كتاب الخالدون مائه
.
الخالدون
لقد اخترت محمداّ (صلي الله عليه وسلم) في أول هذه القائمة, ولابد أن
يندهش كثيرين لهذا الاختيار. ومعهم حق في ذلك. ولكن محمد عليه السلام هو
الإنسان الوحيد في التاريخ الذي نجح نجاحا مطلقا علي المستوي الديني
والدنيوي.
وهو قد دعا إلي الإسلام ونشره كواحد من أعظم الديانات
وأصبح قائدا سياسيا وعسكريا ودنيا. وبعد 13 قرن من وفاته. فان اثر محمد
عليه السلام ما يزال قويا متجددا.
وأكثر هؤلاء الذين اخترتهم قد
ولدوا ونشوا في مراكز حضارية ومن شعوب متحضرة سياسيا وفكريا. إلا محمداْ
(صلي الله عليه وسلم) فهو قد ولد سنة 570 ميلادية في مدينة مكة جنوب شبه
الجزيرة العربية في منطقة متخلفة من العالم القديم. بعيدة عن مراكز التجارة
والحضارة والثقافة والفن.
وقد مات أبوه وهو لم يخرج بعد إلي الوجود. وأمه وهو في السادسة من عمره. وكانت نشأته في ظروف متواضعة وكان لا يقراْ ولا يكتب.
ولم يتحسن وضعه المادي إلا في الخامسة والعشرين من عمره عندما تزوج أرملة غنية.
ولما قارب الأربعين من عمره. كانت هناك أدلة كثيرة علي انه شخصية فذة بين الناس.
وكان
أكثر العرب في ذلك الوقت وثنين. يعبدون الأصنام. وكان يسكن مكة عدد قليل
من اليهود والنصارى.. وكان محمدا (صلي الله عليه وسلم) علي علم بهاتين
الديانتين.
وفي الأربعين من عمره امتلأ قلبه ايمانأ بان الله واحد احد ,
وان وحيا ينزل عليه من السماء، وان الله اصطفاه ليحمل رسالة سامية إلي الناس.
وامضي محمد (صلي الله عليه وسلم) ثلاث سنوات يدعو لدينه الجديد بين أهله وعدد قليل من الناس.
وفي سنة 613 ميلادية أذن الله عز وجل لمحمد (صلي الله عليه وسلم) بان يجاهر بالدعوة إلي الجديد فتحول قليل إلي الإسلام.
وفي
سنة 622 ميلادية هاجر الرسول (صلي الله عليه وسلم) إلي المدينة المنورة
واكتسب الإسلام كثيرا من القوة. واكتسب رسوله عددا كبيرا من الأنصار.
وكانت
الهجرة إلي المدينة المنورة نقطة تحول في حياة الرسول (صلي الله عليه
وسلم). وإذا كان الذين تبعوه في مكة قليلة. فان الذين ناصروه في المدينة
كانوا كثيرين.
وبسرعة اكتسب الرسول(صلي الله عليه وسلم) ولإسلام قوه منة.وأصبح محمد (صلي الله عليه وسلم)أقوى وأعمق أثرا في قلوب الناس.
وفي
السنوات التالية, تزايد عدد المهاجرين والأنصار. واشتركوا في معارك كثيرة
بين أهل مكة من الكفار. وأهل المدينة من الهاجرين والأنصار.
وانتهت
كل هذه المعارك في سنه 630 ميلادية بدخول الرسول منتصرا إلي مكة قبل وفاتة
بسنتين ونصف السنة وشهد محمد(صلي الله عليه وسلم)الناس يدخلون في دين الله
افواجأ.., ولما توفي الرسول (صلي الله عليه وسلم)كان الإسلام قد انتشر في
شبه الجزيرة العربية.
وكان البدو من سكان شبة الجزيرة مشهورين
بشراستهم في القتال, وكانوا ممزقين ليضأ. رغم إنهم قليلو العدد, ولم تكن
لهم قوة أو سطوة العرب في الشمال الذين عاشوا علي الأرض المزروعة.
ولكن
الرسول استطاع لأول مرة في التاريخ, إن يوحد وان يملأهم بالأيمان وان
يهديهم جميعا بالدعوة إلي الإله الواحد. ولذلك استطاعت جيوش المسلمين
الصغيرة المؤمنة إن تقوم بأعظم غزوات عرفتها البشرية فاتسعت الأرض تحت
أقدام المسلمين من شمالي شبة الجزيرة العربية وشملت الإمبراطورية الفارسية
علي عهد الساسانيين والي الشمال الغربي واكتسحت بيزنطة والإمبراطورية
الرومانية الشرقية.
وكان العرب اقل بكثير جدا من كل هذه الدول التي غزوها وانتصروا عليها.
وفي
642 انتزع العرب مصر من الإمبراطورية البيزنطية, كما إن العرب سحقوا
الفوات الفارسية في الساحة في عهد الخليفتين أبي بكر الصديق وعمر بن
الخطاب. لم تكن نهاية الزحف العربي والمد الإسلامي في العالم.
ففي
711 اكتسحت الفوات الإسلامية شمال أفريقيا حتى المحيط الأطلسي. ثم اتجهت
الفوات الإسلامية بعد ذلك إلي مضيق جبل طارق وعبروا إلي أسبانيا وساد
أوروبا كلها شعور في ذلك الوقت بان الفوات الإسلامية تستطيع إن تستولي علي
العالم المسيحي كله.
ولكن في سنة 732 وفي موقعة تور بفرنسا. انهزمت الفوات الإسلامية التي تقدمت إلي قلب فرنسا.
ورغم
ذلك فقد استطاع هؤلاء البدو المؤمنين بالله وكتابة ورسوله. إن يقيموا
إمبراطورية واسعة ممتدة من حدود الهند حتى المحيط الأطلسي.وهي أعظم
إمبراطورية أقيمت في التاريخ حتى اليوم. وفي كل مرة تكتسح هذه الفوات بلدا.
فأنها تنشر الإسلام بين الناس.
ولم يستقر العرب علي هذه الأرض التي
غزوها. وإذ سرعان ما انفصلت عنها بلاد الفرس. وان كانت ظلت علي إسلامها.
وبعد سبعة قرون من الحكم العربي لأسبانيا والمارك المستمرة. تقدمت عليها
الجيوش المسيحية فاستولت عليها. وانهزم المسلمون...,
إما مصر والعراق مهد أقدم الحضارات الإنسانية فقد انفصلتا.. ولكن بقيتا علي دين الإسلام.. وكذلك كل شمال أفريقيا.
وظلت الديانة الجديدة تتسع علي مدي القرون التالية. فهناك مئات الملاين في وسط أفريقيا وباكستان واندونيسيا.
بل
إن الإسلام وحد بين اندونيسيا المتفرقة الجزر والديانات واللهجات.وفي شبة
القارة الهندية انتشر الإسلام وظل علي خلاف مع الديانات الاخري.والإسلام
مثل كل الديانات الكبرى. كان له اثر عميق في حياة المؤمنين به. ولذلك
فمؤسسو الديانات الكبرى ودعاتها موجودون في قائمة المائعة الخالدين.وربما
بدا شيئا غريبا.... إن يكون الرسول(صلي الله عليه وسلم) في راس هذه
القائمة.رغم إن عدد المسيحين ضعف عدد المسلمين, وربما بدا غريبا إن يكون
الرسول عليه السلام هو رقم واحد في هذه القائمة, بينما عيسي عليه السلام هو
رقم 3 وموسي عليه السلام رقم16.
ولكن لذلك أسباب:من بينها إن
الرسول محمد(صلي الله عليه وسلم) قد كان دوره اخطر وأعظم في نشر الإسلام
وتدعيمه وإرساء قواعد شريعته أكثر مما كان لعيسي عليه السلام في الديانة
المسيحية. وعلي الرغم من إن عيسي عليه السلام هو المسؤل عن مبادىء الأخلاق
في المسيحية, غير إن القديس بولس هو الذي ارسي أصول الشريعة المسيحية, وهو
ليضأ المسئول عن كتابة الكثير مما جاء في كتب (العهد الجديد).
آما
الرسول(صلي الله عليه وسلم) فهو المسئول الأول والأوحد عن إرساء قواعد
الإسلام وأصول الشريعة والسلوك الاجتماعي والأخلاقي وأصول المعاملات بين
الناس في حياتهم الدينية والدنيوية. كما إن القران الكريم نزل عليه وحده.
وفي القران الكريم وجد المسلمون كل ما يحتاجون إليه في دنياهم وأخرتهم.
والقران
الكريم نزل علي الرسول(صلي الله عليه وسلم) كاملا. وسجلت آياته وهو ما
يزال حيا. وكان تسجيلا في منتهي الدقة, فلم يتغير منه حرف واحد..وليس في
المسيحية شيء مثل ذلك. فلا يوجد كتاب واحد محكم دقيق لتعاليم المسيحية بشبة
القران الكريم.وكان اثر القران الكريم علي الناس بالغ العمق. ولذلك كان
اثر محمد(صلي الله عليه وسلم) علي الإسلام أكثر وأعمق من الذي تركة عيسي
عليه السلام علي الديانة المسيحية.
فعلي المستوي الديني كان محمد(صلي الله عليه وسلم) قويا في تاريخ البشرية. وكذلك كان عيسي عليه السلام.
وكان
الرسول عليه السلام علي خلاف عيسي عليه السلام رجلا دنيويا فكان زوجا
وأبا. وكان يعمل في التجارة ويعي الغنم. وكان يحارب ويصاب في الحروب
ويمرض..ثم مات....
ولمـا كان الرسول(صلي الله عليه وسلم) قوة جبارة, فيمكن أن يقال أيضا انه أعظم زعيم سياسي عرفه التاريخ.
وإذا
استعرضنا التاريخ..فإننا نجد إحداثا كثيرة تقع دون إبطالها
المعروفين..مثلا: كان من الممكن أن تستقل مستعمرات أمريكا الجنوبية
عن أسبانيا دون أن يتزعم حركاتها الاستقلالية رجل مثل سيمون بوليفار.. وهذا ممكن جدا. علي أن يجيء أي إنسان ويقوم بنفس العمل.
ولكن
من المستحيل أن يقال ذلك عن البدو..وعن العرب عموما وعن إمبراطوريتهم
الواسعة, دون أن يكون هناك محمد(صلي الله عليه وسلم)..فلم يعرف العالم كله
رجلا بهذه العظمة قبل ذلك.وما كان من الممكن أن تتحقق كل هذه الانتصارات
الباهرة بغير زعامتة وهدايتة وايمان الجميع به.
ربما ارتضي بعض
المؤرخين أمثلة أخرى من الغزوات الساحقة.. كالتي قام بها المغول في القرن
الثالث عشر. والفضل في ذلك يرجع إلي جنكيز خان. ورغم إن غزوات جنكيز خان
كانت أوسع من غزوات المسلمين, فأنها لم تدم طويلا.. ولذلك كان اقل خطرا
وعمقا.
فقد انكمش المغول وعادوا إلي احتلال نفس الرقعة التي كانوا يحتلونها قبل ظهور جنكيز خان.
وليست
كذلك غزوات المسلمة.. فالعرب يمتدون من العراق إلي المغرب. وهذا الامتداد
يحتوي دولا عربية. لم يوحد بينها الإسلام فقط. ولكن وحدت بينها اللغة
والتاريخ والحضارة.ومن المؤكد أن إيمان العرب بالقران. هذا الأيمان
العميق.هو الذي حفظ لهم لغتهم العربية وأنقذها من عشرات اللهجات الغامضة.
