيداً عن نتن اللحم والدم ، ولوثة الطين والأرض .. منذ ذلك اليوم لم يعد وطن المسلم هو الأرض ، إنما عاد وطنه هو " دار الإسلام " الدار التي تسيطر عليها عقيدته وتحكم فيها شريعة الله وحدها ، الدار التي يأوي إليها ويدافع عنها ، ويستشهد لحمايتها ومد رقعتها .. وهي " دار الإسلام " لكل من يدين بالإسلام عقيدة ويرتضي شريعته شريعة ، وكذلك لكل من يرتضي شريعة الإسلام نظاماً - ولو لم يكن مسلماً - كأصحاب الديانات الكتابية الذين يعيشون في " دار الإسلام " .. والأرض التي لا يهيمن فيها الإسلام ولا تحكم فيها شريعته هي " دار الحرب " بالقياس إلى المسلم ، وإلى الذمي المعاهد كذلك .. يحاربها المسلم ولو كان فيها مولده ، وفيها قرابته من النسب وصهره ، وفيها أمواله ومنافعه .
إن الشعارات التي ترفع الآن في بلاد المسلمين وبموجبها يقتل المسلم المسلم شعارات دخيلة على الإسلام كما حدث هذه الأيام في مصر ارض الكنانة 8\2014\حيث قاتل العسكر بمباركة الأحزاب الوطينة وعلى رأسهم جبهة الإنقاذ : جماعة الإخوان المسلمين حيث قتل منهم ما يقرب من ستة آلاف شخص واعتقل المئات كل ذالك تم تحت شعار الحزبية الممقوته فأين هم من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ , قَالَ: قُتِلَ قَتِيلٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يُعْلَمُ قَاتِلُهُ , فَصَعِدَ مِنْبَرَهُ , فَقَالَ:يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَيُقْتَلُ قَتِيلٌ وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ لا يُعْلَمُ مَنْ قَتَلَهُ؟ لَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ اجْتَمَعُوا عَلَى قَتْلِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَعَذَّبَهُمُ اللَّهُ بِلا عَدَدٍ وَلا حِسَابٍ.
وأين هم من قوله تعالى : مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا> سبب جناية القتل هذه شَرَعْنا لبني اسرائيل أنه من قتل نفسا بغير سبب من قصاص، أو فساد في الأرض بأي نوع من أنواع الفساد، الموجب للقتل كالشرك والمحاربة فكأنما قتل الناس جميعًا فيما استوجب من عظيم العقوبة من الله، وأنه من امتنع عن قَتْل نفس حرَّمها الله فكأنما أحيا الناس جميعًا; فالحفاظ على حرمة إنسان واحد حفاظ على حرمات الناس كلهم. ولقد أتت بني إسرائيل رسلُنا بالحجج والدلائل على صحة ما دعَوهم إليه من الإيمان بربهم، وأداء ما فُرِضَ عليهم، ثم إن كثيرًا منهم بعد مجيء الرسل إليهم لمتجاوزون حدود الله بارتكاب محارم الله وترك أوامره.
