ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻟﻢ يؤمنوا
.
رة بن شعبة: إن أول يوم عرفتُ رسول الله "صلى الله عليه وسلم" أني
أمشي أنا وأبوجهل في بعض أزقة مكة، إذ لقينا رسول الله "صلى الله عليه
وسلم" ، فقال رسول الله "صلى الله عليه وسلم" لأبي جهل: «يا أبا الحكم!
هل لك إلى الله وإلى رسوله، وأدعوك إلى الله؟» فقال أبوجهل: يا محمد هل أنت
مُنْتَهٍ عن سب آلهتنا؟ هل تريد إلا أن نشهد أنك قد بلّغت؟ فنحن نشهد أن
قد بلّغت، فوالله لو أني أعلم أن ما تقول حق لاتّبعتك. فانصرف رسول الله
"صلى الله عليه وسلم" ، وأقبل عليّ فقال: والله إني لأعلم أن ما يقول حق،
ولكن يمنعني شيء: إن بني قُصَيّ قالوا: فينا الحِجابة، فقلنا: نعم، ثم
قالوا: فينا السِقاية، فقلنا نعم، ثم قالوا: فينا الندوة، فقلنا: نعم، ثم
قالوا: فينا اللواء، فقلنا نعم، ثم أطعموا فأطعمنا، حتى إذا تحاكَّت
الرُكَب قالوا: منا نبي. والله لا أفعل.(11).
وفي
رواية أخرى أن أبا جهل قال: تنازعنا نحن وبنوعبد مناف الشرف، أطعموا
فأطعمنا، وحملوا فحملنا، وأعطوا فأعطينا، حتى إذا تجاثينا على الرُكَب
وكنّا كفرسيْ رهان، قالوا: منا نبي يأتيه الوحي من السماء، فمتى ندرك هذه؟
والله لا نسمع له أبدًا ولا نصدقه.(12).
واجتمع
رجال قريش وقرروا أن يرسلوا عُتْبة بن ربيعة لكي يكلم النبي، ويقنعه
بالعدول عن دعوته. وكان عتبة هذا يعدّ من حكماء قريش، ومن المقدَّمين في
قريش، وكان أديبًا، وشخصًا موسرًا. فقام عُتبة وذهب إلى الرسول "صلى الله
عليه وسلم" ، وأراد أن يلعب معه لعبة المنطق، فقال له: يا محمد أنت خير أم
عبدالله؟ فسكت رسول الله "صلى الله عليه وسلم" ، فقال عُتبة: أنت خير أم
عبدالمطلب؟ فسكت رسول الله "صلى الله عليه وسلم" ولم يجبه. ربما كان
سكوته هو الجواب المناسب للأحمق. فقال عتبة: فإن كنت تزعم أن هؤلاء خير
منك، فقد عبدوا الآلهة التي عبدت، وإن كنت تزعم أنك خير منهم، فتكلم حتى
نسمع قولك.
فقال
رسول الله: «أفرغت يا أبا الوليد؟» قال: نعم. فبدأ رسول الله "صلى الله
عليه وسلم" يقرأ عليه سورة فصلت: {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ حم.
تَنـزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ
قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ. بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ
أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ. وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ
مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا
وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ. قُلْ إِنَّمَا أَنَا
بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلهٌ وَاحِدٌ
فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ.
الَّذِينَ لاَ يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِاْلآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ.
إِنَّ الَّذِينَ امَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ
مَمْنُونٍ * قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ اْلأَرْضَ
فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ.
وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ
فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ.
ثُمَّ اسْتَوَى إلى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ
اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ.
فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَموَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ
أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ
تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ. فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ
صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} (فصلت: 1-13).
فلما
وصل النبي "صلى الله عليه وسلم" إلى هذه الآية ارتجف عُتبة كمن أصابته
حُمّى، ومدّ يده إلى شفتي الرسول "صلى الله عليه وسلم" قائلًا ومتوسلًا:
اصمُتْ يا محمد بحق إلهك الذي تؤمن به! ثم قام عُتبة إلى أصحابه، فقال
بعضهم لبعض: نحلِف بالله لقد جاءكم أبوالوليد بغير الوجه الذي ذهب به. فلما
جلسوا إليه قالوا: ما وراءك يا أبا الوليد؟ قال: ورائي أني والله قد سمعت
قولًا ما سمعت مثله قط، والله ما هو بالشعر ولا الكهانة. يا معشر قريش
أطيعوا واجعلوها بي. خلُّوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه واعتزلوه، فوالله
ليكونَنّ لقوله الذي سمعتُ نبأ، فإن تُصِبْه العرب، فقد كُفيتموه بغيركم،
وإن يَظهر على العرب، فمُلكه ملككم، وعزّه عزكم، وكنتم أسعد الناس به.
قالوا: سَحَرَك والله يا أبا الوليد بلسانه. قال: هذا رأيي لكم، فاصنعوا ما
بدا لكم.(13).