صحيح أن هناك خلافات بين الدول العربية وهذا طبيعي. ولكن هذه الخلافات يجب
الأ تنسينا الوحدة المتينة بينها.
مثلا: لم تشترك إيران المسلمة
واندونيسيا المسلمة في فرض حظر البترول علي العالم الغربي فمابين(1973
و1974). بينما نجد أن الدول العربية البترولية قد شاركت جميعها في هذا
الحظر.
وهذا الموقف العربي الموحد يؤكد لنا, إن الغزوات
العربية التي سادت القرن السابع. ما يزال دورها عميقا وأثراها بليغا في
تاريخ الإنسانية حتى يومنا هذا.
فهذا الامتزاج بين الدين والدنيا هو الذي جعلني أومن إن محمد(صلي الله عليه وسلم) هو أعظم الشخصيات أثرا في تاريخ الإنسانية كلها
إسحاق نيوتن هو أعظم العلماء أثرا في تاريخ الإنسانية, ولد يوم الكريسماس
سنة 1942.وهي نفس السنة التي توفي فيها الفلكي الإيطالي جاليليو. .ولد
إسحاق نيوتن بعد وفاة أبية.
ولم تظهر علية ملامح الذكاء وهو طفل,
ولكن ظهرت براعته في قدرته علي استخدام يدية. فظنت امه انه ممكن إن يكون
ملاحا بارعا أو نجارا نشيطا, فاخرجية من المدرسة, بعد إن شكا مدرسوه انه
لاينتم كثيرا بما يقولون. ولكنة يكد يبلغ الثانية عشرة من عمره حتى أخذا
يقرا بلهفة كل شيء.. وحتى دخل جامعة كمبريدج. وفي الجامعة قرأ كل ما وقع
تحت يدية من الكتب. وفي الحادية والعشرين من عمره ارسي كل النظريات التي
زلزلت العلم الحديث بعد ذلك.
وكان نيوتن يسوغ نظرياتة سرا. ولم يعلن
عنها إلا بعد إن اكتملت تماما. ويعدان جربها وثبت له إنها صحيحة مائة في
المائة.وأولي نظرياتة الخاصة بالضوء.فهو أول من اهتدي إلي إن الضوء مكون من
كل ألوان الطيف,
كما انه درس قوانين انعكاس الضوء وانكساره.
وصنع أول تلسكوب عاكس في سنة( 1668م), وهو نفس التلسكوب المتطور الذي يستخدم في المراصد الفلكية اليوم.
وواحد
من أعظم اكتشافاتة هو حساب التفاضل والتكامل الذي اهتدي إليه وهو في
الواحد والعشرين من عمره. وهو أساس لكل العلوم النظرية الحديثة, وإذا لم
يكن قد ابتدع إلا هذا فقط, فأنة نكفية فخرا وشرفا, وبضعة في مكانة من هذه
القائمة..
ولكن أعظم اكتشافاتة كلها هو قوانين الحركة والحزبية
العامة.. ولو نظرنا إلي العلوم التي فكر فيها الإنسان في عصر نيوتن, نجد
انه هو أعظم الذين أضافوا إليها من عبقرية...
ربما كان السياسيون
والمصلحون ابرز أثرا في حياة الناس بعد نيوتن, ولكن المهم هو إن حياة الناس
قد أصبحت شيئا أخر بعد ظهور نيوتن.. فهو أعظم العلماء أثرا في فكر الإنسان
وفي حياته.. توفي نيوتن في سنة (1727م ), وكان أول من دفن في مقابر
العظماء في لندن.
اثر المسيح علية السلام علي البشرية هوي ضخم, ولا احد يناقش في إن يكون
وضعه قمة هذه القائمة, والسوال: كيف إن المسيح صاحب أكثر الأديان أثرا في
الإنسانية لم يكن أول هذه القائمة.... ؟
ولاشك إن المسيحية بمرور
الوقت, أصبحت اكبر الديانات عددا. وعلي كل فليس المهم في هذه الدراسة هو
اثر الديانة في الناس, ولكن اثر أصحاب هذه الديانة فيهم. والديانة المسيحية
تختلف عن الإسلام, فالمسيحية لم يؤسسها شخص واحد, وإنما أقامها اثنين:
المسيح علية السلام والقديس بولس, ولذلك يجب إن يتقاسم شرف إنشاءها هذان
الرجلان.
فالمسيح علية السلام قد ارسي المبادىء الأخلاقية للمسيحية.
وكذلك نظرتها الروحية وكل ما يتعلق بالسلوك الانسانى.إما مباديء اللاهوت
فهي من صنع القديس بولس. فالمسيح هو صاحب الرسالة الروحية, ولكن القديس
بولس أضاف إليها عبادة المسيح. كما إن القديس بولس هو الذي إلف جانبا كبيرا
من (العهد الجديد)وكان المبشر الأول للمسيحية في القرن الأول للميلاد.
وقد
توفي المسيح لية السلام وهو ما يزال شابا علي خلاف محمد(صلي الله عليه
وسلم)وترك المسيح وراءه عددا من الحواريين, وعند وفاة المسيح ألف اتباعية
طائفة يهودية صغيرة.ولكن القديس بولس هو الذي جعل هذه الفئة الصغيرة هيئة
كبيرة نشطة شملت اليهود وغير اليهود, حتى أصبحت المسيحية واحدة من الديانات
الكبرى..
ولهذه الأسباب, فان عدد من الباحثين يرون إن مؤسس الديانة
المسيحية هو القديس بولس, وليس السيد المسيح.وهذا يؤدي إلي أن نضع القديس
بولس قبل السيد المسيح في هذه القائمة, وليس واضحا ما كان سيئول إليه أمر
المسيحية, لولا القديس بولس, ولكن من المؤكد أيضا انه لا مسيحية بغير
المسيح !
وليس من المنطق في شيء إن يكون السيد المسيح نفسه مسئولا
عن الذي إضافته الكنيسة أو رجالها إلي الديانة المسيحية.فكثير مما أضافوه
يتنافى مع تعاليم المسيح نفسه. فالحروب بين المسيحين, وذبح المسيحين
لليهود, تناقض تماما كل الذي دعا إليه السيد المسيح علية السلام, ويستحيل
أن يقال أن السيد المسيح هو الذي أوصي بهذا كله.
وإذا كانت العلوم
تطورت في العالم الغربي المسيحي, فليس من المنطق أن يقال أن المسيحية هي
المسؤلة عن نهضة العلوم في القرن العشرين قرنا الماضية, فلم نجد في شروح
رجال الدين المسيحي, من يقول إن المسيحية تدعو إلي التأمل في الكون أو
الدعوة إلي التفكير
المعروف وهو يشرع. وسنة الميلاد ليست مؤكدة. وان
كان يقال انه قد ولد قبل السنة التي اجمع عليها رجاله بست سنوات, حتى سنة
وفاة التي اجمع عليها حوارية, وليست معروفة ولا مؤكدة.كما إن المسيح لم
يترك وراء ورقة واحدة مكتوبة.. وكل ما لدينا من معلومات عن حتاتة إنما هو
مستمد من (العهد الجديد).
اسممه جوا تاما بوذا. واسمه الأصلي الأمير سيد هارت. مؤسس الديانة البوذية
احدي الديانات ألكبري. وأبوه كان حاكما لأحدي المدن في شمال الهند علي حدود
مملكة نيبال.وتزوج في السادسة عشرة من عمره احدي قريباته وفي مثل السنة.
وقد ولد الأبهة والفخامة, ولكنه كان في غاية التعاسة.فقد لاحظ أن أكثر
الناس فقراء, وأن الأغنياء أشقياء أيضا, وأن الناس جميعا ضحايا المرض
والموت بعد ذلك.
وقد فكر بوذا كثيرا, واهتدي إلي أنه يكون لابد أن يكون في هذه الحياة العابرة شيء أبقي وأنقي من كل ذلك.
وعندما
بلغ الحادية والعشرين من عمره وبعد ميلاد ابنه, قرر أن يهجر هذه الحياة
وأن يتفرغ تماما للتأمل في أمر هذه الدنيا وان يبحث عن الحقيقة. ترك كل شيء
وتحول إلي متسول مفلس, ودرس علي أيدي عدد من رجال الدين, وبعد أمضي بعض
الوقت اكتشف أن الحلول التي يتقدمون بها لمشاكل هذه الحياة ليست كافية.وكان
من المعتقد في ذلك الوقت أن الحل الوحيد لمتاعب الدنيا هو الزهد فيها فزهد
في كل شيء.وامضي سنوات لاياكل إلا القليل ولا يشرب إلا القليل. ولكنة عاد
فاكتشف أن تعذيب الجسد.يملأ العقل ضبابا ويحجب عن النفس الحقيقة فعدل عن
الزهد إلي حتاتة العادية يأكل ويشرب ويجلس إلي الناس.
وفي العزلة أمسك بخناق مشاكل الناس.
وفي
احدي الليالي بينما كان يجلس تحت شجرة تين, تساقطت عند قدميه هموم الدنيا
كلها, وعرفها.واهتدى إلي حلها, وامضي بوذا الليل كاملا يتأمل. فلما طلع
علية النهار أيقن تمانا أنه عرف الحقيقة, وانه أصبح{بوذيا}ـ أي إنسانا
مستنيرا.
أما التعاليم البوذية فيمكن إيجازها في أنها تنطوي علي الحقائق النبيلة الأربع الآتية:
أولا: أن الحياة في أعماقها تعيسة.
ثانيا: أن سبب هذه التعاسة أنانية الإنسان وشهواته.
ثالثا: أن أنانية الإنسان وشهواته يمكن القضاء عليها عندما يصل الإنسان إلي
حالة (النرفانا)أي انعدام كل شيء في أعماقه.
رابعا:أن الوسيلة إلي الهرب من الأنانية هي أن نسلك طريق الحقائق الثماني
وهي:
النظرة الصحيحة. والفكرة الصحيحة. والكلمة الصحيحة
والعمل الصحيح. والحياة الصحيحة. والجهد الصحيح
والفهم الصحيح. والتأمل الصحيح.
والبوذية مفتوحة علي كل الناس دون تفرقا من لون أو جنس, علي عكس الديانة الهندوكية المتعصبة.
وبعد
وفاة بوذا انتشرت الديانات البوذية علي مهل. ففي القرن الثالث قبل الميلاد
تحول الإمبراطور الهندي أشوكا إلي الديانة البوذية مما أدي إلي انتشارها
في الدول المجاورة جنوبا في سيلان وشرقا في بورما والملايو واندونيسيا
وشمالا إلي أفغانستان: كما أنها دخلت الصين وأصبح لها أتباع كثيرون. ومن
الصين انتقلت إلي كوريا واليابان.
وفي الهند نفسها انحسرت الديانة
البوذية حتى سنة 500 ميلادية. ثم اختفت تماما في سنة 1200. ولكن بقيت
البوذية منتشرة في الصين واليابان وظلت الدين الرسمي في التبت ودول آسيوية
أخري كثيرة.
ولم تسجل تعاليم بوذا ألا بعد وفاة بوقت طويل. كما أن ديانته هذه قد انشقت بعضها علي بعض.
ولا
شك أن بوذا نفسه كواحد من مؤسسي الديانات الكبرى يستحق أن يتصدر هذه
القائمة.لولا أن عدد البوذيين في العالم لا يتجاوزون مائتي مليون. بينما
عدد المسلمين 700 مليون, وعدد المسيحين ألف مليون. ومعني ذلك أن أثره كان
اقل بكثير من الأثر الذي تركه محمد(صلي الله عليه وسلم), والسيد المسيح
علية السلام.
أما لماذا انحسرت البوذية في الهند. فسبب ذلك هو أن الديانة الهندوكية قد اشتملت علي معظم مبادىء البوذية.