{20163}
*ثالثا>>ـ مباشرة قتل الأبرياء أو المساعدة على ذالك انتقاما وتشفيا وتطلعا للكرسي وذالك لايصدر إلا عن شخص ابتلي في دينه وباع آخرته بدنياه قصد تحقيق نزواته المغرضة كما يرى من تصارع على الكراسي . قتل حاكم سوريا<<بشار>> من 20013إلى الآن 2014 ما ينهاز مائة ألف قتيل ليبقى على الكرسي إذ خرج عليه شعبه وأرادوا عزله وفي اليوم الواحد والعشرين من غشت 2014 رماهم بالسلاح الكيماوي المدمر المحرم دوليا ومن غريب المفارقة أن هذا الحاكم يدعي الإسلام فأقدم وتجرأ وضرب بهذا السلاح شعبه في الوقت الذي لم يجرؤ مبتكره وصانعه وهو <<هتلر >>الإلحادي أن يضرب به أعداءه من غير شعبه .فأين السلام الذي يتبجح به المدعون للديمقراطية .... ولكن السلام الحقيقي هو ما في الإسلام . السلام في الحرب فروى رباح بن ربيع أخا حنظلة الكاتب أخبره : أنه خرج مع رسول الله في غزوة غزاها كان على مقدمته فيها خالد بن الوليد فمر رباح وأصحاب رسول الله على امرأة مقتولة مما أصابت المقدمة فوقفوا عليها ينظرون إليها ويعجبون من خلقها حتى لحقهم رسول الله على ناقة له فتفرجوا عن المرأة فقال رسول الله : ما كانت هذه تقاتل ثم نظر في وجوه القوم فقال لأحدهم : الحق خالد بن الوليد فلا يقتلن ذرية ولا عسيفا> المعجم الكبير
فأين هذا من السلام العالمي اليوم اليهود خاصة والصليبيين عامة
عن معمر عن الزهري قال كان أبو بكر إذا بعث جيوشه إلى الشام قال إنكم ستجدون قوما قد فحصوا عن رؤوسهم بالسيوف وستجدون قوما قد حبسوا أنفسهم في الصوامع فذرهم بخطاياهم > مصنف عبد الرزاق
عن يحيى بن سعيد أن أبا بكر الصديق بعث الجيوش إلى الشام وبعث أمراء ثم بعث يزيد بن ابي سفيان فقال له وهو يمشي إما أن تركب وإما أن أنزل قال أبو بكرومن هنا شهد الغربيون للمسلمين بالرحمة في حروبهم ضد الكفار....فمن ذلك شهادة الدكتور((جوستاف لوبون)) في كتابه حضارة العرب قال.....((والحق أن الأمم لم تعرف فاتحين راحمين متسامحين مثل العرب))...وقال((روبرتسون))((إن المسلمين وحدهم هم الذين جمعوا بين الجهاد والتسامح نحو أتباع الأديان الأخرى الذين غلبوهم وتركوهم أحرارا في إقامة شعائرهم الدينية))...وقال(ميشود))((إن الإسلام الذي
{20164}
أمر بالجهاد متسامح نحو أتباع الأديان الأخرى ولم يمس عمر النصارى بسوء حين فتح المقدس بينما ذبح الصليبيون المسلمين وحرقوا اليهود عندما دخلوها))
وقد تجلى هذا أيضا في الظهير الذي نشره سلطان المغرب محمد ن عبد الله في 5 أبريل 1864 ونصه:
((بسم الله الرحمن الرحيم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم نأمر من يقف على كتابنا هذا من سائر خدامنا وعمالنا والقائمين بوظائف أعمالنا أن يعاملوا اليهود الذين بسائرإ يالتنا بما أوجبه الله تعالى من نصب ميزان الحق والتسوية بينهم وبين غيرهم في الأحكام حتى لا يلحق أحد منهم مثقال ذرة من الظلم ولا يضام ولا ينالهم مكروه ولا اهتضام الخ اهـ الأقليات للقرضاوي
إن مقصود الشرع من الخلق خمسة : وهو أن يحفظ عليهم دينهم ونفسهم وعقلهم ونسبهم ومالهم، فكل ما يتضمن حفظ هذه الأصول الخمسة فهو مصلحة، وكل ما يفوت هذه الأصول فهو مفسدة ودفعها مصلحة..."
وقد عرف الفقهاء الكليات الخمس بما يلي: هي التي لابد منها للإنسان أو هي الكليات التي يتوفر على وجودها صلاح الإنسان في الدنيا والآخرة.
أما أقسامها في الاسلام...... فهي: - 1) حفظ الدين . .2) -حفظ النفس أو الحياة. ..3)- حفظ العقل . .4)- حفظ النسل أو العرض . .5) - حفظ المال.وجعلها بعضهم ستة فزاد على الخمسة المذكورة، العرض، والكليات أو الضروريات الخمس هي أعلى مراتب مقاصد الشريعة الإسلامية ،و وسائل حفظ النفس بإذن الله تعالى في النقاط التالية:أولاً: تحريم الاعتداء على النفس.