3- أسباب أخرى
لم
تكن هذه الاعترافات اعترافات فردية تعود لشخص أو شخصين، بل كانت هذه قناعة
عامة لديهم، ولكن أسبابًا سلبية كانت تمنعهم من الإيمان به، مثل مشاعر
الخوف والطمع والحرص والعناد. أجل، فمع أنهم يعلمون أنه نبي، إلا أنهم
كانوا يعاندون في الإيمان به. ويشرح القرآن الكريم حالهم هذه وهو يسرّي عن
الرسول "صلى الله عليه وسلم" ، فيقول: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ
لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ
الظَّالِمِينَ بِايَاتِ اللهِ يَجْحَدُونَ} (الأنعام: 33).
إنهم
يلصقون بك تهمًا عدة، وأنت تحزن من هذه الاتهامات الباطلة ولكن إياك أن
تحزن مما يتقوّل عليك هؤلاء البائسون المغلوبون تحت ثقل أجسادهم، الأسارى
بيد شهواتهم، العاجزون عن مغالبة عاداتهم. والحقيقة أنهم لا يكذبونك، إذ لا
يستطيعون إسناد الكذب إليك، فأنت بريء من الكذب، وقد سبق وأن دعوك بــ
«الأمين» وانظر إلى مدى حماقتهم، فهم لا يؤمنون بما يسندونه إليك، ومع ذلك
يتجرأون على ذلك.. إذن، فلا تحزن.
أجل،
إن كان هناك من يجب أن يحزن فهو هؤلاء القوم الذين عادَوْا من بيده خير
الدنيا والآخرة، والذين لم يفتحوا قلوبهم للنور وهم على مقربة منه.
اليهود كانوا
يعرفون الرسول "صلى الله عليه وسلم"
لكن عنادهم منعهم من الإسلام
مفكر تركي - من كتاب النور الخالد للكاتب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش
1- مختصر تفسير ابن كثير، للصابوني 1/140؛ وانظر: الدر المنثور، للسيوطي 1/357
2- البخاري، الأنبياء، 1، مناقب الأنصار، 51؛ المسند، للإمام أحمد 3/108، 271، 272
3- الحَرّة: كل أرض ذات حجارة سود. (المترجم)
4- كَلْب: اسم قبيلة عربية. (المترجم)
5- عَذْق: النخلة. (المترجم)
6- قُباء: أصله اسم بئر عُرفت القرية بها. (المترجم)
7- العُرَواء: الرعدة والانتفاض. (المترجم)
8- بَقيع الغَرْقَد: مقبرة أهل المدينة وهي داخل المدينة. (المترجم)
9- الشملة: الكساء الغليظ يشتمل به الإنسان أي يلتحف. (المترجم)
10- السيرة النبوية، لابن هشام 1/228-234
ضع تعليقك :///////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////
.
أمشي أنا وأبوجهل في بعض أزقة مكة، إذ لقينا رسول الله "صلى الله عليه
وسلم" ، فقال رسول الله "صلى الله عليه وسلم" لأبي جهل: «يا أبا الحكم!
هل لك إلى الله وإلى رسوله، وأدعوك إلى الله؟» فقال أبوجهل: يا محمد هل أنت
مُنْتَهٍ عن سب آلهتنا؟ هل تريد إلا أن نشهد أنك قد بلّغت؟ فنحن نشهد أن
قد بلّغت، فوالله لو أني أعلم أن ما تقول حق لاتّبعتك. فانصرف رسول الله
"صلى الله عليه وسلم" ، وأقبل عليّ فقال: والله إني لأعلم أن ما يقول حق،
ولكن يمنعني شيء: إن بني قُصَيّ قالوا: فينا الحِجابة، فقلنا: نعم، ثم
قالوا: فينا السِقاية، فقلنا نعم، ثم قالوا: فينا الندوة، فقلنا: نعم، ثم
قالوا: فينا اللواء، فقلنا نعم، ثم أطعموا فأطعمنا، حتى إذا تحاكَّت
الرُكَب قالوا: منا نبي. والله لا أفعل.(11).
وفي
رواية أخرى أن أبا جهل قال: تنازعنا نحن وبنوعبد مناف الشرف، أطعموا
فأطعمنا، وحملوا فحملنا، وأعطوا فأعطينا، حتى إذا تجاثينا على الرُكَب
وكنّا كفرسيْ رهان، قالوا: منا نبي يأتيه الوحي من السماء، فمتى ندرك هذه؟
والله لا نسمع له أبدًا ولا نصدقه.(12).
واجتمع
رجال قريش وقرروا أن يرسلوا عُتْبة بن ربيعة لكي يكلم النبي، ويقنعه
بالعدول عن دعوته. وكان عتبة هذا يعدّ من حكماء قريش، ومن المقدَّمين في
قريش، وكان أديبًا، وشخصًا موسرًا. فقام عُتبة وذهب إلى الرسول "صلى الله
عليه وسلم" ، وأراد أن يلعب معه لعبة المنطق، فقال له: يا محمد أنت خير أم
عبدالله؟ فسكت رسول الله "صلى الله عليه وسلم" ، فقال عُتبة: أنت خير أم
عبدالمطلب؟ فسكت رسول الله "صلى الله عليه وسلم" ولم يجبه. ربما كان
سكوته هو الجواب المناسب للأحمق. فقال عتبة: فإن كنت تزعم أن هؤلاء خير
منك، فقد عبدوا الآلهة التي عبدت، وإن كنت تزعم أنك خير منهم، فتكلم حتى
نسمع قولك.