ولكن
البوذية رغم ذلك تحتوي علي قدر من السلام والدعوة إليه أكثر مما جاء في
الإسلام والمسيحية. ولا شك أن مبادىء السلام وترك العنف قد كان لها أعمق
الأثر في الحياة السياسية لكل الدول التي أمنت بالبوذية.
وقد قيل
حقا وبصدق, انه لو عاد السيد المسيح إلي الحياة لفزع من هذه الجرائم التي
ارتكبت باسمه وبين المؤمنين به. فكم من الحروب الدموية قد نشبت بين الشعوب
المسيحية في أوربا وكذلك لو عاد بوذا إلي الحياة لوجد أن أشياء
كثيرة قد قيلت علي لسانه, وأن أساليب في الحياة قد اتخذها أتباعة, لم يكن يستريح هو إليها.
ومن المؤكد أن أثر بوذا علي أتباعة أكبر وأعمق مما تركت تعاليم المسيح علي إتباعه.
وقد
كان لكل من بوذا الهند وكونفوشيوس الصين أثر متقارب علي أتباعما. فكلاهما
عاش في وقت واحد. وليس هناك فارق كبير بين عدد أتباع الرجلين.
وقد اخترت بوذا قبل كونفوشيوس لسببين:
أواهما:أن الشيوعية في الصين تفوقت علي الديانة الكونفوشية وذلك تكون البوذية أكبر عددا وأقوى أثرا.
ثانيـا:أن
الكونفوشية قد فشلت في أن تترك أثرا خارج الصين. وهذا يدل علي أن
كونفوشيوس كان قريبا إلي المزاج الديني في الصين فقط. وهذا هو الفارق بين
ديانة بوذا وديانة كونفوشيوس. فبوذا استطاع أن يذهب بتعاليم إلي أبعد من
حدود الهند
هو أول فيلسوف صيني يفلح في إقامة مذهب كل الأفكار الصينية عن السلوك
الاجتماعي والأخلاقي. ففلسفته قائمة علي القيم الأخلاقية الشخصية وعلي أن
تكون هناك حكومة تخدم الشعب تطبيقا لمثل أخلاقي أعلي. وقد ظلت هذه الأفكار
تتحكم في سلوك الناس أكثر من ألف سنة.
ولد كونفوشيوس سنة 511 في
ولاية لو في شمال الصين. مات أبوه وهو طفل. فعاش مع أمة في فقر شديد.
وعندما كبر عمل موظفا في الحكومة. ثم اعتزل العمل الحكومي وبعدها أمضي ستة
عشر عاما من عمره يعظ الناس متنقلا من مدينة إلي مدينة. وقد التفت حوله عدد
كبير من الناس, ولما بلغ الخمسين عاد إلي العمل في الحكومة. ولكن استطاع
بعض الحاقدين عليه أن يطردوه من الحكومة, فترك لهم البلاد كلها. وامضي بعد
ذلك ثلاثة عشر عاما مبشرا متجولا. وثم عاد ليقيم في بلدته خمس سنوات. هي
التي بقيت له من العمر. وقد توفي سنة (479 ق.م).
وكثيرا ما وصف
كونفوشيوس بأنه ِأحد مؤسسي الديانات الكبرى, وهذا تعبير غير دقيق فمذهبه
ليس دينيا. فهو لا يتحدث عن الله عز وجل أو السماوات. وإنما مذهبة: هو
طريقة في الحياة الخاصة والسلوك الاجتماعي والسياسي. ومذهبة يقوم علي الحب ـ
حب الناس وحسن معاملتهم والرقة في الحديث والأدب في الخطاب. ونظافة اليد
واللسان.
ويقوم مذهبة علي احترام الأكبر سنا والأكبر مقاما, وعلي
تقديس الأسرة وعلي طاعة الصغير للكبير وطاعة المرآة لزوجها. ولكنه في نفس
الوقت يكره الطغيان والاستبداد.
وهو يؤمن بان الحكومة إنما أنشئت
لخدمة الشعب وليس العكس. وأن الحاكم يجب أن تكون عنده قيم أخلاقية ومثل
عليا. ومن الحكم التي اتخذها كونفوشيوس قاعدة لسلوكه تلك الحكمة القديمة
التي تقول:{أحب لغيرك ما تحبه لنفسك}.
وكان كونفوشيوس محافظا في النظرية إلي الحياة فهو يري أن العصر الذهبي للإنسانية كان وراءها ـ أي كان في الماضي.
وهو
لذلك كان يحن إلي الماضي ويدعو الناس إلي الحياة فيه... ولكن الحكام علي
زمانه لم يكونوا من رأيه ولذلك لقي بعض المعارضة. وقد اشتدت هذه المعارضة
بعد وفاته ببضع مئات من السنين, عندما ولي الصين ملوك أحرقوا كتبه وحرموا
تعاليمه..ورأوا فيها نكسة مستمرة. لأن الشعوب يجب أن تنتظر أمامها. بينما
هو يدعو الناس إلي النظر إلي الوراء.. ولكن ما لبثت تعاليم كونفوشيوس أن
عادت أقوي مما كانت وانتشرت تلاميذه وكهنته في كل مكان.. واستمرت فلسفة
كونفوشيوس تتحكم في الحياة الصينية قرابة عشرين قرناـ أي من القرن الأول
قبل الميلاد حتى نهاية القرن التاسع عشر بعد الميلاد.
أما إيمان أهل الصين بفلسفة كونفوشيوس فيعود إلي سببين:
اولآ: أنه كان صادقا مخلصا. لاشك في ذلك.
ثانيا: أنه شخص معقول ومعتدل وعلمي. وهذا يتفق تماما مع المزاج الصيني.
بل
هذا هو السبب الأكبر في انتشار فلسفتة في الصين. وهو بذلك كان قريبا منهم.
فلم يطلب إليهم أن يغيروا حياتهم أو يثوروا عليها. وإنما هو أكد لهم كل ما
يؤمنون به فوجدوا في تعاليمه. ولذلك ظلت فلسفة كونفوشيوس صينية. ولم
تتجاوزها إلا إلي اليابان وكوريا..
ولكن هذه الفلسفة قد انحسرت
تماما عن الصين. وبعد أن تحولت إلي الشيوعية واتجهت الصين إلي المستقبل
وانتزعت نفسها من هذه الديانة وذلك بالبعد عن الماضي ومسالمة الناس في
الداخل والخارج. صحيح أن فلسفة كونفوشيوس للصين سلاما وأمنا داخليا أكثر من
عشرين قرنا هي التي حققت.
ولكن نحن لا نستبعد بعد خمسين أو مائة
سنة أن يظهر فيلسوف صيني جديد يقوم بالتوفيق التام بين تعاليم كونفوشيوس
وماوتسي تونج وكلاهما صيني مائة في المائة
انه بولس الرسول, وكان معاصرا للمسيح علية السلام, وهو أكبر المبشرين
بالمسيحية. وكان أثره في الديانة المسيحية هائلا. أهم وأعظم من كل كتابها
ومفكريها.
وبولس يسمونه شاؤول أيضا. ولد في مدينة طر سوس بتركيا
القديمة. وعلي الرغم من أنه روماني الجنسية فانه يهودي الديانة. وقد درس
اللغة العبرية في شبابه. وتلق علومه في القديس. وكان يتاجر في الخيام.
وعندما ذهب إلي القدس تتلمذ علي الحاخام الشهير جماليل. وعلي الرغم من أن
القديس بولس قد زار القدس في زمن المسيح عليه السلام فانه لم يلتق به.
وبعد
وفاة السيد المسيح كان أتباعه يلقون التعذيب الشديد بتهمة الكفر وقد ساهم
القديس بولس نفسه في اتهام أتباع المسيح بالزندقة. ولكن في رحلـــة للقديس
بولس إلي دمشق رأي السيد المسيح في نومه. وبعدها تحول إلي المسيحية وكانت
نقطة تحول في حياته وفي المسيحية نفسها. فالرجل الذي كان عدوا للمسيحية
أصبح من أئمة دعاتها وأعظم أعمدتها. .
ومن ذلك الحين أمضي القديس
بولس حياته كلها يكتب عن المسيحية ويدعو لها.. فدخلها الكثيرون.. وقد سافر
كثيرا يدعو ويبشر ويقنع الناس بالإيمان. فسافر إلي تركيا القديمة وبلاد
الإغريق وسوريا وفلسطين. ولم يكن القديس بولس واعظا موفقا عندما كان يتحدث
إلي اليهود. حتى وصفوه بأنه داعية الأميين أي غير اليهود. ولم يستطيع أحد
أن يقوم بمثل هذا الدور من قبله أو من بعــده.
وترجع عظمة القديس بولس إلي تبشيره بالديانة المسيحية. والي ما كتبه عنها. إلي تطويره لأصول الشريعة المسيحية.
فمن بين السبعة والعشرين سفرا من كتاب {العهد الجديد} نجد أن القديس بولس قد ألف أربعة عسر سفرا. .
ومن أهم أفكاره: أن يسوع المسيح لم يكن فقط نبى
و
القديس بولس أعلن أنه لا داعي للتمسك بكثير من الشعائر اليهودية في الطعام
والطهارة. ولا التمسك بتعاليم موسي عليه السلام.لأن تطبيق هذه الشعائر,
وليس كافيا لخلاص الإنسان. وأنما الإيمان الحق هو الذي يحقق للإنسان خلاص
روحه وجسده .
و القديس بولس لم يتزوج. بل لم يقرب امرأة. وكان له
رأي في المرآة والجنس والزواج. وهذا الرأي قد ترك أثرا عميقا في الفكر
الأوروبي. يقول في رسالته الأولي {إلي أهل كرونثوس}:
أقول لغير
المتزوجين وللأرامل أنه خير لهم أن يبقوا مثلي. ولكن إذا لم يستطيعوا أن
يضبطوا أنفسهم فليتزوجوا. لأن الزواج أصلح. وأما المتزوجين فأوصيهم بألا
تفارق المرآة رجلها. وان فارقته فلتبق بغير زواج. أو لتصالح زوجها. ولا
يترك الرجل امرأته.
ويقول القديس بولس في رسالته إلي {تيوثاوس} إن
علي المرآة أن تتعلم في سكون وخضوع. ولا أسمح لها بأن تتسلط علي الرجل.
فادم قد خلقه الله قبل حواء .
و القديس بولس إنما يردد أفكار شائعة في زمانه. ولكن السيد المسيح لم يكن يبشر بشيء من هذا الذي قاله بولس الرسول.
وبولس
الرسول هذا هو المسئول الأول عن تحويل الديانة المسيحية من مجرد طائفة
يهودية إلي ديانة كبري. وهو المسئول الأول عن {تاليه} المسيح. بل إن بعض
فلاسفة المسيحية يرون أنه هو الذي أقام المسيحية وليس المسيح. ولكن ما كان
يمكن أن يكون لبولس هذا القدر العظيم لولا المسيح نفسه .
هذا الرجل هو الذي اخترع الورق, ولم يرد اسمه كثيرا في الموسوعات الكبرى
ولكن ليس معني ذلك أنه نكرة. أو لم يكن له وجود حقيقي. ولكن تسي أي لون كان
موظفا بالبلاط الإمبراطوري الصيني. وأنه بسبب اختراعه للورق قد لقي الكثير
من التقدير الإمبراطوري العظيم.
ثم أن الحياة في حاشية الإمبراطور
قد أصابته بمرض الحاشية. وهو الدخول في المؤامرات والدسائس التي أودت به في
النهاية, ولكن بعد أن سجل أعظم اختراع عرفته البشرية وهو صناعة الورق,
فقبل هذا الاختراع كان الإنسان يسجل تاريخه علي الخشب وعلي الحجر وعلي جلود
الحيوانات أو علي أوراق البردي. كما كان يفعل الفراعنة والإغريق.