وردت نصوص كثيرة من الكتاب والسنة تدل على تحريم الاعتداء عليها، من ذلك قوله تعالى:{ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جنهم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيماً}. (النساء آية 93).ومنها قوله : في أكبر اجتماع للناس عند موقف عرفة حيث قال: "إن دمائكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا ... الحديث". ([2])
ويترتب على الاعتداء عليها الأمور التالية:
أ- أنه من كبائر الذنوب.عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي : " اجتنبوا السبع الموبقات قالوا: يا رسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا، وأكل مال اليتيم ... الحديث.([3])
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "الفسادُ إما في الدينِ وإمّا في الدنيا، فأعظم فسادِ الدنيا قتلُ النفوس بغير الحقّ؛ ولهذا كان أكبرَ الكبائر بعدَ أعظمِ فسادِ الدِّين الذي هو الكفر". ([4])
ب- أنه سبب في الإحالة بينه وبين الجنة وإن كان ملء كف.
عن طريف أبي تميمة رضي الله عنه قال: قال رسول الله " ... ومن استطاع أن لا يحال بينه وبين الجنة بملء كف من دم أهرقه فليفعل".([5])
ج- استبعاد العفو عن القاتل لاستمراره في ضيق منكر القتل.
{20165}
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله " لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراماً". ([6]) والفسحة في الدين: سعة الأعمال الصالحة حتى إذا جاء القتل ضاقت؛ لأنها لا تفي بوزره". ([7])
وفي رواية أخرى: " لا يزال المؤمن مُعْنِقاً صالحاً ما لم يصب دما حراماً، فإذا أصاب دماً حراماً بلَّح".([8])
مُعْنِقاً: أي مسرعا في طاعته منبسطا في عمله. والتبليح: الإعياء، والمعنى: أن المؤمن لا يزال موفقا للخيرات مسارعا إليها ما لم يصب دماً حراما، فإذا أصاب ذلك أعيا وانقطع عنه ذلك لشؤم ما ارتكبه من الإثم.([9])
د- قاتل غير قاتله أعتى الناس ( من العتو وهو التكبر والتجبر).
عن أبي شريح الخزاعي رضي الله عنه أن رسول الله قال: " إن من أعتى الناس على الله من قتل غير قاتله، أو طلب بدم الجاهلية في الإسلام، أو بصر عينيه في النوم ما لم يبصر".([10])
ومعنى من قتل غير قاتله: أي من كان له دم عند شخص فيقتل رجلاً آخر غير من عنده له الدم سواء كان له مشاركة في القتل أولا.([11])
هـ- إراقة الدماء من الإفلاس.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال: أتدرون ما المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع. فقال: " إن المفلس من أمتي، يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته، قبل أن يقضى ما عليه، أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار".([12])
ثانيا: سد الذرائع المؤدية إلى قتل النفس.
فقد حرصت الشريعة على سد الذرائع المفضية إلى جلب المفاسد وتفويت المصالح فحرمت حمل السلاح عليهم، وذلك بقوله : "من حمل علينا السلاح فليس منا".([13]) ولما يلزم من فتن وقتل للمسلمين، وكل سبب أدى إلى قتل معصوم بغير حق فهو محرم؛ لما تقرر من أن الوسائل لها أحكام المقاصد.
- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : "من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتى وإن كان أخاه لأبيه وأمه".([14])
قال النووي رحمه الله: "فيه تأكيد حرمة المسلم والنهي الشديد عن ترويعه وتخويفه والتعرض له بما قد يؤذيه، وقوله صلى الله عليه و سلم: "وإن كان أخاه لأبيه وأمه" مبالغة في إيضاح عموم النهي في كل أحد سواء من يتهم فيه ومن لا يتهم وسواء كان هذا هزلاً ولعباً أم لا؛ لأن ترويع المسلم حرام بكل حال".([15])
- عن أبي موسى رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: "إذا مر أحدكم في مسجدنا أو في سوقنا ومعه نبل فليمسك على نصالها بكفه؛ أن يصيب أحدا من المسلمين منها بشيء".([16]).
{20166}
قال ابن بطال: "هذا من تأكيد حرمة المسلم لئلا يروع بها أو يؤذي؛ لأن المساجد مورودة بالخلق، ولا سيما في أوقات الصلوات، فخشي عليه السلام أن يؤذي بها أحد، وهذا من كريم خلقه، ورأفته بالمؤمنين. والمراد بهذا الحديث: التعظيم لقليل الدم وكثيره".([17])، ومثلها الأسلحة الصغيرة المنتشرة في بلادنا والقابلة للانفجار في أية لحظة، والتي يحملها الناس اليوم في المساجد، والأسواق العامة.