فقال
رسول الله: «أفرغت يا أبا الوليد؟» قال: نعم. فبدأ رسول الله "صلى الله
عليه وسلم" يقرأ عليه سورة فصلت: {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ حم.
تَنـزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ
قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ. بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ
أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ. وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ
مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا
وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ. قُلْ إِنَّمَا أَنَا
بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلهٌ وَاحِدٌ
فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ.
الَّذِينَ لاَ يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِاْلآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ.
إِنَّ الَّذِينَ امَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ
مَمْنُونٍ * قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ اْلأَرْضَ
فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ.
وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ
فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ.
ثُمَّ اسْتَوَى إلى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ
اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ.
فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَموَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ
أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ
تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ. فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ
صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} (فصلت: 1-13).
فلما
وصل النبي "صلى الله عليه وسلم" إلى هذه الآية ارتجف عُتبة كمن أصابته
حُمّى، ومدّ يده إلى شفتي الرسول "صلى الله عليه وسلم" قائلًا ومتوسلًا:
اصمُتْ يا محمد بحق إلهك الذي تؤمن به! ثم قام عُتبة إلى أصحابه، فقال
بعضهم لبعض: نحلِف بالله لقد جاءكم أبوالوليد بغير الوجه الذي ذهب به. فلما
جلسوا إليه قالوا: ما وراءك يا أبا الوليد؟ قال: ورائي أني والله قد سمعت
قولًا ما سمعت مثله قط، والله ما هو بالشعر ولا الكهانة. يا معشر قريش
أطيعوا واجعلوها بي. خلُّوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه واعتزلوه، فوالله
ليكونَنّ لقوله الذي سمعتُ نبأ، فإن تُصِبْه العرب، فقد كُفيتموه بغيركم،
وإن يَظهر على العرب، فمُلكه ملككم، وعزّه عزكم، وكنتم أسعد الناس به.
قالوا: سَحَرَك والله يا أبا الوليد بلسانه. قال: هذا رأيي لكم، فاصنعوا ما
بدا لكم.(13).
3- أسباب أخرى
لم
تكن هذه الاعترافات اعترافات فردية تعود لشخص أو شخصين، بل كانت هذه قناعة
عامة لديهم، ولكن أسبابًا سلبية كانت تمنعهم من الإيمان به، مثل مشاعر
الخوف والطمع والحرص والعناد. أجل، فمع أنهم يعلمون أنه نبي، إلا أنهم
كانوا يعاندون في الإيمان به. ويشرح القرآن الكريم حالهم هذه وهو يسرّي عن
الرسول "صلى الله عليه وسلم" ، فيقول: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ
لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ
الظَّالِمِينَ بِايَاتِ اللهِ يَجْحَدُونَ} (الأنعام: 33).
إنهم
يلصقون بك تهمًا عدة، وأنت تحزن من هذه الاتهامات الباطلة ولكن إياك أن
تحزن مما يتقوّل عليك هؤلاء البائسون المغلوبون تحت ثقل أجسادهم، الأسارى
بيد شهواتهم، العاجزون عن مغالبة عاداتهم. والحقيقة أنهم لا يكذبونك، إذ لا
يستطيعون إسناد الكذب إليك، فأنت بريء من الكذب، وقد سبق وأن دعوك بــ
«الأمين» وانظر إلى مدى حماقتهم، فهم لا يؤمنون بما يسندونه إليك، ومع ذلك
يتجرأون على ذلك.. إذن، فلا تحزن.
أجل،
إن كان هناك من يجب أن يحزن فهو هؤلاء القوم الذين عادَوْا من بيده خير
الدنيا والآخرة، والذين لم يفتحوا قلوبهم للنور وهم على مقربة منه.
اليهود كانوا
يعرفون الرسول "صلى الله عليه وسلم"
لكن عنادهم منعهم من الإسلام
مفكر تركي - من كتاب النور الخالد للكاتب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش
1- مختصر تفسير ابن كثير، للصابوني 1/140؛ وانظر: الدر المنثور، للسيوطي 1/357
2- البخاري، الأنبياء، 1، مناقب الأنصار، 51؛ المسند، للإمام أحمد 3/108، 271، 272
3- الحَرّة: كل أرض ذات حجارة سود. (المترجم)
4- كَلْب: اسم قبيلة عربية. (المترجم)
5- عَذْق: النخلة. (المترجم)
6- قُباء: أصله اسم بئر عُرفت القرية بها. (المترجم)
7- العُرَواء: الرعدة والانتفاض. (المترجم)
8- بَقيع الغَرْقَد: مقبرة أهل المدينة وهي داخل المدينة. (المترجم)
9- الشملة: الكساء الغليظ يشتمل به الإنسان أي يلتحف. (المترجم)
10- السيرة النبوية، لابن هشام 1/228-234
ضع تعليقك :///////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////