وقد
حصل العرب في القرن السادس غلي الورق الصيني. ولم يمضي وقت طويل حتى تمكن
الشرقيون في سمرقند {في الاتحاد السوفييتي الآن} من صناعة الورق علي
الطريقة الصينية. . واحتكر العرب صناعة الورق. ثم نقلها الأوروبيون عنهم. .
وتطورت صناعة الورق أسرع ,اكبر تنوعا مما عرفها الصينيون.
وأصبح الورق شيئا مألوفا الآن. ولا يمكن لأحد أن يتصور كيف يكون شكل الحضارة الإنسانية بغير الورق.
ولابد
أن يكون جمود الحضارة الصينية سببه أنها لم تطور صناعة الورق. . وهي بذلك
لم تطور تسجيل الحضارة الإنسانية وتناقلها من جيل إلي جيل.
فقد كان
العالم الصيني يحتاج إلي عربة ضخمة لكي ينقل كتابا واحدا من مكان إلي مكان.
بينما الآن يستطيع الإنسان أن يضع في جيبه الصغير كتابا من ألف صفحة. بل
انه يستطيع أن يضع مكتبة من ألف كتاب في جيبه الصغير. إذا صورها علي فليم
أيهما يستحق أن يجئ أسبق في الترتيب: تسي أي لون أو هذا المخترع الألماني جوتبرج؟
إن
جوتبرج قد اخترع الطباعة. . أو علي الأصح قد أخترع الحروف التي توضع إلي
جوار بعضها البعض, ثم توضع فوقها الورق ثم يضغط عليه فتكون الصحيفة
المطبوعة. إن هذا الاختراع عظيم. ولكنه ما كان يمكن أن يكون عظيما لو لم
يكن هناك ورق. فالورق يجئ قبل الطباعة. ومخترع الورق أسبق في سلم العظمة من
مخترع الطباعة.
ولد يوهــان جوتبرج في مدينة مينسي بألمانيا. وهذا
الرجل هو الذي ابتدع الحروف المصقولة والمنفصل بعضها عن البعض, والتي يمكن
ربطها وشدها فتتكون منها جميعا كتلة واحدة توضع فوقها الصفحات. . وقد دفع
جوتبرج بتسجيل التاريخ إلي مرحلة باهرة. ولم يكن هذا الرجل تاجرا ناجحا,
فهو لم يكسب شيئا من وراء هذا الاختراع. بل انه عندما طبع الكتاب المقدس
نسي أن يكتب اسمه علي صفحات الكتاب المقدس.
وقد استغرقته المشاكل
والقضايا, ثم استغراقه. ومضى فيه دون أن يدري أنه حقق للإنسانية إنجازا
رائعا. فهو الذي ابتدع الحروف. وهو الذي ابتدع أماكن ثابتة لها, ثم انه هو
الذي ابتدع مكانا للحبر في اله الطباعة وبمنتهي الدقة.
وبعد اختراع المطبعة تقدمت أوربا بصورة هائلة لم تعرفها الإنسانية في عشرات القرون قبل ذلك.
وإذا
كنا لنستطيع ألان أن نقول أن جرا هام بل إذا لم يكن قد اخترع التليفون,
فمن المؤكد أن واحدا غيره كان سيفعل ذلك وفي نفس الوقت تقريبا: فانه
بالنسبة لجوتبرج
إذا لم يخترع الطابعة, فان هذا الاختراع يتأخر
ظهوره عدة أجيال, وبسبب ما للطباعة من أثر في الحضارة الإنسانية استحق
جوتبرج هذا الشرف العظيم في قائمة الخالدين .
كولمبوس أراد أن يكشف الشرق فاكتشف امريكا. وهو بذلك قد فتح باب الاكتشافات
والاستعمار للعالم الجديد. وكان أثره في التاريخ الإنساني أكبر بكثير جدا
مما كان يتوقع. انه قد أعطي لأوربا قارتين أخريين, وأعطاها مناجم للمعادن
ومصادر لا نهائية للمواد الخام.
كولمبوس إيطالي ولد في مدينة جنوة
سنة 1451م. وعمل بحارا وترسبت في نفسه فكرة قوية هي أنه يمكن العثور علي
طريق للشرق عن طريق عبور المحيط الأطلنطي. وأقنع الملكة ايزابيلا ملكة
أسبانيا بالأنفاق علي هذا المشروع
بدأت رحلته يوم 3 أغسطس سنة 1492.
وتوقفت سفينة عند جزر الكناريا بالقرب من الشاطي الأفريقي. وباحرت جزر
الكناريا يوم 6 سبتمبر. واتجهت إلي الغرب. وكانت رحلة طويلة شاقة. وقد فزع
البحارة وفكروا في العودة. ولكنه أصر علي المضي في الرحلة. وفي يوم 12
أكتوبر سنة 1492 رأوا الأرض من بعيد. وعاد إلي أسبانيا ولقي استقبالا
عظيما. ثم قام بثلاث رحلات أخري. ولكنه لم يهتد إلي الصين أو اليابان. كما
كان يحلم !
وكانت الملكة قد وعدته بان يكون حاكما علي كل أرض
يكتشفها. ولم يكن كولمبوس ادريا ناجحا. ولذلك فسرعان ما أعادوه إلي أسبانيا
مكبلا بالسلاسل في يديه وقدميه . .
وهناك كثيرا من الشكوك حول قيمة هذا الإنجاز العظيم الذي حققه كولمبوس .
فيقال مثلا أن بحارا بروجيا كان قد سافر إلي امريكا قبل ذلك هو ايفأ يكسون
, ولكن اكتشافه هذا لم يحقق الثورة الهائلة في الحياة السياسية والاقتصادية والفكرية في أوربا .
ولكن كولمبوس استطاع أن يهز أوربا كلها, وأن يوجه كل شئ فيها إلي العالم الجديد, والحضارات القديمة, والموارد التي لا حدود لها .
ومن
صفات كولمبوس هذا أنه كان عنيفا وكان عصبيا وكان نحيلا جدا. وقد تأخر
مشروعه هذا بسبب المساومات العنيفة التي دارت بينه وبين ملكة أسبانيا.
وبينه وبين رجال البلاط, ولكن كولمبوس فد عامل الهنود الحمر في امريكا
معاملة وحشية.
ولو كنا نرتب هؤلاء العظماء حسب سلوكهم الأخلاقي.
لجاء مكانه قرب النهاية. ولكننا نتحدث عن أبعد الناس أثرا في التاريخ
الإنساني . ولذلك فمكانه, ولا شك, عند القمة .
أعظم علماء القرن العشرين وأكبرهم شهرة. وقد ارتبط اسمه بنظرية {النسبية}.
وهناك نظريتان تحملان هذا الاسم. واحدة أعلنها سنة 1905 وهي نظرية {النسبية
الخاصة}. والثانية أعلنها سنة 1915 واسمها {النسبية العامة}. وكلتاهما في
غاية التعقيد. ولا يستطيع أي إنسان أن يشرحها في مجلة أو لعامة الناس مهما
أوتي من القدرة علي التوضيح.
ولكن سوف أضرب مثلا علي ذلك. وأن لم
يكن واضحا فهو واضح الغموض. أو هو دليل واضح علي صعوبة وغموض هذه النظرية.
المثل: لنفرض أن سفينة فضاء انطلقت بسرعة مائة ألف ميل في الثانية بعيدا عن
الأرض. والذي يرقبها من الأرض والذي يرقب ألأرض من السفينة سوف تتطابق
معلوماتهما تماما. وإذا انطلقت سفينة أخري بسرعة مائة وثمانين ألف ميل في
الثانية بعيدا عن الأرض. فان الذي يرقبها من الأرض ورائد السفينة الذي يرقب
بعدها من الأرض ستكون معلوماتهما متطابقة تماما,
ولكن رائد السفينة
الأولي سيلاحظ أن السفينة الثانية تسبقه بثمانين ألف ميل في الثانيةـ هذا
ما نقوله نحن. ولكن نظرية أينشتين تؤكد أن هذا خداع. وأن الحقيقة أن
السفينة الثانية تسبقها بمائة ألف ميل في الثانية. كيف؟ هذا هو لغز النظرية
التي أرهقت العلماء في القرن العشرين. ولم تثبت صحتها إلا بعد ذلك بعشرات
السنين عندما رصد الفلكيون كسوف الشمس من أماكن مختلفة من العالم.
وانشتين
له نظريات أخري هزت الرياضيات والفيزياء أيضا. ولكن أينشتين يجئ في
المرتبة التالية بعد نيوتن. لأن نيوتن أوضح وأقدر علي الإقناع. ولأنه صاحب
الفضل الأول والأخير علي ثورته في الطبيعة. أما أينشتين. رغم عبقريته
العظيمة, فقد سبقه كثيرون مهدوا لنظريته هذه.
ثم أن أينشتين هو أول
من طلب إلي الحكومة الأمريكية أن تعجل بإكمال القنبلة الذرية قبل أن يهتدي
إليها الألمانـ وقد ندم علي ذلك فيما بعد !
و أينشتين هو صاحب المعادلة المشهورة التي تقول:
الطاقة = الكتلة مضروبة في مربع سرعة الضوء !
وهذه المعادلة تقيس بالضبط كمية الطاقة التي تنطلق من ذرة يورانيوم ـ أي عندما تتحول الذرة إلي طاقة حرارية !
وقد
ولد أينشتين في مدينة أولم في ألمانيا. وأكمل دراسته في سويسرا. وتجنس
بالجنسية السويسرية. ودرس في معاهدها. ثم إعلان نظرية النسبية الأولي والتي
فكر فيها وهو شاب دون العشرين, انتقل إلي العمل في ألمانيا في جامعاتها.
ثم مديرا لمعهد الإمبراطور الفلكي.
حصل علي جائزة نوبل في الفيزياء.
ولأنه يهودي فقد هرب من النازية سنة 1933 إلي أمريكا. وحصل علي الجنسية
الأمريكية. وظل أستاذا في جامعة نستون حتى وفاته.
كان زواجه الأول
تعيسا. أما زوجته الثاني فقد أنجب ولدين. وقد طلب إليه اليهود أن يكون أول
رئيس لإسرائيل. فاعتذر. وأن كان صهيونيا متطرفا. ولكنه في نفس الوقت يكره
الإرهاب.أما إيمانه الديني فهو أقرب إلي الصوفية. . أو أقرب إلي هذه
العبارة: إن العقل الإنساني صغير لدرجة أنة يعجز عن فهم هذا الكون فكيف
يفهم خالق الكون؟ إنها قضية أكبر من العقل. أي عقل !
وكان بسيطا في
حياته. وكان يحب العزف علي الكمان. وكان يري أن الموسيقي هي الرياضيات.
فعبر الرياضيات لا موسيقي. وبغير الموسيقي لا إحساس بجمال الرياضيات.
وكان يقول: انه في كل مرة يعجز فيها عن فهم مشكلة في الرياضيات يستمع إلي موسيقي موتسارت.
وكان
يحسد مؤلفي القصص البوليسية: لأن مؤلف القصة يعرف من هو القاتل الحقيقي ثم
بخفية عن القراء. وكان يقول: يا بخت مؤلفي القصص البوليسية إنهم يعرفون
الحقيقة التي لا تعرفها ولا ندري كيف تعرفه
لباقى الشخصيات على الموقع التالى
https://www.facebook.com/media/set/?set=a.108709352477022.16314.100000138730982
ضع تعليقك :///////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////
.