ثالثا: القصاص.
فالقصاص سبب من أسباب حفظ الأرواح، والنفوس من التلف، وذلك أن الله أخبر في كتابه أن في القصاص حياة {ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون}. البقرة أية 179. وبيان ذلك من وجوه:
الأول: أن القاتل إذا علم أنه إذا قَتَل قُتِل كف عن القتل وازدجر، فيَسْلم من أُريد قتله من القتل، والقاتلُ بعدم تعريض نفسه للقصاص، فيكون القصاص حياة لهما جميعا.
الثاني: أنه بالقصاص لا يقتل إلا القاتل فكأن في قتل القاتل بقاء لغيره، وكانوا في الجاهلية يقتلون القاتل وغيره، وربما قتلوا من هو خير من القاتل.([18])
وفي المعجم الكبير للطبراني : عَنْ حَبِيبِ بن أَبِي ثَابِتٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , قَالَ: قُتِلَ قَتِيلٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يُعْلَمُ قَاتِلُهُ , فَصَعِدَ مِنْبَرَهُ , فَقَالَ:يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَيُقْتَلُ قَتِيلٌ وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ لا يُعْلَمُ مَنْ قَتَلَهُ؟ لَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ اجْتَمَعُوا عَلَى قَتْلِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَعَذَّبَهُمُ اللَّهُ بِلا عَدَدٍ وَلا حِسَابٍ.> المعجم الكبير للطبراني .
من أجل الورع تعفف الكثيرمن سلفنا عن تولي الإمارة ففي تاريخ بغداد وحدثني عمي مصعب قال: أخبرني الفضل بن الربيع قال: دعاه أمير المؤمنين المهدي إلى قضاء المدينة فلم أرى رجلاً قط كان أصح استعفاء منه قال: لأمير المؤمنين إني كنت وليت ولاية فخشيت أن لا أكون سلمت منها وأعطيت الله عهداً أن لا ألي ولاية أبداً وأنا أعيذ أمير المؤمنين بالله ونفسي أن لا يحملني على أن أخيس بعهد الله قال: له المهدي فوالله لقد أعطيت هذا من نفسك قبل أن أدعوك؟ والله لقد أعطيت هذا من نفسي قبل أن تدعوني قال: فقد أعفيتك.
ومن كلام عمر بن عبد العزيز رحمه الله كما في حلية الأولياء لأبي نعيم الأصبهاني ومنهاج السنة لشيخ الإسلام ابن تيمية وغيرهما: قال عمر بن عبد العزيز: تلك دماء طهر الله منها يدي فلا أحب أن أخضب بها لساني، وقال آخر: تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ. وفي غيرهما: تلك دماء طهر الله منها أيدينا فلا نلوث بها ألسنتنا. وقد رويت عنه رحمه الله تعالى بألفاظ مختلفة غير هذه الألفاظ.
**رابعا>>ـ ومن المصائب في الدين : الانغماس في الشركيات والبدع .
قال الله تعالى واصفاً عباد الله الصالحين المتقين: { حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ } [ الحج:31]. فمن أشرك بالله فقد أهلك نفسه إهلاكا ليس بعده نهاية , ومن ابتدع في دينه بتعليق التمائم , وقراءة الطالع والنجوم وإتيان السحرة والكهنة والعرافين،
{20167}
والتعلق بالأولياء والصالحين من دون رب العالمين، وغير ذلك من أنواع المعاصي فقد أوجب على نفسه الخسران والبوار , وغضب الجبار ودخول النار .
عن الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ رضي الله عنه أنه قال:قَامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ ذَاتَ يَوْمٍ ، فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ، وَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ ، وَذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ ، فَقِيلَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، وَعَظْتَنَا مَوْعِظَةَ مُوَدِّعٍ ، فَاعْهَدْ إِلَيْنَا بِعَهْدٍ ، فَقَالَ : عَلَيْكُمْ بِتَقْوَى اللهِ ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ ، وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا ، وَسَتَرَوْنَ مِنْ بَعْدِي اخْتِلاَفًا شَدِيدًا ، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي ، وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ ، وَإِيَّاكُمْ وَالأُمُورَ الْمُحْدَثَاتِ ، فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ.أخرجه ابن ماجة (42).
فمن أصيب في دينه بشرك أو بدعة أو كبيرة فقد ضاع من دينه ودنياه بقدر ما أصيب. وأما من أصيب في دنياه بخوف أو جوع أو فقر أو غير ذلك فقد نقص من دنياه ما كتب له، ثم إن هو صبر ورضي عوّضه الله خيرا منه .
**خامسا >>/ ومن المصائب في الدين : ترك العبادات والإقبال على المعاصي والشهوات .
من مصائب الدين أن يترك المسلم العبادات التي شرعها رب البريات , ويقبل على الملذات والمعاصي والشهوات . فترك الصلاة عموماً من أكبر المصائب , وترك صلاة الجماعة خصوصاً كذا من أعظم المصائب .
روى مسلم في صحيحه أن رجلاً أعمى قال : يا رسول الله ، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد ، فسأل رسول الله أن يرخص له ، فلماّ ولىّ دعاه فقال : " هل تسمع النداء ؟ قال : نعم ، قال : فأجب " وفي رواية قال : " لا أجد لك رخصة " . كان سلفنا الصالح رحمهم الله تعالى محافظين على الصلاة جماعة في وقتها دون تأخير . وكان إذا فاتت أحدهم تكبيرة الإحرام يعزونه ثلاثة أيام أما إذا فاتته الصلاة مع الجماعة فيعزونه سبعة أيام بقولهم: ليس المصاب من فقد الأحباب إنما المصاب من حرم الثواب. وكان أحدهم إذا أراد أن يدق مسماراً في جدار وسمع صوت المؤذن ترك ذلك إلى ما بعد الصلاة. وكانوا رضوان الله عليهم يعدون ترك صلاة الجماعة مصيبة تستحق التعزية . وقال حاتم الأصم: مصيبة الدين أعظم من مصيبة الدنيا، ولقد ماتت لي بنت فعزاني أكثر من عشرة آلاف وفاتتني صلاة الجماعة فلم يعزني أحد. كان الصحابيان الجليلان: عمار بن ياسر وعباد بن بشر رضي الله عنهما يتناوبان على حراسة ثغر من ثغور المسلمين وبينما كان عمار نائماً وعباد يحرس المسلمين أراد عباد أن يناجي ربه فدخل في الصلاة حيث الخشوع والإخلاص بعيداً عن أعين الناس وبينما هو كذلك في ليلة مقمرة إذ خرج عليهم رجل مشرك فرآه يصلي فسدد سهماً فأصابه في ذراعه وعباد مستمر في صلاته لا يقطعها فسدد ذاك المشرك سهماً ثانياً في ذراعه الأخرى ثم في ظهره فسال دمه وهو يصلي يقول عباد: والله لولا خوفي أن يؤتى المسلمون من قبلي لما قطعت الصلاة فأيقظ عماراً لذلك لأنه كان في لذة عجيبة لذة العبادة وحلاوة العبادة التي لو علمها الملوك لقاتلونا عليها بالسيوف .
{20168}
والتابعي الجليل عروة بن الزبير أحد فقهاء المدينة المنورة رحمه الله تعالى عندما أرادوا أن يقطعوا رجله ... طلبوا منه أن يتعاطى مخدراً حتى لا يشعر بالألم ومعلوم أن ذلك يجوز للضرورة ولكنه أبى ذلك ورعاً منه وتقوى وقال لهم: أعوذ بالله أن أستعين بمعصية الله على ما أرجوه من العافية إنه لا يريد أن يغفل عن الله تعالى قال لهم: دعوني أصلي ثم افعلوا ما بدا لكم وحقاً فإنه كبر ودخل في الصلاة وبتروا ساقه بمنشار ثم وضعوا رجله في زيت مغلي حتى ينقطع الدم وهو يصلي ثم أغمي عليه فلما أفاق قال لهم: قربوا لي ساقي فأخذ يقلبها ويقول: الله يعلم أني ما مشيت بك إلى معصيته ما مشيت بك إلا إلى المساجد في الظلم وزيارة الإخوان والأرحام ثم قال: الحمد لله على كل حال لئن أخذ الله فكثيراً ما أعطى ولئن ابتلى فكثيراً ما عافى.