لقد اخترت محمداّ (صلي الله عليه وسلم) في أول هذه القائمة, ولابد أن
يندهش كثيرين لهذا الاختيار. ومعهم حق في ذلك. ولكن محمد عليه السلام هو
الإنسان الوحيد في التاريخ الذي نجح نجاحا مطلقا علي المستوي الديني
والدنيوي.
وهو قد دعا إلي الإسلام ونشره كواحد من أعظم الديانات
وأصبح قائدا سياسيا وعسكريا ودنيا. وبعد 13 قرن من وفاته. فان اثر محمد
عليه السلام ما يزال قويا متجددا.
وأكثر هؤلاء الذين اخترتهم قد
ولدوا ونشوا في مراكز حضارية ومن شعوب متحضرة سياسيا وفكريا. إلا محمداْ
(صلي الله عليه وسلم) فهو قد ولد سنة 570 ميلادية في مدينة مكة جنوب شبه
الجزيرة العربية في منطقة متخلفة من العالم القديم. بعيدة عن مراكز التجارة
والحضارة والثقافة والفن.
وقد مات أبوه وهو لم يخرج بعد إلي الوجود. وأمه وهو في السادسة من عمره. وكانت نشأته في ظروف متواضعة وكان لا يقراْ ولا يكتب.
ولم يتحسن وضعه المادي إلا في الخامسة والعشرين من عمره عندما تزوج أرملة غنية.
ولما قارب الأربعين من عمره. كانت هناك أدلة كثيرة علي انه شخصية فذة بين الناس.
وكان
أكثر العرب في ذلك الوقت وثنين. يعبدون الأصنام. وكان يسكن مكة عدد قليل
من اليهود والنصارى.. وكان محمدا (صلي الله عليه وسلم) علي علم بهاتين
الديانتين.
وفي الأربعين من عمره امتلأ قلبه ايمانأ بان الله واحد احد ,
وان وحيا ينزل عليه من السماء، وان الله اصطفاه ليحمل رسالة سامية إلي الناس.
وامضي محمد (صلي الله عليه وسلم) ثلاث سنوات يدعو لدينه الجديد بين أهله وعدد قليل من الناس.
وفي سنة 613 ميلادية أذن الله عز وجل لمحمد (صلي الله عليه وسلم) بان يجاهر بالدعوة إلي الجديد فتحول قليل إلي الإسلام.
وفي
سنة 622 ميلادية هاجر الرسول (صلي الله عليه وسلم) إلي المدينة المنورة
واكتسب الإسلام كثيرا من القوة. واكتسب رسوله عددا كبيرا من الأنصار.
وكانت
الهجرة إلي المدينة المنورة نقطة تحول في حياة الرسول (صلي الله عليه
وسلم). وإذا كان الذين تبعوه في مكة قليلة. فان الذين ناصروه في المدينة
كانوا كثيرين.
وبسرعة اكتسب الرسول(صلي الله عليه وسلم) ولإسلام قوه منة.وأصبح محمد (صلي الله عليه وسلم)أقوى وأعمق أثرا في قلوب الناس.
وفي
السنوات التالية, تزايد عدد المهاجرين والأنصار. واشتركوا في معارك كثيرة
بين أهل مكة من الكفار. وأهل المدينة من الهاجرين والأنصار.
وانتهت
كل هذه المعارك في سنه 630 ميلادية بدخول الرسول منتصرا إلي مكة قبل وفاتة
بسنتين ونصف السنة وشهد محمد(صلي الله عليه وسلم)الناس يدخلون في دين الله
افواجأ.., ولما توفي الرسول (صلي الله عليه وسلم)كان الإسلام قد انتشر في
شبه الجزيرة العربية.
وكان البدو من سكان شبة الجزيرة مشهورين
بشراستهم في القتال, وكانوا ممزقين ليضأ. رغم إنهم قليلو العدد, ولم تكن
لهم قوة أو سطوة العرب في الشمال الذين عاشوا علي الأرض المزروعة.
ولكن
الرسول استطاع لأول مرة في التاريخ, إن يوحد وان يملأهم بالأيمان وان
يهديهم جميعا بالدعوة إلي الإله الواحد. ولذلك استطاعت جيوش المسلمين
الصغيرة المؤمنة إن تقوم بأعظم غزوات عرفتها البشرية فاتسعت الأرض تحت
أقدام المسلمين من شمالي شبة الجزيرة العربية وشملت الإمبراطورية الفارسية
علي عهد الساسانيين والي الشمال الغربي واكتسحت بيزنطة والإمبراطورية
الرومانية الشرقية.
وكان العرب اقل بكثير جدا من كل هذه الدول التي غزوها وانتصروا عليها.
وفي
642 انتزع العرب مصر من الإمبراطورية البيزنطية, كما إن العرب سحقوا
الفوات الفارسية في الساحة في عهد الخليفتين أبي بكر الصديق وعمر بن
الخطاب. لم تكن نهاية الزحف العربي والمد الإسلامي في العالم.
ففي
711 اكتسحت الفوات الإسلامية شمال أفريقيا حتى المحيط الأطلسي. ثم اتجهت
الفوات الإسلامية بعد ذلك إلي مضيق جبل طارق وعبروا إلي أسبانيا وساد
أوروبا كلها شعور في ذلك الوقت بان الفوات الإسلامية تستطيع إن تستولي علي
العالم المسيحي كله.
ولكن في سنة 732 وفي موقعة تور بفرنسا. انهزمت الفوات الإسلامية التي تقدمت إلي قلب فرنسا.
ورغم
ذلك فقد استطاع هؤلاء البدو المؤمنين بالله وكتابة ورسوله. إن يقيموا
إمبراطورية واسعة ممتدة من حدود الهند حتى المحيط الأطلسي.وهي أعظم
إمبراطورية أقيمت في التاريخ حتى اليوم. وفي كل مرة تكتسح هذه الفوات بلدا.
فأنها تنشر الإسلام بين الناس.
ولم يستقر العرب علي هذه الأرض التي
غزوها. وإذ سرعان ما انفصلت عنها بلاد الفرس. وان كانت ظلت علي إسلامها.
وبعد سبعة قرون من الحكم العربي لأسبانيا والمارك المستمرة. تقدمت عليها
الجيوش المسيحية فاستولت عليها. وانهزم المسلمون...,
إما مصر والعراق مهد أقدم الحضارات الإنسانية فقد انفصلتا.. ولكن بقيتا علي دين الإسلام.. وكذلك كل شمال أفريقيا.
وظلت الديانة الجديدة تتسع علي مدي القرون التالية. فهناك مئات الملاين في وسط أفريقيا وباكستان واندونيسيا.
بل
إن الإسلام وحد بين اندونيسيا المتفرقة الجزر والديانات واللهجات.وفي شبة
القارة الهندية انتشر الإسلام وظل علي خلاف مع الديانات الاخري.والإسلام
مثل كل الديانات الكبرى. كان له اثر عميق في حياة المؤمنين به. ولذلك
فمؤسسو الديانات الكبرى ودعاتها موجودون في قائمة المائعة الخالدين.وربما
بدا شيئا غريبا.... إن يكون الرسول(صلي الله عليه وسلم) في راس هذه
القائمة.رغم إن عدد المسيحين ضعف عدد المسلمين, وربما بدا غريبا إن يكون
الرسول عليه السلام هو رقم واحد في هذه القائمة, بينما عيسي عليه السلام هو
رقم 3 وموسي عليه السلام رقم16.
ولكن لذلك أسباب:من بينها إن
الرسول محمد(صلي الله عليه وسلم) قد كان دوره اخطر وأعظم في نشر الإسلام
وتدعيمه وإرساء قواعد شريعته أكثر مما كان لعيسي عليه السلام في الديانة
المسيحية. وعلي الرغم من إن عيسي عليه السلام هو المسؤل عن مبادىء الأخلاق
في المسيحية, غير إن القديس بولس هو الذي ارسي أصول الشريعة المسيحية, وهو
ليضأ المسئول عن كتابة الكثير مما جاء في كتب (العهد الجديد).
آما
الرسول(صلي الله عليه وسلم) فهو المسئول الأول والأوحد عن إرساء قواعد
الإسلام وأصول الشريعة والسلوك الاجتماعي والأخلاقي وأصول المعاملات بين
الناس في حياتهم الدينية والدنيوية. كما إن القران الكريم نزل عليه وحده.
وفي القران الكريم وجد المسلمون كل ما يحتاجون إليه في دنياهم وأخرتهم.
والقران
الكريم نزل علي الرسول(صلي الله عليه وسلم) كاملا. وسجلت آياته وهو ما
يزال حيا. وكان تسجيلا في منتهي الدقة, فلم يتغير منه حرف واحد..وليس في
المسيحية شيء مثل ذلك. فلا يوجد كتاب واحد محكم دقيق لتعاليم المسيحية بشبة
القران الكريم.وكان اثر القران الكريم علي الناس بالغ العمق. ولذلك كان
اثر محمد(صلي الله عليه وسلم) علي الإسلام أكثر وأعمق من الذي تركة عيسي
عليه السلام علي الديانة المسيحية.
فعلي المستوي الديني كان محمد(صلي الله عليه وسلم) قويا في تاريخ البشرية. وكذلك كان عيسي عليه السلام.
وكان
الرسول عليه السلام علي خلاف عيسي عليه السلام رجلا دنيويا فكان زوجا
وأبا. وكان يعمل في التجارة ويعي الغنم. وكان يحارب ويصاب في الحروب
ويمرض..ثم مات....
ولمـا كان الرسول(صلي الله عليه وسلم) قوة جبارة, فيمكن أن يقال أيضا انه أعظم زعيم سياسي عرفه التاريخ.
وإذا
استعرضنا التاريخ..فإننا نجد إحداثا كثيرة تقع دون إبطالها
المعروفين..مثلا: كان من الممكن أن تستقل مستعمرات أمريكا الجنوبية
عن أسبانيا دون أن يتزعم حركاتها الاستقلالية رجل مثل سيمون بوليفار.. وهذا ممكن جدا. علي أن يجيء أي إنسان ويقوم بنفس العمل.
ولكن
من المستحيل أن يقال ذلك عن البدو..وعن العرب عموما وعن إمبراطوريتهم
الواسعة, دون أن يكون هناك محمد(صلي الله عليه وسلم)..فلم يعرف العالم كله
رجلا بهذه العظمة قبل ذلك.وما كان من الممكن أن تتحقق كل هذه الانتصارات
الباهرة بغير زعامتة وهدايتة وايمان الجميع به.
ربما ارتضي بعض
المؤرخين أمثلة أخرى من الغزوات الساحقة.. كالتي قام بها المغول في القرن
الثالث عشر. والفضل في ذلك يرجع إلي جنكيز خان. ورغم إن غزوات جنكيز خان
كانت أوسع من غزوات المسلمين, فأنها لم تدم طويلا.. ولذلك كان اقل خطرا
وعمقا.
فقد انكمش المغول وعادوا إلي احتلال نفس الرقعة التي كانوا يحتلونها قبل ظهور جنكيز خان.
وليست
كذلك غزوات المسلمة.. فالعرب يمتدون من العراق إلي المغرب. وهذا الامتداد
يحتوي دولا عربية. لم يوحد بينها الإسلام فقط. ولكن وحدت بينها اللغة
والتاريخ والحضارة.ومن المؤكد أن إيمان العرب بالقران. هذا الأيمان
العميق.هو الذي حفظ لهم لغتهم العربية وأنقذها من عشرات اللهجات الغامضة.
صحيح أن هناك خلافات بين الدول العربية وهذا طبيعي. ولكن هذه الخلافات يجب
الأ تنسينا الوحدة المتينة بينها.
مثلا: لم تشترك إيران المسلمة
واندونيسيا المسلمة في فرض حظر البترول علي العالم الغربي فمابين(1973
و1974). بينما نجد أن الدول العربية البترولية قد شاركت جميعها في هذا
الحظر.
وهذا الموقف العربي الموحد يؤكد لنا, إن الغزوات
العربية التي سادت القرن السابع. ما يزال دورها عميقا وأثراها بليغا في
تاريخ الإنسانية حتى يومنا هذا.
فهذا الامتزاج بين الدين والدنيا هو الذي جعلني أومن إن محمد(صلي الله عليه وسلم) هو أعظم الشخصيات أثرا في تاريخ الإنسانية كلها
إسحاق نيوتن هو أعظم العلماء أثرا في تاريخ الإنسانية, ولد يوم الكريسماس
سنة 1942.وهي نفس السنة التي توفي فيها الفلكي الإيطالي جاليليو. .ولد
إسحاق نيوتن بعد وفاة أبية.
ولم تظهر علية ملامح الذكاء وهو طفل,
ولكن ظهرت براعته في قدرته علي استخدام يدية. فظنت امه انه ممكن إن يكون
ملاحا بارعا أو نجارا نشيطا, فاخرجية من المدرسة, بعد إن شكا مدرسوه انه
لاينتم كثيرا بما يقولون. ولكنة يكد يبلغ الثانية عشرة من عمره حتى أخذا
يقرا بلهفة كل شيء.. وحتى دخل جامعة كمبريدج. وفي الجامعة قرأ كل ما وقع
تحت يدية من الكتب. وفي الحادية والعشرين من عمره ارسي كل النظريات التي
زلزلت العلم الحديث بعد ذلك.
وكان نيوتن يسوغ نظرياتة سرا. ولم يعلن
عنها إلا بعد إن اكتملت تماما. ويعدان جربها وثبت له إنها صحيحة مائة في
المائة.وأولي نظرياتة الخاصة بالضوء.فهو أول من اهتدي إلي إن الضوء مكون من
كل ألوان الطيف,
كما انه درس قوانين انعكاس الضوء وانكساره.
وصنع أول تلسكوب عاكس في سنة( 1668م), وهو نفس التلسكوب المتطور الذي يستخدم في المراصد الفلكية اليوم.
وواحد
من أعظم اكتشافاتة هو حساب التفاضل والتكامل الذي اهتدي إليه وهو في
الواحد والعشرين من عمره. وهو أساس لكل العلوم النظرية الحديثة, وإذا لم
يكن قد ابتدع إلا هذا فقط, فأنة نكفية فخرا وشرفا, وبضعة في مكانة من هذه
القائمة..
ولكن أعظم اكتشافاتة كلها هو قوانين الحركة والحزبية
العامة.. ولو نظرنا إلي العلوم التي فكر فيها الإنسان في عصر نيوتن, نجد
انه هو أعظم الذين أضافوا إليها من عبقرية...
ربما كان السياسيون
والمصلحون ابرز أثرا في حياة الناس بعد نيوتن, ولكن المهم هو إن حياة الناس
قد أصبحت شيئا أخر بعد ظهور نيوتن.. فهو أعظم العلماء أثرا في فكر الإنسان
وفي حياته.. توفي نيوتن في سنة (1727م ), وكان أول من دفن في مقابر
العظماء في لندن.
اثر المسيح علية السلام علي البشرية هوي ضخم, ولا احد يناقش في إن يكون
وضعه قمة هذه القائمة, والسوال: كيف إن المسيح صاحب أكثر الأديان أثرا في
الإنسانية لم يكن أول هذه القائمة.... ؟
ولاشك إن المسيحية بمرور
الوقت, أصبحت اكبر الديانات عددا. وعلي كل فليس المهم في هذه الدراسة هو
اثر الديانة في الناس, ولكن اثر أصحاب هذه الديانة فيهم. والديانة المسيحية
تختلف عن الإسلام, فالمسيحية لم يؤسسها شخص واحد, وإنما أقامها اثنين:
المسيح علية السلام والقديس بولس, ولذلك يجب إن يتقاسم شرف إنشاءها هذان
الرجلان.
فالمسيح علية السلام قد ارسي المبادىء الأخلاقية للمسيحية.
وكذلك نظرتها الروحية وكل ما يتعلق بالسلوك الانسانى.إما مباديء اللاهوت
فهي من صنع القديس بولس. فالمسيح هو صاحب الرسالة الروحية, ولكن القديس
بولس أضاف إليها عبادة المسيح. كما إن القديس بولس هو الذي إلف جانبا كبيرا
من (العهد الجديد)وكان المبشر الأول للمسيحية في القرن الأول للميلاد.
وقد
توفي المسيح لية السلام وهو ما يزال شابا علي خلاف محمد(صلي الله عليه
وسلم)وترك المسيح وراءه عددا من الحواريين, وعند وفاة المسيح ألف اتباعية
طائفة يهودية صغيرة.ولكن القديس بولس هو الذي جعل هذه الفئة الصغيرة هيئة
كبيرة نشطة شملت اليهود وغير اليهود, حتى أصبحت المسيحية واحدة من الديانات
الكبرى..
ولهذه الأسباب, فان عدد من الباحثين يرون إن مؤسس الديانة
المسيحية هو القديس بولس, وليس السيد المسيح.وهذا يؤدي إلي أن نضع القديس
بولس قبل السيد المسيح في هذه القائمة, وليس واضحا ما كان سيئول إليه أمر
المسيحية, لولا القديس بولس, ولكن من المؤكد أيضا انه لا مسيحية بغير
المسيح !
وليس من المنطق في شيء إن يكون السيد المسيح نفسه مسئولا
عن الذي إضافته الكنيسة أو رجالها إلي الديانة المسيحية.فكثير مما أضافوه
يتنافى مع تعاليم المسيح نفسه. فالحروب بين المسيحين, وذبح المسيحين
لليهود, تناقض تماما كل الذي دعا إليه السيد المسيح علية السلام, ويستحيل
أن يقال أن السيد المسيح هو الذي أوصي بهذا كله.
وإذا كانت العلوم
تطورت في العالم الغربي المسيحي, فليس من المنطق أن يقال أن المسيحية هي
المسؤلة عن نهضة العلوم في القرن العشرين قرنا الماضية, فلم نجد في شروح
رجال الدين المسيحي, من يقول إن المسيحية تدعو إلي التأمل في الكون أو
الدعوة إلي التفكير
المعروف وهو يشرع. وسنة الميلاد ليست مؤكدة. وان
كان يقال انه قد ولد قبل السنة التي اجمع عليها رجاله بست سنوات, حتى سنة
وفاة التي اجمع عليها حوارية, وليست معروفة ولا مؤكدة.كما إن المسيح لم
يترك وراء ورقة واحدة مكتوبة.. وكل ما لدينا من معلومات عن حتاتة إنما هو
مستمد من (العهد الجديد).
اسممه جوا تاما بوذا. واسمه الأصلي الأمير سيد هارت. مؤسس الديانة البوذية
احدي الديانات ألكبري. وأبوه كان حاكما لأحدي المدن في شمال الهند علي حدود
مملكة نيبال.وتزوج في السادسة عشرة من عمره احدي قريباته وفي مثل السنة.
وقد ولد الأبهة والفخامة, ولكنه كان في غاية التعاسة.فقد لاحظ أن أكثر
الناس فقراء, وأن الأغنياء أشقياء أيضا, وأن الناس جميعا ضحايا المرض
والموت بعد ذلك.
وقد فكر بوذا كثيرا, واهتدي إلي أنه يكون لابد أن يكون في هذه الحياة العابرة شيء أبقي وأنقي من كل ذلك.
وعندما
بلغ الحادية والعشرين من عمره وبعد ميلاد ابنه, قرر أن يهجر هذه الحياة
وأن يتفرغ تماما للتأمل في أمر هذه الدنيا وان يبحث عن الحقيقة. ترك كل شيء
وتحول إلي متسول مفلس, ودرس علي أيدي عدد من رجال الدين, وبعد أمضي بعض
الوقت اكتشف أن الحلول التي يتقدمون بها لمشاكل هذه الحياة ليست كافية.وكان
من المعتقد في ذلك الوقت أن الحل الوحيد لمتاعب الدنيا هو الزهد فيها فزهد
في كل شيء.وامضي سنوات لاياكل إلا القليل ولا يشرب إلا القليل. ولكنة عاد
فاكتشف أن تعذيب الجسد.يملأ العقل ضبابا ويحجب عن النفس الحقيقة فعدل عن
الزهد إلي حتاتة العادية يأكل ويشرب ويجلس إلي الناس.
وفي العزلة أمسك بخناق مشاكل الناس.
وفي
احدي الليالي بينما كان يجلس تحت شجرة تين, تساقطت عند قدميه هموم الدنيا
كلها, وعرفها.واهتدى إلي حلها, وامضي بوذا الليل كاملا يتأمل. فلما طلع
علية النهار أيقن تمانا أنه عرف الحقيقة, وانه أصبح{بوذيا}ـ أي إنسانا
مستنيرا.
أما التعاليم البوذية فيمكن إيجازها في أنها تنطوي علي الحقائق النبيلة الأربع الآتية:
أولا: أن الحياة في أعماقها تعيسة.
ثانيا: أن سبب هذه التعاسة أنانية الإنسان وشهواته.
ثالثا: أن أنانية الإنسان وشهواته يمكن القضاء عليها عندما يصل الإنسان إلي
حالة (النرفانا)أي انعدام كل شيء في أعماقه.
رابعا:أن الوسيلة إلي الهرب من الأنانية هي أن نسلك طريق الحقائق الثماني
وهي:
النظرة الصحيحة. والفكرة الصحيحة. والكلمة الصحيحة
والعمل الصحيح. والحياة الصحيحة. والجهد الصحيح
والفهم الصحيح. والتأمل الصحيح.
والبوذية مفتوحة علي كل الناس دون تفرقا من لون أو جنس, علي عكس الديانة الهندوكية المتعصبة.
وبعد
وفاة بوذا انتشرت الديانات البوذية علي مهل. ففي القرن الثالث قبل الميلاد
تحول الإمبراطور الهندي أشوكا إلي الديانة البوذية مما أدي إلي انتشارها
في الدول المجاورة جنوبا في سيلان وشرقا في بورما والملايو واندونيسيا
وشمالا إلي أفغانستان: كما أنها دخلت الصين وأصبح لها أتباع كثيرون. ومن
الصين انتقلت إلي كوريا واليابان.
وفي الهند نفسها انحسرت الديانة
البوذية حتى سنة 500 ميلادية. ثم اختفت تماما في سنة 1200. ولكن بقيت
البوذية منتشرة في الصين واليابان وظلت الدين الرسمي في التبت ودول آسيوية
أخري كثيرة.
ولم تسجل تعاليم بوذا ألا بعد وفاة بوقت طويل. كما أن ديانته هذه قد انشقت بعضها علي بعض.
ولا
شك أن بوذا نفسه كواحد من مؤسسي الديانات الكبرى يستحق أن يتصدر هذه
القائمة.لولا أن عدد البوذيين في العالم لا يتجاوزون مائتي مليون. بينما
عدد المسلمين 700 مليون, وعدد المسيحين ألف مليون. ومعني ذلك أن أثره كان
اقل بكثير من الأثر الذي تركه محمد(صلي الله عليه وسلم), والسيد المسيح
علية السلام.
أما لماذا انحسرت البوذية في الهند. فسبب ذلك هو أن الديانة الهندوكية قد اشتملت علي معظم مبادىء البوذية.