**سادسا>>ـ من المصائب في الدين: الإقبال على المعاصي وإلفها , بل والتفاخر والمجاهرة بها .كما هو ديدن الناس الآن في الشواطئ والأعراس والملاهي الليلية إن من يرى العناق والعري بشواطئ بلاد المسلمين ليجزم أنه يعيش في أروبا أو غيرها من بلاد الإباحية والكفر نعوذ بالله .
قال النبي : " كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل العبد بالليل عملا، ثم يصبح قد ستره ربه، فيقول: يا فلان! قد عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه "متفق عليه .
قال أبو الدرداء : (من هوان الدنيا على الله أنه لا يُعصى إلا فيها، ولا ينال ما عنده إلا بتركها) القرطبي في تفسيره (6/415).
فللذنوب والمعاصي من الآثار القبيحة المذمومة المضرة بالقلب والبدن في الدنيا والآخرة ما لا يعلمه إلا الله فمن ذلك :
1- حرمان العلم : فإن العلم نور يقذفه الله في القلب والمعصية تطفئ ذلك النور قال الشافعي لرجل أني أرى الله قد ألقى على قلبك نوراً فلا تطفئه بظلمة المعصية .
2- حرمان الرزق : وفي المسند إن العبد يحرم الرزق بالذنب يصيبه . فكما أن تقوى الله مجلبة للرزق بالمثل ترك المعاصي .
3- وحشة وظلمة في القلب : وحشة يجدها العاصي في قلبه بينه وبين الله وهذا أمر لا يحس به إلا من كان في قلبه حياة وما لجرح بميت إيلام .
4- تعسير أموره عليه فلا يتوجه لأمر إلا ويجده مغلقاً دونه أو متعسراً عليه .
5- حرمان الطاعة : فلو لم يكن للذنب عقوبة فكفاه انه صد عن طاعة الله فالعاصي يقطع عليه طاعات كثيرة كل واحدة منها خير من الدنيا وما فيها .
6- إن المعصية سبب لهوان العبد على ربه : قال الحسن البصري هانوا عليه فعصوه ولو عزوا عليه لعصمهم وإذا هان العبد على ربه لم يكرمه أحد .
7- أن الذنوب إذا تكاثرت طُبعِ على قلب صاحبها كما قال بعض السلف في قول الله تعالى { كّلاَّ بّلً رّانّ عّلّى" قٍلٍوبٌهٌم مَّا كّانٍوا يّكًسٌبٍونّ } سورة المطففين 14، الران : هو الذنب بعد الذنب .
8- تقصر العمر وتمحق البركة : فإن البر كما يزيد في العمر فالفجور ينقصه فإذا أعرض العبد عن الله واشتغل بالمعاصي ضاعت عليه أيام حياته.
{20169}
قال عبد الله بن المبارك:
رأيت الذنوب تميت القلوب * * * وقد يورث الذل إدمانها
وترك الذنوب حياة القلوب * * * وخير لنفسك عصيانها
وقال أبو العتاهية :
فيا عجبا! كيف يعصى الإله؟! * * * أم كيـف يجحده الجاحـــد؟!
ولله فـي كـلّ تحريـكــــــــــــة * * * عليـنا وتسكينة شاهـــــــــد
وفـي كلّ شـيء له آيــــــــــــة * * * تـدل علـى أنّه واحـــــــــــد
سابعا>>ـ من المصائب في الدين: عدم استغلال مواسم الطاعات .
روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله : " افعلوا الخير دهركم وتعرضوا لنفحات رحمة الله فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده وسلوا الله أن يستر عوراتكم وأن يؤمن روعاتكم" (البيهقي في شعب الإيمان ( 2/42 ) والطبراني في الدعاء ( 1/ 30 ) .
فمن أعظم مصائب الدين أن تدخل على المسلم مواسم الطاعات فلا يستغلها في طاعة الله , فيدخل عليه شهر رمضان فلا يصوم ولا يقوم , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ أَدْرَكَ عِنْدَهُ أَبَوَاهُ الْكِبَرَ فَلَمْ يُدْخِلَاهُ الْجَنَّةَ ( رواه الترمذي ) .