ولكن
البوذية رغم ذلك تحتوي علي قدر من السلام والدعوة إليه أكثر مما جاء في
الإسلام والمسيحية. ولا شك أن مبادىء السلام وترك العنف قد كان لها أعمق
الأثر في الحياة السياسية لكل الدول التي أمنت بالبوذية.
وقد قيل
حقا وبصدق, انه لو عاد السيد المسيح إلي الحياة لفزع من هذه الجرائم التي
ارتكبت باسمه وبين المؤمنين به. فكم من الحروب الدموية قد نشبت بين الشعوب
المسيحية في أوربا وكذلك لو عاد بوذا إلي الحياة لوجد أن أشياء
كثيرة قد قيلت علي لسانه, وأن أساليب في الحياة قد اتخذها أتباعة, لم يكن يستريح هو إليها.
ومن المؤكد أن أثر بوذا علي أتباعة أكبر وأعمق مما تركت تعاليم المسيح علي إتباعه.
وقد
كان لكل من بوذا الهند وكونفوشيوس الصين أثر متقارب علي أتباعما. فكلاهما
عاش في وقت واحد. وليس هناك فارق كبير بين عدد أتباع الرجلين.
وقد اخترت بوذا قبل كونفوشيوس لسببين:
أواهما:أن الشيوعية في الصين تفوقت علي الديانة الكونفوشية وذلك تكون البوذية أكبر عددا وأقوى أثرا.
ثانيـا:أن
الكونفوشية قد فشلت في أن تترك أثرا خارج الصين. وهذا يدل علي أن
كونفوشيوس كان قريبا إلي المزاج الديني في الصين فقط. وهذا هو الفارق بين
ديانة بوذا وديانة كونفوشيوس. فبوذا استطاع أن يذهب بتعاليم إلي أبعد من
حدود الهند
هو أول فيلسوف صيني يفلح في إقامة مذهب كل الأفكار الصينية عن السلوك
الاجتماعي والأخلاقي. ففلسفته قائمة علي القيم الأخلاقية الشخصية وعلي أن
تكون هناك حكومة تخدم الشعب تطبيقا لمثل أخلاقي أعلي. وقد ظلت هذه الأفكار
تتحكم في سلوك الناس أكثر من ألف سنة.
ولد كونفوشيوس سنة 511 في
ولاية لو في شمال الصين. مات أبوه وهو طفل. فعاش مع أمة في فقر شديد.
وعندما كبر عمل موظفا في الحكومة. ثم اعتزل العمل الحكومي وبعدها أمضي ستة
عشر عاما من عمره يعظ الناس متنقلا من مدينة إلي مدينة. وقد التفت حوله عدد
كبير من الناس, ولما بلغ الخمسين عاد إلي العمل في الحكومة. ولكن استطاع
بعض الحاقدين عليه أن يطردوه من الحكومة, فترك لهم البلاد كلها. وامضي بعد
ذلك ثلاثة عشر عاما مبشرا متجولا. وثم عاد ليقيم في بلدته خمس سنوات. هي
التي بقيت له من العمر. وقد توفي سنة (479 ق.م).
وكثيرا ما وصف
كونفوشيوس بأنه ِأحد مؤسسي الديانات الكبرى, وهذا تعبير غير دقيق فمذهبه
ليس دينيا. فهو لا يتحدث عن الله عز وجل أو السماوات. وإنما مذهبة: هو
طريقة في الحياة الخاصة والسلوك الاجتماعي والسياسي. ومذهبة يقوم علي الحب ـ
حب الناس وحسن معاملتهم والرقة في الحديث والأدب في الخطاب. ونظافة اليد
واللسان.
ويقوم مذهبة علي احترام الأكبر سنا والأكبر مقاما, وعلي
تقديس الأسرة وعلي طاعة الصغير للكبير وطاعة المرآة لزوجها. ولكنه في نفس
الوقت يكره الطغيان والاستبداد.
وهو يؤمن بان الحكومة إنما أنشئت
لخدمة الشعب وليس العكس. وأن الحاكم يجب أن تكون عنده قيم أخلاقية ومثل
عليا. ومن الحكم التي اتخذها كونفوشيوس قاعدة لسلوكه تلك الحكمة القديمة
التي تقول:{أحب لغيرك ما تحبه لنفسك}.
وكان كونفوشيوس محافظا في النظرية إلي الحياة فهو يري أن العصر الذهبي للإنسانية كان وراءها ـ أي كان في الماضي.
وهو
لذلك كان يحن إلي الماضي ويدعو الناس إلي الحياة فيه... ولكن الحكام علي
زمانه لم يكونوا من رأيه ولذلك لقي بعض المعارضة. وقد اشتدت هذه المعارضة
بعد وفاته ببضع مئات من السنين, عندما ولي الصين ملوك أحرقوا كتبه وحرموا
تعاليمه..ورأوا فيها نكسة مستمرة. لأن الشعوب يجب أن تنتظر أمامها. بينما
هو يدعو الناس إلي النظر إلي الوراء.. ولكن ما لبثت تعاليم كونفوشيوس أن
عادت أقوي مما كانت وانتشرت تلاميذه وكهنته في كل مكان.. واستمرت فلسفة
كونفوشيوس تتحكم في الحياة الصينية قرابة عشرين قرناـ أي من القرن الأول
قبل الميلاد حتى نهاية القرن التاسع عشر بعد الميلاد.
أما إيمان أهل الصين بفلسفة كونفوشيوس فيعود إلي سببين:
اولآ: أنه كان صادقا مخلصا. لاشك في ذلك.
ثانيا: أنه شخص معقول ومعتدل وعلمي. وهذا يتفق تماما مع المزاج الصيني.
بل
هذا هو السبب الأكبر في انتشار فلسفتة في الصين. وهو بذلك كان قريبا منهم.
فلم يطلب إليهم أن يغيروا حياتهم أو يثوروا عليها. وإنما هو أكد لهم كل ما
يؤمنون به فوجدوا في تعاليمه. ولذلك ظلت فلسفة كونفوشيوس صينية. ولم
تتجاوزها إلا إلي اليابان وكوريا..
ولكن هذه الفلسفة قد انحسرت
تماما عن الصين. وبعد أن تحولت إلي الشيوعية واتجهت الصين إلي المستقبل
وانتزعت نفسها من هذه الديانة وذلك بالبعد عن الماضي ومسالمة الناس في
الداخل والخارج. صحيح أن فلسفة كونفوشيوس للصين سلاما وأمنا داخليا أكثر من
عشرين قرنا هي التي حققت.
ولكن نحن لا نستبعد بعد خمسين أو مائة
سنة أن يظهر فيلسوف صيني جديد يقوم بالتوفيق التام بين تعاليم كونفوشيوس
وماوتسي تونج وكلاهما صيني مائة في المائة
انه بولس الرسول, وكان معاصرا للمسيح علية السلام, وهو أكبر المبشرين
بالمسيحية. وكان أثره في الديانة المسيحية هائلا. أهم وأعظم من كل كتابها
ومفكريها.
وبولس يسمونه شاؤول أيضا. ولد في مدينة طر سوس بتركيا
القديمة. وعلي الرغم من أنه روماني الجنسية فانه يهودي الديانة. وقد درس
اللغة العبرية في شبابه. وتلق علومه في القديس. وكان يتاجر في الخيام.
وعندما ذهب إلي القدس تتلمذ علي الحاخام الشهير جماليل. وعلي الرغم من أن
القديس بولس قد زار القدس في زمن المسيح عليه السلام فانه لم يلتق به.
وبعد
وفاة السيد المسيح كان أتباعه يلقون التعذيب الشديد بتهمة الكفر وقد ساهم
القديس بولس نفسه في اتهام أتباع المسيح بالزندقة. ولكن في رحلـــة للقديس
بولس إلي دمشق رأي السيد المسيح في نومه. وبعدها تحول إلي المسيحية وكانت
نقطة تحول في حياته وفي المسيحية نفسها. فالرجل الذي كان عدوا للمسيحية
أصبح من أئمة دعاتها وأعظم أعمدتها. .
ومن ذلك الحين أمضي القديس
بولس حياته كلها يكتب عن المسيحية ويدعو لها.. فدخلها الكثيرون.. وقد سافر
كثيرا يدعو ويبشر ويقنع الناس بالإيمان. فسافر إلي تركيا القديمة وبلاد
الإغريق وسوريا وفلسطين. ولم يكن القديس بولس واعظا موفقا عندما كان يتحدث
إلي اليهود. حتى وصفوه بأنه داعية الأميين أي غير اليهود. ولم يستطيع أحد
أن يقوم بمثل هذا الدور من قبله أو من بعــده.
وترجع عظمة القديس بولس إلي تبشيره بالديانة المسيحية. والي ما كتبه عنها. إلي تطويره لأصول الشريعة المسيحية.
فمن بين السبعة والعشرين سفرا من كتاب {العهد الجديد} نجد أن القديس بولس قد ألف أربعة عسر سفرا. .
ومن أهم أفكاره: أن يسوع المسيح لم يكن فقط نبى
و
القديس بولس أعلن أنه لا داعي للتمسك بكثير من الشعائر اليهودية في الطعام
والطهارة. ولا التمسك بتعاليم موسي عليه السلام.لأن تطبيق هذه الشعائر,
وليس كافيا لخلاص الإنسان. وأنما الإيمان الحق هو الذي يحقق للإنسان خلاص
روحه وجسده .
و القديس بولس لم يتزوج. بل لم يقرب امرأة. وكان له
رأي في المرآة والجنس والزواج. وهذا الرأي قد ترك أثرا عميقا في الفكر
الأوروبي. يقول في رسالته الأولي {إلي أهل كرونثوس}:
أقول لغير
المتزوجين وللأرامل أنه خير لهم أن يبقوا مثلي. ولكن إذا لم يستطيعوا أن
يضبطوا أنفسهم فليتزوجوا. لأن الزواج أصلح. وأما المتزوجين فأوصيهم بألا
تفارق المرآة رجلها. وان فارقته فلتبق بغير زواج. أو لتصالح زوجها. ولا
يترك الرجل امرأته.
ويقول القديس بولس في رسالته إلي {تيوثاوس} إن
علي المرآة أن تتعلم في سكون وخضوع. ولا أسمح لها بأن تتسلط علي الرجل.
فادم قد خلقه الله قبل حواء .
و القديس بولس إنما يردد أفكار شائعة في زمانه. ولكن السيد المسيح لم يكن يبشر بشيء من هذا الذي قاله بولس الرسول.
وبولس
الرسول هذا هو المسئول الأول عن تحويل الديانة المسيحية من مجرد طائفة
يهودية إلي ديانة كبري. وهو المسئول الأول عن {تاليه} المسيح. بل إن بعض
فلاسفة المسيحية يرون أنه هو الذي أقام المسيحية وليس المسيح. ولكن ما كان
يمكن أن يكون لبولس هذا القدر العظيم لولا المسيح نفسه .
هذا الرجل هو الذي اخترع الورق, ولم يرد اسمه كثيرا في الموسوعات الكبرى
ولكن ليس معني ذلك أنه نكرة. أو لم يكن له وجود حقيقي. ولكن تسي أي لون كان
موظفا بالبلاط الإمبراطوري الصيني. وأنه بسبب اختراعه للورق قد لقي الكثير
من التقدير الإمبراطوري العظيم.
ثم أن الحياة في حاشية الإمبراطور
قد أصابته بمرض الحاشية. وهو الدخول في المؤامرات والدسائس التي أودت به في
النهاية, ولكن بعد أن سجل أعظم اختراع عرفته البشرية وهو صناعة الورق,
فقبل هذا الاختراع كان الإنسان يسجل تاريخه علي الخشب وعلي الحجر وعلي جلود
الحيوانات أو علي أوراق البردي. كما كان يفعل الفراعنة والإغريق.