ويأتي عليه موسم الحج وهو المستطيع القادر فيتعلل ولا يحج , عن النبي قال : ( ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله منه في هذه الأيام العشر . قالوا ولا الجهاد في سبيل الله !! قال : ولا الجهاد في سبيل الله ، إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء) أخرجه البخاري 2/457 .
وعنه أيضا ،ً رضي الله عنهما ، عن النبي قال : ( ما من عمل أزكى عند الله عز وجل ، ولا أعظم أجراً من خير يعمله في عشر الأضحى . قيل : ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال : ولا الجهاد في سبيل الله عز وجل ، إلا رجل خرج بنفسه وماله ، فلم يرجع من ذلك بشيء ) رواه الدرامي 1/357 وإسناده حسن كما في الإرواء 3/398 . ويحين موعد الزكاة فيسوف ويتهرب , وهكذا دأبه , وذلك دربه .
قال صلى الله عليه و سلم : " ينزل الله تعالى في كل ليلة إلى السماء الدنيا، فيقول : أنا الملك أنا الملك ثلاثا. من يسألني فأعطيه؟ من يدعوني فأستجيب له؟ من يستغفرني فاغفر له؟ فلا يزال كذلك حتى يطلع الفجر " أخرجه أحمد 4/81(16866).
وقال صلى الله عليه و سلم : "إن في الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله فيها خيراً إلا أعطاه إياه" ( رواه أحمد ).
قال ابن الوردي :
أطـلبُ الـعِلمَ ولا تـكسَلْ فما * * * أبـعدَ الـخيرَ عـلى أهلِ الكَسَلْ
واحـتفلْ لـلفقهِ فـي الدِّين ولا * * * تـشـتغلْ عـنهُ بـمالٍ وخَـوَلْ
واهـجرِ الـنَّومَ وحـصِّلهُ فـمنْ * * * يـعرفِ الـمطلوبَ يحقرْ ما بَذَلْ
{20170}
لا تـقـلْ قـد ذهـبتْ أربـابُهُ * * * كـلُّ من سارَ على الدَّربِ وصلْ
فـي ازديـادِ الـعلمِ إرغامُ العِدى * * * وجـمالُ الـعلمِ إصـلاحُ العملْ
**ثامنا>>من المصائب في الدين : الجزع من مصائب الدنيا .
الصبر هو : خلق فاضل من أخلاق النفس يمنع به من فعل مالا يحسن و لا يجمل و هو قوة من قوى النفس التي بها صلاح شأنها و قوام أمرها . قال سعيد بن جبير : الصبر اعتراف العبد لله بما أصابه منه و احتسابه عند الله و رجاء ثوابه و قد يجزع الرجل و هو متجلد لا يرى منه إلا الصبر. وأكمل المؤمنين من جمع بين الصبر على المصيبة والرضا عن الله جل وعلا وطمأنينة النفس بذلك، يرجو ما عند الله من الثواب الذي وعد به الصابرين الصادقين، إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ [الزمر:10]. عن صهيب رضي الله عنه عن النبي قال : عجبا لأمر المؤمن ! أن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وان أصابته ضراء صبر فكان خيرا له . رواه مسلم.
فمن صبر على طاعة الله وصبر عن محارم الله وصبر على قضاء الله واطمأنت نفسه وسلم لله في قضائه وقدره ورضي فله الرضا وذلك من المؤمنين حقا , ومن تسخط وجزع فعليه السخط وخاب وخسر . عَنْ أَنَسٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ ، أَنَّهُ قَالَ:عِظَمُ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلاَءِ ، وَإِنَّ اللهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاَهُمْ ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا ، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ.أخرجه ابن ماجة 4031 والتِّرْمِذِيّ" 2396. قال منصورٌ بن عمار : " من جزع من مصائب الدُّنيا، تحوّلت مصيبتُه في دينه "طبقات الأولياء 1/ 48 . فالجزع من مصائب الدنيا فيه اعتراض وتسخط على قضاء الله وقدره وذلك من أعظم المصائب في الدين ؛ لأنه يشكو الرحيم إلى من لا يرحم .
أوحى الله تعالى إلى عزير : إذا نزلت بك بليةٌ لا تشكني إلى خلقي كما لم أشكك إلى ملائكتي عند صعود مساوئك إلي ، وإذا أذنبت ذنباً فلا تنظر إلى صغره ، ولكن انظر من أهديته إليه . يقول أحد العلماء الكرام : الجاهل يشكو الله إلى الناس وهذا غاية الجهل بالمَشكُو والمَشكُو إليه ، المَشكُو كامل كمالاً مطلقاً ، والمشكو إليه ناقص وضعيف ، شكوت الذي يرحم إلى الذي لا يرحم ، شكوت الكامل إلى الناقص ، شكوت الغني إلى الفقير ، شكوت القوي إلى الضعيف . قال الشاعر :
إذا كان شكر نعمة الله نعمة * * علي له في مثلها يجب الشكر
فكيف بلوغ الشكر إلا بفضله * * وان طالت الأيام واتسع العمر
إذا مس بالنعماء عم سرورها * * وإن مس بالضراء أعقبه الأجر
فراجع نفسك – وتأمل قلبك وفكر في أعمالك , وإياك أن تكون مصيبتك من أعظم المصائب , إياك أن تكون مصيبتك في دينك . اهـ منتدى مجالس القراء.
**تاسعا من المصائب في الدين : التعصب للمذهب ونصرته ولو خالف الصحيح مثل ما يصدر من بعض المعممين الذين افتتنوا بقوة السلطة ففرضوا على الناس أن يعملوا بالمذهب تحقيقا لنزواتهم المادية فقط .من ذالك :\
{20171}
1>ـ قولهم بكراهية ستة أيام من شوال لأن مالكا رحمه قال بذالك .روى مسلم وغيره : عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ حَدَّثَهُ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ> قال النووي : فِيهِ دَلَالَة صَرِيحَة لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وَدَاوُد وَمُوَافِقَيْهِمْ فِي اِسْتِحْبَاب صَوْم هَذِهِ السِّتَّة ، وَقَالَ مَالِك وَأَبُو حَنِيفَة : يُكْرَه ذَلِكَ ، قَالَ مَالِك فِي الْمُوَطَّإِ : مَا رَأَيْت أَحَدًا مِنْ أَهْل الْعِلْم يَصُومهَا ، قَالُوا : فَيُكْرَهُ ؛ لِئَلَّا يُظَنَّ وُجُوبُهُ . وَدَلِيل الشَّافِعِيّ وَمُوَافِقِيهِ هَذَا الْحَدِيث الصَّحِيح الصَّرِيح ، وَإِذَا ثَبَتَتْ السُّنَّة لَا تُتْرَكُ لِتَرْكِ بَعْضِ النَّاسِ أَوْ أَكْثَرِهِمْ أَوْ كُلِّهِمْ لَهَا ، وَقَوْلهمْ : قَدْ يُظَنّ وُجُوبهَا ، يُنْتَقَض بِصَوْمِ عَرَفَة وَعَاشُورَاء وَغَيْرهمَا مِنْ الصَّوْم الْمَنْدُوب
2>ـ قولهم بمنع دعاء القنوت في رمضان مع أنه اختلف عن مالك في هذا .قلت>>\\\\ حكم القنوت في الوتر وموقف مالك منه >>\\\\
في نيل الأوطار \\:وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ الْحَاكِمِ فِي كِتَابِ الْقُنُوتِ قَالَ : { إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَ أَحَدَ ابْنَيْهِ فِي الْقُنُوتِ : اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ } الْحَدِيثُ
وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى عِنْدَ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ ، وَفِيهِ ذِكْرُ الْقُنُوتِ فِي الْوِتْرِ .
وَعَنْ أُمِّ عَبْدٍ أُمِّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عِنْد ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيِّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " قَنَتَ قَبْل الرُّكُوعِ " وَالْأَحَادِيث الْمَذْكُورَةُ تَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْقُنُوتِ بِهَذَا الدُّعَاءِ الْمَذْكُورِ فِي حَدِيثِ الْحَسَنِ وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَتْ الْعِتْرَةُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ ، وَرَوَى ذَلِكَ التِّرْمِذِيُّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ .وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ ، قَالَ الْعِرَاقِيُّ : بِأَسَانِيدَ جَيِّدَةٍ .
وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ أَيْضًا عَنْ عَلِيٍّ وَعُمَرَ .
وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ
ضع تعليقك :///////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////