وقد
حصل العرب في القرن السادس غلي الورق الصيني. ولم يمضي وقت طويل حتى تمكن
الشرقيون في سمرقند {في الاتحاد السوفييتي الآن} من صناعة الورق علي
الطريقة الصينية. . واحتكر العرب صناعة الورق. ثم نقلها الأوروبيون عنهم. .
وتطورت صناعة الورق أسرع ,اكبر تنوعا مما عرفها الصينيون.
وأصبح الورق شيئا مألوفا الآن. ولا يمكن لأحد أن يتصور كيف يكون شكل الحضارة الإنسانية بغير الورق.
ولابد
أن يكون جمود الحضارة الصينية سببه أنها لم تطور صناعة الورق. . وهي بذلك
لم تطور تسجيل الحضارة الإنسانية وتناقلها من جيل إلي جيل.
فقد كان
العالم الصيني يحتاج إلي عربة ضخمة لكي ينقل كتابا واحدا من مكان إلي مكان.
بينما الآن يستطيع الإنسان أن يضع في جيبه الصغير كتابا من ألف صفحة. بل
انه يستطيع أن يضع مكتبة من ألف كتاب في جيبه الصغير. إذا صورها علي فليم
أيهما يستحق أن يجئ أسبق في الترتيب: تسي أي لون أو هذا المخترع الألماني جوتبرج؟
إن
جوتبرج قد اخترع الطباعة. . أو علي الأصح قد أخترع الحروف التي توضع إلي
جوار بعضها البعض, ثم توضع فوقها الورق ثم يضغط عليه فتكون الصحيفة
المطبوعة. إن هذا الاختراع عظيم. ولكنه ما كان يمكن أن يكون عظيما لو لم
يكن هناك ورق. فالورق يجئ قبل الطباعة. ومخترع الورق أسبق في سلم العظمة من
مخترع الطباعة.
ولد يوهــان جوتبرج في مدينة مينسي بألمانيا. وهذا
الرجل هو الذي ابتدع الحروف المصقولة والمنفصل بعضها عن البعض, والتي يمكن
ربطها وشدها فتتكون منها جميعا كتلة واحدة توضع فوقها الصفحات. . وقد دفع
جوتبرج بتسجيل التاريخ إلي مرحلة باهرة. ولم يكن هذا الرجل تاجرا ناجحا,
فهو لم يكسب شيئا من وراء هذا الاختراع. بل انه عندما طبع الكتاب المقدس
نسي أن يكتب اسمه علي صفحات الكتاب المقدس.
وقد استغرقته المشاكل
والقضايا, ثم استغراقه. ومضى فيه دون أن يدري أنه حقق للإنسانية إنجازا
رائعا. فهو الذي ابتدع الحروف. وهو الذي ابتدع أماكن ثابتة لها, ثم انه هو
الذي ابتدع مكانا للحبر في اله الطباعة وبمنتهي الدقة.
وبعد اختراع المطبعة تقدمت أوربا بصورة هائلة لم تعرفها الإنسانية في عشرات القرون قبل ذلك.
وإذا
كنا لنستطيع ألان أن نقول أن جرا هام بل إذا لم يكن قد اخترع التليفون,
فمن المؤكد أن واحدا غيره كان سيفعل ذلك وفي نفس الوقت تقريبا: فانه
بالنسبة لجوتبرج
إذا لم يخترع الطابعة, فان هذا الاختراع يتأخر
ظهوره عدة أجيال, وبسبب ما للطباعة من أثر في الحضارة الإنسانية استحق
جوتبرج هذا الشرف العظيم في قائمة الخالدين .
كولمبوس أراد أن يكشف الشرق فاكتشف امريكا. وهو بذلك قد فتح باب الاكتشافات
والاستعمار للعالم الجديد. وكان أثره في التاريخ الإنساني أكبر بكثير جدا
مما كان يتوقع. انه قد أعطي لأوربا قارتين أخريين, وأعطاها مناجم للمعادن
ومصادر لا نهائية للمواد الخام.
كولمبوس إيطالي ولد في مدينة جنوة
سنة 1451م. وعمل بحارا وترسبت في نفسه فكرة قوية هي أنه يمكن العثور علي
طريق للشرق عن طريق عبور المحيط الأطلنطي. وأقنع الملكة ايزابيلا ملكة
أسبانيا بالأنفاق علي هذا المشروع
بدأت رحلته يوم 3 أغسطس سنة 1492.
وتوقفت سفينة عند جزر الكناريا بالقرب من الشاطي الأفريقي. وباحرت جزر
الكناريا يوم 6 سبتمبر. واتجهت إلي الغرب. وكانت رحلة طويلة شاقة. وقد فزع
البحارة وفكروا في العودة. ولكنه أصر علي المضي في الرحلة. وفي يوم 12
أكتوبر سنة 1492 رأوا الأرض من بعيد. وعاد إلي أسبانيا ولقي استقبالا
عظيما. ثم قام بثلاث رحلات أخري. ولكنه لم يهتد إلي الصين أو اليابان. كما
كان يحلم !
وكانت الملكة قد وعدته بان يكون حاكما علي كل أرض
يكتشفها. ولم يكن كولمبوس ادريا ناجحا. ولذلك فسرعان ما أعادوه إلي أسبانيا
مكبلا بالسلاسل في يديه وقدميه . .
وهناك كثيرا من الشكوك حول قيمة هذا الإنجاز العظيم الذي حققه كولمبوس .
فيقال مثلا أن بحارا بروجيا كان قد سافر إلي امريكا قبل ذلك هو ايفأ يكسون
, ولكن اكتشافه هذا لم يحقق الثورة الهائلة في الحياة السياسية والاقتصادية والفكرية في أوربا .
ولكن كولمبوس استطاع أن يهز أوربا كلها, وأن يوجه كل شئ فيها إلي العالم الجديد, والحضارات القديمة, والموارد التي لا حدود لها .
ومن
صفات كولمبوس هذا أنه كان عنيفا وكان عصبيا وكان نحيلا جدا. وقد تأخر
مشروعه هذا بسبب المساومات العنيفة التي دارت بينه وبين ملكة أسبانيا.
وبينه وبين رجال البلاط, ولكن كولمبوس فد عامل الهنود الحمر في امريكا
معاملة وحشية.
ولو كنا نرتب هؤلاء العظماء حسب سلوكهم الأخلاقي.
لجاء مكانه قرب النهاية. ولكننا نتحدث عن أبعد الناس أثرا في التاريخ
الإنساني . ولذلك فمكانه, ولا شك, عند القمة .
أعظم علماء القرن العشرين وأكبرهم شهرة. وقد ارتبط اسمه بنظرية {النسبية}.
وهناك نظريتان تحملان هذا الاسم. واحدة أعلنها سنة 1905 وهي نظرية {النسبية
الخاصة}. والثانية أعلنها سنة 1915 واسمها {النسبية العامة}. وكلتاهما في
غاية التعقيد. ولا يستطيع أي إنسان أن يشرحها في مجلة أو لعامة الناس مهما
أوتي من القدرة علي التوضيح.
ولكن سوف أضرب مثلا علي ذلك. وأن لم
يكن واضحا فهو واضح الغموض. أو هو دليل واضح علي صعوبة وغموض هذه النظرية.
المثل: لنفرض أن سفينة فضاء انطلقت بسرعة مائة ألف ميل في الثانية بعيدا عن
الأرض. والذي يرقبها من الأرض والذي يرقب ألأرض من السفينة سوف تتطابق
معلوماتهما تماما. وإذا انطلقت سفينة أخري بسرعة مائة وثمانين ألف ميل في
الثانية بعيدا عن الأرض. فان الذي يرقبها من الأرض ورائد السفينة الذي يرقب
بعدها من الأرض ستكون معلوماتهما متطابقة تماما,
ولكن رائد السفينة
الأولي سيلاحظ أن السفينة الثانية تسبقه بثمانين ألف ميل في الثانيةـ هذا
ما نقوله نحن. ولكن نظرية أينشتين تؤكد أن هذا خداع. وأن الحقيقة أن
السفينة الثانية تسبقها بمائة ألف ميل في الثانية. كيف؟ هذا هو لغز النظرية
التي أرهقت العلماء في القرن العشرين. ولم تثبت صحتها إلا بعد ذلك بعشرات
السنين عندما رصد الفلكيون كسوف الشمس من أماكن مختلفة من العالم.
وانشتين
له نظريات أخري هزت الرياضيات والفيزياء أيضا. ولكن أينشتين يجئ في
المرتبة التالية بعد نيوتن. لأن نيوتن أوضح وأقدر علي الإقناع. ولأنه صاحب
الفضل الأول والأخير علي ثورته في الطبيعة. أما أينشتين. رغم عبقريته
العظيمة, فقد سبقه كثيرون مهدوا لنظريته هذه.
ثم أن أينشتين هو أول
من طلب إلي الحكومة الأمريكية أن تعجل بإكمال القنبلة الذرية قبل أن يهتدي
إليها الألمانـ وقد ندم علي ذلك فيما بعد !
و أينشتين هو صاحب المعادلة المشهورة التي تقول:
الطاقة = الكتلة مضروبة في مربع سرعة الضوء !
وهذه المعادلة تقيس بالضبط كمية الطاقة التي تنطلق من ذرة يورانيوم ـ أي عندما تتحول الذرة إلي طاقة حرارية !
وقد
ولد أينشتين في مدينة أولم في ألمانيا. وأكمل دراسته في سويسرا. وتجنس
بالجنسية السويسرية. ودرس في معاهدها. ثم إعلان نظرية النسبية الأولي والتي
فكر فيها وهو شاب دون العشرين, انتقل إلي العمل في ألمانيا في جامعاتها.
ثم مديرا لمعهد الإمبراطور الفلكي.
حصل علي جائزة نوبل في الفيزياء.
ولأنه يهودي فقد هرب من النازية سنة 1933 إلي أمريكا. وحصل علي الجنسية
الأمريكية. وظل أستاذا في جامعة نستون حتى وفاته.
كان زواجه الأول
تعيسا. أما زوجته الثاني فقد أنجب ولدين. وقد طلب إليه اليهود أن يكون أول
رئيس لإسرائيل. فاعتذر. وأن كان صهيونيا متطرفا. ولكنه في نفس الوقت يكره
الإرهاب.أما إيمانه الديني فهو أقرب إلي الصوفية. . أو أقرب إلي هذه
العبارة: إن العقل الإنساني صغير لدرجة أنة يعجز عن فهم هذا الكون فكيف
يفهم خالق الكون؟ إنها قضية أكبر من العقل. أي عقل !
وكان بسيطا في
حياته. وكان يحب العزف علي الكمان. وكان يري أن الموسيقي هي الرياضيات.
فعبر الرياضيات لا موسيقي. وبغير الموسيقي لا إحساس بجمال الرياضيات.
وكان يقول: انه في كل مرة يعجز فيها عن فهم مشكلة في الرياضيات يستمع إلي موسيقي موتسارت.
وكان
يحسد مؤلفي القصص البوليسية: لأن مؤلف القصة يعرف من هو القاتل الحقيقي ثم
بخفية عن القراء. وكان يقول: يا بخت مؤلفي القصص البوليسية إنهم يعرفون
الحقيقة التي لا تعرفها ولا ندري كيف تعرفه
لباقى الشخصيات على الموقع التالى
https://www.facebook.com/media/set/?set=a.108709352477022.16314.100000138730982
ضع تعليقك :///////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////